الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيد الأولين والآخرين؛ محمد ابن عبد الله -صلوات الله والسلام عليه-.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}[الفتح:15] {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:16] {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:17] {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح:18] {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}[الفتح:19]، يخبر -سبحانه وتعالى- نبيه -صل الله عليه وسلم- أن المُخلَّفين وهم الذين لم يُطيعوا أمر الله -تبارك وتعالى- وأمر رسوله؛ عندما ندبهم النبي -صل الله عليه وسلم- إلى الخروج إلى مكة مُعتمِرين، ثم قد يلقى كيد من الكفار فندب النبي المسلمين أن يخرجوا من المدينة وممَن حولها، فتخلَّف عن النبي -صلوات الله والسلام عليه- طائفة من هؤلاء؛ من القبائل التي حول المدينة، وكان سبب تخلفهم هو ظنهم أن النبي لن يعود مرة ثانية إلى المدينة؛ وأنه إذا ذهب مكة سيستأصله وسيقتله المشركون، وقالوا في أنفسهم وقال بعضهم لبعض يعني قوم غزوا النبي في عُقر داره؛ جائوا إلى المدينة يغزوه كما جائوا في أُحُد وجائوا في الخندق، هو يذهب إليهم إلى ديارهم؛ والله لن يعودوا، فأقسموا بأن النبي لن يعود لا هو ولا أحد من المسلمين؛ وكان هذا سبب تخلفهم، وعلِمَ الله -تبارك وتعالى- ما في قلوبهم لمَّا أظفر الله -تبارك وتعالى- نبيه وكان هذا الفتح العظيم في الحديبية؛ وعاد النبي، قال مُعتذِرين للنبي -صل الله عليه وسلم- أن الذي أقعدنا عن الخروح معك إنما شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا.
قال -جل وعلا- {........ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[الفتح:11] {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا}[الفتح:12] {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا}[الفتح:13]، وفتح الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء باب التوبة والرجوع إليه -سبحانه وتعالى-، فقال {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الفتح:14]، ولكن الله -تبارك وتعالى- حرمهم من غنيمة أعدها الله -تبارك وتعالى- وهيأها لأهل الإسلام؛ الذين صدقوا مع النبي -صل الله عليه وسلم-، وخرجوا معه في الحديبية وكانوا ألف وأربعمائة من المسلمين، هؤلاء وَعَدَهم الله -تبارك وتعالى- بغنيمة يأخذونها وهي خيبر، النبي لمَّا عاد من الحديبية مكث في المدينة إلى شهر صَفَر من السنة السابعة، ثم خرج إلى خيبر في صَفَر، فعند ذلك أراد هؤلاء المُخلَّفون أن يخرجوا مع النبي -صلوات الله والسلام عليه-، فأخبرهم بأن الله -تبارك وتعالى- جعل هذه الغزوة التي سيكون فيها هذه الغنيمة التي وعَدَهم الله -تبارك وتعالى- بها؛ أنها لن تكون إلا لهؤلاء فقط الذين خرجوا إلى مكة.
قال -جل وعلا- {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا}، وهذا أيضًا إخبار بأمر مستقبلي من الله -تبارك وتعالى- وقع كما أخبر به الله -تبارك وتعالى-؛ ليكون هذا آية كذلك للمؤمنين، قال {إِلَى مَغَانِمَ}، عِلمًا خرجوا إلى قوم يُحاربوهم؛ وحاربوهم، وقم مُحصَّنين في حصونهم، كان لليهود في خيبر سبع حصون مُحصَّنة وبين هذه الحصون أنفاق تحت الأرض تصل بين كل حِصن وحِصن، وكانوا يستطيعون أن تكون مؤنتهم من طعامهم وشرابهم عندهم مقدار سنة؛ ولا يحتاجون إلى أن يخرجوا من هذه الحصون، ولكن الله -تبارك وتعالى- أنزلهم منها وغنمها المسلمون، {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ}، اتركونا نتَّبِعكم، قال -جل وعلا- {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}، وذلك في جعل هذه الغنيمة خاصة بهؤلاء، {قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا}، وهذا أيضًا من ضلالهم وبُعدِهم عن الحق، أنهم ظنوا أن أمرهم بالقعود وعدم الخروج في هذه من باب الحسَد؛ أن يشركوهم في الغنيمة، قال -جل وعلا- {بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.
