الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- في ختام هذه السورة؛ سورة محمد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد:33] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[محمد:34] {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:35] {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}[محمد:36] {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}[محمد:37] {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد:38]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد:33]، دعوة من الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين وأمر لهم، يُخاطِبهم الله بيا أيها الذين آمنوا رفعًا لشأنهم؛ وتهييجًا لهم على العمل، لأن مسمى الإيمان هو أشرف الأسماء؛ وأعلاها، وأحسنها، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ}، أمر بأن يُطيعوا الله -تبارك وتعالى- طاعة مطلقة، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، فإن طاعة الرسول طاعة الله -تبارك وتعالى-، فإن الرسول هو الذي أرسله الله -تبارك وتعالى- وبالتالي طاعته طاعة لله -عز وجل-، {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، ولا تُبطِلوا أعمالكم بالكفر والرِدَّة عن الدين، فإنكم إذا إرتدتم عن الدين أبطل الله -تبارك وتعالى- أعمالكم، وكذلك {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، في النفقة بالمَن والأذى، فإن النفقة إذا مَنَّ الإنسان بها أو إذا أذى بها أبطلها، وكذلك إذا رائى بعد أن لم يكن مُرائيًا في أول الأمر ولكن إذا رائى؛ ومَنَّ بها، وتمدَّح بها بعد أن تُعرَف عنه فإنه أبطلها كذلك، وكذلك بارتكاب الموبقات؛ فإن الأعمال الموبقة تُحبِط كذلك العمل الصالح، {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.
ثم قال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[محمد:34]، هذا إخبار وقضية حتمية؛ حتمها الله -تبارك وتعالى-، إن الذين كفروا بالله؛ كفروا بالإيمان، {وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، صدوا بأنفسهم وصدوا غيرهم عن الدخول في دين الله، سبيل الله؛ طريق الله -تبارك وتعالى-، صراطه المستقيم الذي أوضحه لعباده بهذه الشرائع النيرة الطيبة؛ فهذا سبيل الله -تبارك وتعالى-، هذا سبيل الله المستقيم، {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ}، إذا استمروا في كفرهم وصدهم عن سبيل الله وحصل لهم الموت وهم على هذه الحالة {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، هذا خبر مستقبلي، وهذا أمر مقطوع ولا استثناء له، {فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، فإن مَن أتى ربه كافرًا؛ مجرمًا، مات على الكفر والشرك فهذا قد انتهى أمره، هذا مُخلَّد في النار ولا يغفر الله -تبارك وتعالى- ذنبه قط، وإنما المغفرة هي لِمَن لم يمت على الكفر والشرك، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}، خلاص لِمَن مات على ذلك، {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، ويغفر ما دون ذلك؛ ما دون الكفر والشرك، فإذا مات إنسان وهو على غير الكفر والشرك وكانت له معاصي ولو كبائر فإنه يدخل الجنة في نهاية الأمر، كما في حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- أنه قال «مَن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، فقال أبو ذر يا رسل الله وإن زنا وإن سرق؟ فقال وإن زنا وإن سرق، فقال يا رسول الله وإن زنا وإن سرق؟ فقال وإن زنا وإن سرق، فقال في الثالثة وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبي زر»، فهذا لِمَن لم يمت على الكفر، ولكن مَن مات على الكفر فإن الله -تبارك وتعالى- لا يغفر ذنبه قط؛ لا صغيره ولا كبيره، فالله -تبارك وتعالى- هنا يخبر ويُحذِّر عباده المؤمنين من أن يرتدوا بعد إيمانهم؛ وأن مَن مات على الكفر فإن الله -تبارك وتعالى- لا يغفر له.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[محمد:34]، فهذا أمر قط قطعه الله -تبارك وتعالى- وأخبر أنه لن يغفر لِمَن مات على الكفر، ولا يقبل الله -تبارك وتعالى- فيه أي صورة من صور الإقالة؛ فلا يُقيله، لا يخرجه من النار، لا يقبل فيه شفاعة، لا يرده إلى الدنيا ليُصحح أمره ويعود إلى الإيمان مرة ثانية خلاص، كل أبواب الخروج من إصر ذنب الكفر الذي يموت عليه صاحبه ليس هناك مخرج منه قط؛ لا انتهاء العذاب في الجحيم -عياذًا بالله-، ولا شفاعة يقبلها الله -تبارك وتعالى- من أحد في الكافر، ولا خروج وعودة إلى الدنيا مرة ثانية، ولا فدية، لو كان يملك الفدية وأتى بملء الأرض ذهبًا فإنها لا تُقبَل منه، ولا تدركه رحمة الله -تبارك وتعالى- والله أرحم الراحمين، لكن رحمته -سبحانه وتعالى- لا تنال مَن مات على الكفر والشرك، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[محمد:34].