ثم ندب الله -تبارك وتعالى- هؤلاء المُخلَّفين إلى القتال في سبيل الله -تبارك وتعالى-، قال {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ}، اللي هم هؤلاء القبائل حول المدينة، {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}، ستُدعَون بالبناء لِما لم يُسمى فاعله، والداعي من خلفاء الإسلام أو من النبي -صلوات الله والسلام عليه-، {........ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:16]، واختلفت عبارة المُفسِّرين في هؤلاء القوم الذين سيُدعى إليهم هؤلاء ليُقاتلوهم؛ فقيل أنهم الروم، وقد ندب النبي -صل الله عليه وسلم- في السنة التاسعة المسلمين إلى قتال الروم؛ واستنهضهم لذلك، وطبعًا كان هذا عدو شديد البأس، فالروم أهل الحرب وقادتها قد ساحوا في الأرض كلها حربًا من أوروبا التي فتحوها؛ وفتحوا شمال أفريقيا، وفتحوا كل غرب آسيا إلى أن دخلوا إلى الصين، وكانوا في هذا الوقت هم أعظم الدول وجودًا وقوة عسكرية في الأرض، وهم أكبر من العرب أعدادًا هائلة، فقيل أن كان لهم في هذا الوقت أكثر من أربعة ألف ألف جندي في بلاد الشام وفي مصر، فهم قوم أولي بأس شديد وهؤلاء هم الذين سيُدعَون إليهم، ولكن هذا القول ممكن أن يرِد عليه قول الله -تبارك وتعالى- هنا {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}، فإن الروم كانوا نصارى وإن قتالهم لم يكن للقتال أو الإسلام؛ يعني أن يُسلِموا أن يُقتَلوا، وإنما كان الحد في قتالهم هو أداء الجِزية كما قال -تبارك وتعالى- {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة:29]، فقد جعل الله -تبارك وتعالى- الحد الذي يُقاتِلون إليه هو أداء الجِزية وليس الإسلام أو القتل، وإنما الإسلام أو القتل إنما كان في العرب فقط، فلذلك قال مَن قال بأن هؤلاء إنما هم قِتال المُرتدين؛ قتال بني حنيفة، إلى قوم تُقاتلونهم أو يُسلِمون؛ يعني تُقاتلونهم على الإسلام، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «أُمِرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوا ذلك فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله»، وقد جعل الله -تبارك وتعالى- للعرب المُهلة بعد فتح مكة أربع أشهر؛ أربع أشهر فقط مدة البقاء على الكفر، ثم إما الدخول في الإسلام وإما القتل، قال -جل وعلا- {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[التوبة:1] {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}[التوبة:2]، فأولًا هذا نقض أو هذا إبطال لكل العهود التي قطعها النبي مع الكفار؛ اللي هي العهود المُطلقة، وليس العهود المقيدة بمدة زمنية، وإلا فالعهد المقيد بمدة زمنية قال -تبارك وتعالى- {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}، أما العهود المطلقة التي كان فيها موادعة ومُهادنة بين الرسول وبين الكفار هذه خلاص؛ أُلغيَت، {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[التوبة:1]، ثم أمهلهم الله أربع أشهر، قال {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}[التوبة:2].
ثم قال -جل وعلا- {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[التوبة:5]، فلم يجعل العفو عنهم وتخلية سبيلهم إلا بالإيمان، قال {فَإِنْ تَابُوا}، أي عن الشرك، {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، فهذا في العرب، ثم لمَّا ارتدَّت العرب طبعًا النبي -صل الله عليه وسلم- أُعلِمَ هذا، دخلت العرب في دين الله -تبارك وتعالى- أفواجًا بعد فتح مكة، وبعد انتهاء هذه المدة كان العرب كلهم قد دخلوا في دين الله -تبارك وتعالى- أفواجًا، وأسلمت الجزيرة كلها لله ورسوله، ولكن بعد وفاة النبي -صلوات الله عليه وسلم- ارتدَّت العرب، ارتدَّ مُعظم الناس حتى إنه لم يبقَ أن الجمعة تُقام إلى في المدينة ومكة والطائف فقط، وأما بقية أمصار الجزيرة فقد تُرِكَت صلاة الجمعة، وترك الناس الصلاة وبعض الناس بقيوا على الصلاة وامتنعوا عن الزكاة فهؤلاء قاتلهم الصِدِّيق -رضي الله تعالى عنه-، وقام بقتالهم حتى أنه أنفذَّ أحد عشرة جيشًا في وقت واحد؛ كلٌ إلى ناحية من النواحي التي ارتدَّت فيها العرب حتى أزعن العرب بعد ذلك ورُدُّوا إلى الإسلام، فقال مَن قال هنا من أهل التأويل إن {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}، هم قبائل العرب التي ارتدَّت بعد وفاة النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ وكان أشدهم هم بنوا حنيفة، ولذلك يقول خالد ابن الوليد -رضي الله تعالى عنه- "قاتلت فارس والروم؛ لم أجد قتالًا أشد من قتال بني حنيفة"، وقد وقع في المسلمين في قتال بني حنيفة مقاتل عظيمة، وقُتِلَ من المسلمين خلْق كثير وخاصة من حُفَّاظ كتاب الله -تبارك وتعالى-؛ القرآن، وهذا الذي دعى بالصِدِّيق والفاروق -رضي الله تعالى عنهما- إلى جمع القرآن خوف أن يضيع، فإن عمر قال لأبي بكر الصِدِّيق "إن القتل قد استحرَّ في القُرَّاء"، يعني في قتال بني حنيفة، "وإني أخشى إن استمر ذلك أن يضيع قرآن كثير"، أن يضيع القرآن بضياع حفَظَته، قال له "فاجمع القرآن"، ثم كان من شأنه في النهاية أن اتفقوا على جمع القرآن في مكان واحد، فجمعوا القرآن المكتوب في مكان واحد، ثم كُتِبَ هذا في عهد عثمان ابن عفان -رضي الله تعالى عنه-، فالشاهد أن هؤلاء كانوا أشد ناس قاتلوا أهل الإسلام.
لعل قول الله -تبارك وتعالى- {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}، هؤلاء المُرتدين، ومما يدل على ترجيح هذا القول قول الله -تبارك وتعالى- {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}، تُقاتلونهم أو يُسلِمون يعني إما الإسلام وإما القتل، {فَإِنْ تُطِيعُوا}، يعني أيها المُتخلِّفون؛ أيها المُخلَّفون عن الرسول، {يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا}، لهذا القتال، هذا ليس قتال غنيمة وإنما قتال شدة؛ وقد لاقى المسلمون فيه شدة عظيمة، {فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا}، يعني عندما تُدعَون إلى هذا القتال، {كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ}، عن النبي -صلوات الله عليه وسلم- عندما ندبكم للخروج فلم تخرجوا، {يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}، لأن الخروج للقتال فرض فرَضَه الله -تبارك وتعالى-، فإن الله قد كتب القتال على هذه الأمة، والقتال في هذه الحالة يكون فرض عيني يجب على المسلمين القيام به، فعندما ارتدَّت العرب أصبح القتال فرض عين على كل المسلمين الباقين أن يُقاتِلوا ليردوا عن الإسلام هذه الفتنة الكبرى والمصيبة العظمة التي حلَّت به؛ وهي ارتداد الناس عنه، لأنه لو تُرِكوا على رِدَّتهم لانتهى الإسلام، لانتهى الإسلام إما بالنقص منه وترك وهجر قواعده، كالذين قالوا خلاص؛ نُفرِّق بين الصلاة والزكاة، الزكاة لا تُعطى إلا للرسول؛ أما بعد الرسول لا