ثم قال -جل وعلا- {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:35]، هذا حض للمؤمنين بأن يظلوا في الجهاد، وجمع الله -تبارك وتعالى- لهم كل مُسببات العزيمة والقوة والبقاء في أمر الله -تبارك وتعالى- بالجهاد، قال {فَلا تَهِنُوا}، تهِنوا؛ تضعفوا، الوهن؛ الضعف، يعني لا تضعفوا عن الجهاد في سبيل الله، {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}، تدعوا إلى مُسلامة العدو وهو في غطرسته وقوته وحربه لكم فتكونوا أنتم الذين تميلون إلى السَلم، وإنما أخبر الله -تبارك وتعالى- بأن الميل إلى السَلم من أهل الإيمان بعد أن يميل أولئك؛ بعد أن يضعفوا، قال {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}، إذا جنح الكافر للسَلم نعم؛ يجنح له أهل الإيمان إذا طلبوا مُسالمة المسلمين، لكن في الوقت الذي يظل في الكافر قائمًا ومُحاربًا للإسلام فالله -تبارك وتعالى- يقول لا تدعوا إلى السَلم، بل اصبروا؛ وكونوا في نحر العدوا، وواجهوه، واثبتوا على الجهاد في سبيلي، {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ........}[محمد:35]، هذا إخبار من الله -تبارك وتعالى- بأنهم الأعلون؛ الأعلون على الكفار، لابد أن يُعليكم الله -تبارك وتعالى- وأن ينصركم، {وَاللَّهُ مَعَكُمْ}، الله -سبحانه وتعالى- معكم بنصره؛ بتأييده، بقوته -سبحانه وتعالى-، ومَن كان الله -تبارك وتعالى- معه فإنه لا يُخاف عليه، لا يمكن أن يكون مآله إلى الخسار؛ والنهاية، والهزيمة... لا، بل الله معهم -سبحانه وتعالى-.
ثم {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، يتركم؛ يُخليكم من هذه الأعمال، يمنع عنكم، الموتور هو الذي يبقى وِترًا بعد أن يذهب صفيُّه؛ خليله أو ماله، ومنه قول النبي -صل الله عليه وسلم- «مَن ترك صلاة العصر فكأنما أُوتِر أهله وماله»، أُوتِر أهله وماله يعني كأنه فقد أهله وماله وبقي وِترًا؛ بقي وحده، يعني أنه حُبِطَ عمله الذي له وبقي وحده، {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، يعني لن يُخليكم ممن أعمالكم ولن يمحوا أعمالكم عنكم التي عملتموها في الجهاد في سبيل الله، بل قد أخبر -سبحانه وتعالى- بأن كل عمل يعمله المُجاهِد في سبيل الله يكتب الله -تبارك وتعالى- لهم به أجر، {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ........}[التوبة:120]، فأصبحت أي مشقة -وإن كانت غير مقصودة- تنال وتقع على المُجاهِد في سبيل الله؛ الله -تبارك وتعالى- يكتب له بها أجر عنده -سبحانه وتعالى-، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ}، إذا عطش في الجهاد، {وَلا نَصَبٌ}، تعب، {وَلا مَخْمَصَةٌ}، جوع في سبيل الله، {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ}، أغاظوا الكفار بأي صورة من الصور؛ وإن كان استعراض لقوتهم أمامهم، {وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا}، أي نيل، {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}، أن هذا عمل من الأعمال الصالحة يُكتَب لهم أجره عند الله -تبارك وتعالى-.
{وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً}، هذا العمل الاختياري، يعني الله -تبارك وتعالى- ذكَرَ الأعمال غير الاختيارية؛ فالإنسان قد يُصيبه الظمأ، والنَصَب، والتعب، لا يختار هذا وإنما يقع عليه بحُكم الجهاد، ثم الأعمال الاختيارية ذكَرَها الله -تبارك وتعالى- قال {وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا}، هذا يقطع واديًا مُجرد أنه يمشي ليقطع وادي في الأرض، {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ}، فذكَرَ الله -تبارك وتعالى- أنه يكتب للمُجاهِد كل عمله سواءً ما يقع منه دون قصد منه؛ كالجوع، والنَصَب، والتعب، أو يقع منه بقصد منه؛ كالإنفاق في سبيل الله، والخروج إلى العدو، فكل هذه الأعمال تُكتَب لصاحبها عند الله -تبارك وتعالى-، فالمُجاهِد منذ أن يخرج من أرضه وبيته إلى أن يعود هو في الجهاد في سبيل الله، ليس هذا فقط بل فرسه الذي أوقفه في سبيل الله، كل أمر يفعله هذا الفرس سواءً كان باختيار من صاحبه؛ يعني بمسير إلى العدو، أو بفعل من الفرس -وهو حيوان- بدون قصد فيُكتَب لصاحبه، فهذا الفرس إذا استنَّ شرفًا أو شرفين على عادة الفرس يركض؛ يروح يركض إلى مكان عالي ويرتفع، فهذا يكون كل خطواته حسنات لصاحبه، بوله، روثه، شربه، طعامه؛ كلها في حسنات صاحبه، الله -تبارك وتعالى- يجعل بهذا كله حسنات لهذا الذي قد ربط فرسه في سبيل الله، يقول النبي «وإذا ذهب فشرب منه وهو لا يُريد أن يُسقيه»، غصبًا عنه الفرس مال إلى النهر ليشرب منه وصاحبه لا يُريد أن يسقيه، «كتب الله -تبارك وتعالى- بشرب هذا الفرس حسنات لصاحبه»، فهذا عمل المُجاهِد في سبيل الله، ثم هو عمل مشكور كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله»، فإذا عين باتت تحرس في سبيل الله خلاص؛ هذه لا يمكن أن يجعلها الله -تبارك وتعالى- في النار، ثم الفترة قال الرسول «من قتل فواق ناقة وجبت له الجنة»، فواق الناقة اللي هي الفترة ما بين الحلبتين؛ ساعتين، ثلاث ساعات، إذا قاتل في سبيل الله هذه الفترة وجبت له الجنة، الذين حضروا مع النبي في بدر خلاص؛ قال الله -تبارك وتعالى- لهم «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»، بس الذين وقفوا هذا الموقف مع النبي -صلوات الله عليه وسلم- فجاهدوا معه في بدر، قال الله -تبارك وتعالى- لهم ...، النبي يقول «وما يُدريك الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
النبي قال مَن يحرسنا الليلة من العدو؟ فقام رجل من المسلمين وخرج إلى أعلى الجبل وحرس المسلمين من العدو في الليلة، فأخبره النبي -صل الله عليه وسلم- أنه قد وجبت له الجنة، وأنه لا عليه ألا يعمل بعد ذلك، يعني أنه لو لم يعمل خيرًا بعد ذلك فإنه داخل جنة الله -تبارك وتعالى-؛ فهذا أمر عظيم، فقول الله -تبارك وتعالى- لهم {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، يعني أن الله -تبارك وتعالى- لا يمكن أن يجعلكم في يوم القيامة خلوًّا من هذه الأعمال، بل سيكتب الله -تبارك وتعالى- لكم كل أعمالكم، {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:35]، هذه الآية جمعت كل الأمور التي تحُض على الجهاد، ما في حض على الجهاد أبلغ من هذا؛ كلام الله -تبارك وتعالى-، أولًا الله الذي يقول لهم لا تهِنوا؛ لا تضعفوا، {وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}، فأول شيء أنتم الأعلون؛ هذا إخبار من الله -تبارك وتعالى- أنكم الأعلون على الكفار، {وَاللَّهُ مَعَكُمْ}، إخبار منه -سبحانه وتعالى-، {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، أعمالكم كلها مكتوبة عند الله -تبارك وتعالى-، ولن يُخليكم الله -تبارك وتعالى- من أعمالكم.