زكاة، قالوا لا نُعطيها لابن أبي قُحافة، وإما الرِدَّة عن الدين كله كما ارتدَّ كثير منهم عن الدين كله، ومنهم من اتَّبَعَ نبي في زعمهم أنه نبي كذَّاب؛ وهو مُسيلمة الكذَّاب وسجاح، وكذلك الذين ارتدوا في اليمن واتبعوا الأسود العنسي، لقد كان هذا كفيلًا أن يُنهي الإسلام لو سكت الصِدِّيق عن هؤلاء لانتهى الإسلام، فلذلك أصبح القتال على أهل الإسلام فرض عيني واجب، لذلك خرج أبو بكر بنفسه -رضي الله تعالى عنه- للصحابة الذين ترددوا في الأمر؛ وظنوا أنه لا يُقاتَل من شهِدَ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قال "والله لأُقاتلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال"، لمَّا قيل لأبو بكر كيف تُقاتِل قومًا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟ فقال لهم "والله لأُقاتلنَّ مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة"، الذي يُصلي ولا يُزكي، قال لهم "الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه"، فكان قتال أبي بكر حق، وأصبح القتال في هذا الوقت فرض عيني على المسلمين يجب أن يقوموا به، لذلك قاموا به وكانت رِدَّة وكان لها أبو بكر الصِدِّيق -رضي الله تعالى عنه-، وقضى الله -تبارك وتعالى- على هذه الفتنة العظيمة، قال {........ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:16]، على التخلُّف عن هذا القتال الواجب الفرض.
ثم قال -جل وعلا- {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، هؤلاء هم أهل الأعذار في الخروج للقتال الذين عذرهم الله -تبارك وتعالى-، فإذا توجَّب القتال ولم يخرج هؤلاء فهؤلاء معذورون عند الله -تبارك وتعالى-، الأعمى؛ ومعلوم أن الأعمى لا يستطيع أن يقابل الأعداء وأن يقاتل، قال {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ}، والعَرَج لا شك أنه آفة تمنع صاحبها من أن يقاتل؛ بل يكون لُقمة للعدو، {وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، المريض كذلك من ضعفه عن القيام بأعباء القتال فله أن يجلس عن القتال الواجب، لكن طبعًا الاتفاق هنا على مثل هؤلاء لو خرجوا في المعارك فلا بأس بهم؛ يعني لا يحرُم عليهم الخروج، وإنما لا يجب عليهم الخروج، ولكن مَن أراد منهم أن يخرج فيخرج كما خرج بعض هؤلاء مع النبي -صلوات الله عليه وسلم-، خرج عمرو ابن الجموح -رضي الله تعالى عنه- وله أبنائه؛ خرج في أُحُد، ولمَّ قيل له إنك أعرج فقال للنبي "والله يا رسول الله إني لأرجوا أن أطأ بعَرَجتي هذه الجنة"، فخرج وحاول أولاده أن يُثنوه عن الخروج ولكنه خرج واستأذن النبي وخرج مع النبي -صلوات الله عليه وسلم-؛ وقاتل حتى قُتِلَ في المعركة، فإذا خرج المريض أو خرج الأعرج أو خرج الأعمى إلى القتال بتطوع منه فإن هذا أمر مُستحَب فضلًا عن أن يكون جائزًا، وقد كان في غزوة خيبر علي ابن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- كان يشتكي عينيه، حتى لمَّا قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- "لأُعطينَّ الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله"، ونظر المسلمون وكلٌ تمنَّى أن يُعطى هذه الراية، قال النبي هذا في الليل وتمنوا في الصبح وهم ينتظرون بعد صلاة الصبح مَن سيُعطي النبي الراية؛ وكلهم تمنَّاها، فنادى النبي -صل الله عليه وسلم- علي فقال "ادعوا عليًا"، فقالوا "إنه يشكوا عينيه"؛ رمد، وكان في عينيه رمد ويشكوا عينيه، ومعلوم أن هذا الذي يشكوا عينيه مريض وكذلك مُقفَل العينين هذا، ومع ذلك أعطاه النبي الراية -صلوات الله والسلام عليه-، وفتح الله -تبارك وتعالى- عليه، النبي -صل الله عليه وسلم- بارك على عينيه فكأنها لم تُصَب، وهذا من فضل الله -تبارك وتعالى- ومن بركات النبي -صلوات الله والسلام عليه-.
الشاهد من هذا أن قول الله -تبارك وتعالى- {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، في نفي الحرج اللي هو نفي الوجوب، وأما لو خرج هؤلاء استحبابًا فلا بأس أن يخرجوا استحبابًا في القتال، ثم قال -جل وعلا- {........ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح:17]، هذه قاعدة الجزاء عند الله -تبارك وتعالى-، {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَه}، في كل أمر، في كل ما أوجَد -سبحانه وتعالى-؛ ومما أوجبه -سبحانه وتعالى- هنا القتال، {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَه يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، هذا ثواب الطاعة، هذا ثواب الله -تبارك وتعالى- لِمَن أطاعه خاصة في هذه الأوامر العظيمة؛ الأمر بالقتال، يُدخِله جنات؛ بساتين، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، من تحتها يعني من تحت هذه الجنات؛ من تحت أشجارها، ومن تحت قصورها، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ}، أي عن طاعة الله وطاعة رسوله، {يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}، فهذا وعيد بأن مَن تولَّى عن طاعة الله -تبارك وتعالى- وطاعة رسوله عذَّبه عذابًا أليمًا، وهذا فيه دليل على أن الأعمال هذه جزء من الإيمان؛ وأن هذا وعيد على ترك العمل، فترك القتال في سبيل الله -تبارك وتعالى- فيه هذا الوعيد من الله -تبارك وتعالى-، ومَن يتولَّى عن طاعة الله وطاعة رسوله يُعذِّبه عذابًا أليمًا؛ وهذا العذاب الأليم نهايته هي النار -عياذًا بالله-، والنار أشد أنواع العذاب؛ يعني أشد ما يمكن أن يُعذَّب به الإنسان هو النار، وقد جعل الله -تبارك وتعالى- هذا الشيء الشديد لا عذاب أكبر من عذاب النار؛ هو عذابه لأعدائه يوم القيامة -عياذًا بالله-.
ثم قال -تبارك وتعالى- {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}[الفتح:18] {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}[الفتح:19]، هذا إخبار منه -سبحانه وتعالى- بأنه قد رضي عن المؤمنين الذين بايعوا النبي تحت الشجرة، ورضا الله -تبارك وتعالى- يعني أولًا الرضا هذا صفة من صفات الله -تبارك وتعالى- قائمة بذاته، ثم إن أثر رضوان الله -تبارك وتعالى- على العباد هذا لا يُحَد؛ ولا يمكن بلوغ نهاية وصفه، فإن الله -تبارك وتعالى- إذا رضي كافأ -سبحانه وتعالى- بمكافآت لا حدَّ لها، ومن رضوانه -سبحانه وتعالى- جنته، الجنة من رضوان الله -تبارك وتعالى- أعدها الله -تبارك وتعالى- لأهل رضوانه؛ يعني لِمَن رضي الله -تبارك وتعالى- عنهم، {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ}، وصفهم الله بهذا الإسم؛ أهل الإيمان، وهم الذين كانوا مع النبي في هذه الغزوة؛ وهم الألف وأربعمائة، {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}، حيثما كانوا يُبايعون النبي تحت الشجرة وقد كانت هذه البيعة على الموت؛ وعلى ألا يفروا، والشجرة هذه كانت شجرة سَمُرة؛ شجرة من شجر السَمُر، طبعًا ليست لكون هذه البيعة كانت تحت الشجرة أو كانت تحت حائط أو غيره وإنما ذُكِرَت هنا لبيان مُناسبة هذه البيعة؛ أو صفة هذه البيعة حيث كانت، يعني ليس للشجرة دخل في الرضوان وإنما سبب رضوان الله -تبارك وتعالى- هي هذه البيعة؛ والصدق الذي كان في قلوب المؤمنين عندما بايعوا النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وعندما وفوا بهذا الذي بايعوا النبي عليه، وبيعتهم للنبي إنما هي بيعة لله -تبارك وتعالى-، فالصفقة هم أعطوا أنفسهم لله -تبارك وتعالى- والله -تبارك وتعالى- أعطاهم الأجر العظيم؛ ومن هذا الأجر العظيمة الجنة.