ثم بعد ذلك هوَّن الله -تبارك وتعالى-، الإنسان يترك الجهاد لِما؟ للدنيا، فهوَّن الله -تبارك وتعالى- من شأن الدنيا فقال {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}[محمد:36]، {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا}، إنما؛ بالحصر، {الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}، لعب كأنها بالأبدان ولهو بالقلوب، فهي في نهاية الأمر لعب ولهو، شُغل بالأموال والأولاد، ولعب هنا، ولعب هنا، والكسب هنا، والكسب هنا، لكنها في النهاية كأنها لعب لاعب ولهو يتلهَّى به الإنسان عن الأمر العظيم، واللهو هو ما يتلهَّى به الإنسان عن أمر أعظم منه، {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}[محمد:36]، وإن تؤمنوا بالله -تبارك وتعالى- وتتقوا؛ تخافوه -جل وعلا-، {يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ}، ونِعمَ الأجر من الله -تبارك وتعالى-، الأجر على العمل القليل يُعطي الله -تبارك وتعالى- ما لا عين رأت؛ ولا أُذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، الجنة ليست ثمن للعمل؛ لا يمكن أن تكون ثمن للعمل، إنما هي عطاء من الله -تبارك وتعالى- يفوق العمل، «لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها»، فأقل شيء في الجنة أفضل من كل الدنيا، الدنيا وما فيها لو جُمِعَت فإنها لا تساوي شبر في الجنة، موضع السوط فيها؛ بضعة سنتمترات في الجنة هو خير من الدنيا وما فيها، بل نصيف المرأة الذي تضعه على رأسها في الجنة لو وُضِعَت الدنيا كلها وما فيها في مقابل هذا النصيف هو أفضل منها، «ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها»، من ناحية القيمة والثمن لا يكن أن تكون للجنة شيء، لو كل الدنيا كلها ما تساوي شجرة في الجنة، فالرب -تبارك وتعالى- قال {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ}، أجوركم العظيمة، أجركم العظيم عنده -سبحانه وتعالى-، ثم قال {وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}، ولا يسألكم أموالكم يعني أن تُخرِجوها في سبيل الله.
قال {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}[محمد:37]، يعني لو أن الله -تبارك وتعالى- سألكم أموالكم؛ يعني كل مال كسبتموه أنفقوه في الجهاد، {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ ........}[محمد:37]، الإحفاء هو بمعنى الاستئصال، ومنه قول النبي -صل الله عليه وسلم- «أُحفوا الشوارب وأُعفوا اللحى»، أُحفوا الشوارب قيل بمعنى استأصلوها؛ أخذها من أصلها، أو إنهاكها؛ أن يُنهَك شعرها ولا يبقى إلى القليل فيها، فيُحفِكم بمعنى أنه يأخذ مالكم أول بأول؛ كل شيء كسبتموه يأمركم بأن تُنفِقوه في سبيله، يسألكموها؛ أي جميعها، {فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا}، يقول قد يقول قائل ما هذا الذين الذي يأمرنا بأن ننفق كل أموالنا؛ ويأخذ مِنَّا كل أموالنا؟ {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}، ويخرج أضغانكم يعني قد تظهر الكراهة للدين الذي يأمرهم أن يُنفِقوا كل أموالهم، وكما يُقال المال شقيق الروح، فإذن سيذهب الإنسان ماله أولًا بأول ويُطالِبهم الله بألا يُبقوا عندهم مال؛ والله له أن يسأل عباده هذا، ولكنه أخبر -سبحانه وتعالى- أنه رحيم بعباده وأنه لا يطلب منهم بالإنفاق في سبيل الله إلى القليل؛ دينار من أربعين دينا، اللي هو نصف العُشر؛ إثنين ونصف في المائة، فهذا موجِب الزكاة وهو قليل، فلم يطلب الله -تبارك وتعالى- من المؤمن وجوبًا أن يخرج أصل ماله وإنما النفقة الواجبة في سبيل الله هي نفقة الزكاة؛ اللي هي ربع العشر، {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ........}[محمد:37]، والبخل اللي هو الإمساك؛ الشُّح، والضن، {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}.
ثم قال -جل وعلا- {هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، هاأنتم؛ إشارة لهم، هؤلاء؛ يعني يا هؤلاء، {تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، تُدعَون بما لم يُسمى فاعله والذي يدعوهم هو الله -سبحانه وتعالى-؛ الرب الغني -سبحانه وتعالى-، ويدعوهم النبي -صلوات الله عليه وسلم-، {لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، قال -جل وعلا- {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ}، منكم أيها الناس مَن يبخل عن النفقة في سبيل الله، قال -جل وعلا- {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}، مَن يبخل عن الإنفاق في سبيل الله لا يبخل عن الله -تبارك وتعالى-، وإنما يبخل عن نفسه لأن نفقتك التي تُنفِقها إنما هي لك؛ ولك بأضعاف مُضاعَفَة، فإن النفقة -أي نفقة- حدُّها الأدنى عشر مرات، مَن أنفق دينار فإن الله -تبارك وتعالى- يحسبه له كأنه أنفق عشر دنانير، «مَن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها»، لكن النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضِعف؛ انظر هذه الأضعاف، الحد الأدنى في أي عمل صالح وفي أي نفقة بأنها تكون عشرة، لكن إذا كانت في سبيل الله في الجهاد بسبعمائة ضِعف إلى أضعاف كثيرة؛ قد تكون أضعاف أكثر من هذه، كما في قول الله -تبارك وتعالى- {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ........}[البقرة:261]، سبعة في مائة بسبعمائة، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، فهذه النفقة في سبيل الله.
جاء رجل بناقة مخطومة قال «يا رسول الله هذه ناقة»، يعني في سبيل الله، فقال له النبي «لك بها سبعمائة ناقة مخطومة»، يعني أن الله -تبارك وتعالى- يكتب عمله كأنه تصدَّق بسبعمائة ناقة بهذه الصورة؛ مخطومة في سبيل الله، ثم يكون له بعد ذلك الأجر على هذا، فهذا الذي يبخل عن الإنفاق في الجهاد بُخله عن نفسه؛ أنه بدل ما كان سيأخذ هذا الأجر بخِل عن نفسه، وإلا فإن النفقة في صورتها أنها لله وفي سبيل الله ولكن في حقيقتها وواقعها أنها تعود على صاحبها الذي أنفقها، {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}، والله الغني عن عباده -سبحانه وتعالى-؛ فهو المُستغني عنهم -سبحانه وتعالى-، فإنه يطلب وإن كان طلب النفقة وأحيانًا يطلبها الله -تبارك وتعالى- على صورة القرض؛ فهو مُستغنٍ -سبحانه وتعالى- عن عباده، كما قال -جل وعلا- {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[البقرة:245]، فإن كان الله -تبارك وتعالى- هنا يطلب النفقة في سبيله على صورة القرض فإنه هو الغني -سبحانه وتعالى-؛ الغني عن عباده، «يد الله ملئى سحَّاء الليل والنهار، ألم تروا ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؛ فإنها لم تُغِض ما في يمينه»، فالله الغني عن عباده غِنى أولًا بأنه هو مالِك المُلك كله -سبحانه وتعالى-؛ المُلك كله له، وكذلك هو في غير افتقار إليهم فإنه مُستغنٍ بذاته -سبحانه وتعالى-، كل ما أمر به الله -تبارك وتعالى- يمكنه أن يُقيمه -سبحانه وتعالى- دون العباد؛ بدون الخلْق -سبحانه وتعالى-، فالله مُستغنٍ عن كل خلْقِه -جل وعلا-، فلو شاء الله -تبارك وتعالى- أن ينتصر من الكفار لانتصر بدون أن يُجاهِد أحد، ولكن إنما هو تكليف من الله -تبارك وتعالى- للمؤمنين ليكون لهم بهذا السبيل الأجر والمثوبة عنده -سبحانه وتعالى-، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:6]، والإنفاق إذا طلب الله -تبارك وتعالى- الإنفاق من العباد فهو مُستغني؛ فهو الذي أعطاهم المال، يعني المال ماله والعطاء عطائه -سبحانه وتعالى-، وإذا طُلِبَ منهم أن يُنفِقوا في سبيل الله فإنما من مال الله الذي أعطاهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة:254].
{وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}، العبد هو الفقير؛ هو المحتاج إلى الله -تبارك وتعالى-، فقر المخلوق للخالق فقر جِبِلِّي خَلْقي، يعني هو بالضرورة فقير إلى الله -تبارك وتعالى- سواء وعى لهذا الافتقار أو لم يعي، الكافر لا يعي هذا؛ يظن أنه مُستغنٍ بما عنده من العرَض، {كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى}[العلق:6] {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}[العلق:7]، فيطغى إن رأى نفسه استغنى، وهو في الحقيقة لا يستغني لأن ما في مخلوق يستطيع أن يستغنى عن الخالق قط؛ لا عرش الله، ولا كرسيه، ولا سماواته، ولا ملائكته، ولا إنسه، ولا جِنه، ولا بحاره، كل هذا الخلْق مفتقر في وجوده وبقائه لله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ........}[فاطر:41]، هذا الإنسان المخلوق لا يتردد نفَسَهُ في صدره ولا تُنظَّم دقات قلبه ولا تقوم أجهزته بالعمل إلا بالأمر الكوني القدري من الله –تبارك وتعالى-؛ فهو الذي أنشأه، وهو الذي يُحييه، وهو الذي يُميته، وإدارة كل خلاياه وكل عمله إنما هي بتنظيم الرب -تبارك وتعالى- وبإقامة الرب، والإنسان ما يملك أن يُنظِّم قلبه وما عنده مُنظِّم للحرارة في جسده؛ وأن يجعل خلاياه تعمل بصورة منتظمة، كل هذا إنما هو إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فعل الله -عز وجل-، فكل مخلوق فقير لربه فقر جِبِلِّي خَلْقي، المؤمن يرى هذا الافتقار والكافر لا يراه، الكافر لا يرى أنه مفتقر إلى الله ويظن أنه مُتستغنٍ عن الله، والمؤمن يرى نفسه أنه فقير ومحتاج إلى ربه -سبحانه وتعالى-؛ محتاج إليه في بقائه، محتاج إليه في رزقه، محتاج إليه في نجاته، محتاج إليه في جنته، فيظهر هنا افتقاره إلى الله -تبارك وتعالى- وحاجته فيدعوا الله -تبارك وتعالى-، يدعوا الله -تبارك وتعالى- بكل خير يُريده وبكل ضُر يُريد أن يدفعه لأنه لن يفعل هذا إلا الله -تبارك وتعالى-، {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ}.
ثم قال -جل وعلا- {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا}، يعني عن نُصرة الدين، تتوَلَّوا؛ تُعرِضوا، بعد أن يدعوكم الله -تبارك وتعالى- إلى الجهاد؛ والإنفاق في سبيله، وقتال الكفار، قال -جل وعلا- {يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}، قوم أخرين غير العرب، هذا الآن خطاب للعرب المُنزَل لهم هذا القرآن والموجَّه إليهم، قال وإن تتوَلَّوا عن نُصرة الدين يستبدل قومًا غيركم؛ قومًا أخرين، أمة أخرى من غير العرب لتقوم بنصر هذا الدين، {ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، في القعود عن الجهاد وفي الخوف من الأعداء لا يكون أمثالكم في هذا، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- ناصر هذا الدين بمَن ينصره من العرب إذا قاموا، وقد قال -تبارك وتعالى- مثل هذا الخطاب لعباده المؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ........}[المائدة:54]، وقد هيأ الله -تبارك وتعالى- لهذا الإسلام على مدار القرون مَن يقوم له ممَن ينصره، وقد قامت شعوب كثيرة لم تكن من العرب قامت ؛ قام من الأكراد الأيوبيين، قام من الأتراك والمغول، قام العثمانيون، قامت السلاجقة، قامت شعوب كثيرة بنصر هذا الإسلام عندما تخلَّى عنه مَن تخلَّى، كل مَن يتخلَّى عنه فإن الله -تبارك وتعالى- يُبدِل مَن يقوم لله -تبارك وتعالى- به، {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، فهذا خطاب ماشٍ إلى قيام الساعة، وأن الله -تبارك وتعالى- مؤيد دينه بمَن شاء من عباده -سبحانه وتعالى-، ولكن هذا تحذير للعرب أن يتركوا نُصرة دين الله -تبارك وتعالى-؛ وأن يظلوا مع هذا الدين الذي أعزهم الله -تبارك وتعالى- به، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يسلكنا في سلك عباده الصالحين.
استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.