{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}، من الصدق وأنهم صادقون في هذا، {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ}، السكينة هي الهدوء والطمأنينة؛ سكينة الإيمان، لأن هذا أمر يُزلزل القلب وهو أن الإنسان يُبايع على أنه سيموت، هذا العدو موجود وتُبايع على أنك تُقاتِل هذا العدو ولا تفر ولو قُتِلت، فهذا أمر يُزلزل القلوب من ما يحمله من الرعب؛ والخوف، وبيع النفس، وما يحمله بعد ذلك من الخوف على الأهل؛ وعلى الولد، وعلى ما يُخلِّفه الإنسان خلف ظهره، هذا خلاص معناه هذه نهاية المطاف ونهاية العُمر، فهذا أمر يُزلزل القلب لكن الله -تبارك وتعالى- جعل هؤلاء المؤمنين الذين يُبايعون النبي على هذا وهو يدفع هذا؛ هذا الثمن، يقول له قدِّمه؛ قدِّم روحك، فيقوم وهو مُستسلم لهذا؛ راضٍ بهذا، مطمئن بهذا، هذه هي السكينة، {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ}، هدوء القلب؛ وثباته، واستقراره، وأمنه، وأنه راضٍ بهذا كل الرضا، ثم قال -جل وعلا- {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، أتابهم ثواب؛ آجرهم، أعطاهم أجر وثواب على هذا الصدق فتحًا قريبًا، ما عجَّل الله -تبارك وتعالى- بأخذ أرواحهم كما عاهدوا على الأمر... لا، كان الأمر كأنه قَبِلَ الله -تبارك وتعالى- هذا الصدق منهم وأثابهم عليه، ولم يأخذ الصفقة التي عاهدهم عليها؛ وهي أرواحهم، لم يكتب الله -تبارك وتعالى- عليهم أن يُقتَلوا في هذه الغزوة، وإنما قَبِلَ الله -تبارك وتعالى- منهم صدقهم وأثابهم على هذا الأمر، وكأنه كان القصد هو الابتلاء؛ وأن يُظهِروا الصبر والثبات على هذا فيُثيبهم الله -تبارك وتعالى-.
كان هذا شبيه مما ابتلى الله -تبارك وتعالى- به إبراهيم من أن يذبح ابنه، {........ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[الصافات:102]، قال -جل وعلا- {فَلَمَّا أَسْلَمَا ........}[الصافات:103]، استكان لله -تبارك وتعالى-، {........ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}[الصافات:103] {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ}[الصافات:104] {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[الصافات:105]، قَبِلَ الله -تبارك وتعالى- من إسماعيل وإبراهيم ثباتهم؛ وصبرهم، وتنفيذهم أمر الله -تبارك وتعالى-، ولم يُنفِذ الله -تبارك وتعالى- هذا الأمر بأن يقتل إبراهيم ابنه، وأوفى الجزاء والعطاء لكل من إسماعيل وإبراهيم لاستجابتهم لأمر الله -تبارك وتعالى-، فهؤلاء كذلك قد عاهدوا الله -تبارك وتعالى- وهم صادقين فقَبِلَ الله -تبارك وتعالى- صدقهم وأثابهم فتحًا قريبًا، ما قال أثابهم الجنة وإنما قال أثابهم الفتح القريب ليُبيِّن أنه -تبارك وتعالى- أبقى على أرواحهم، وأبقى عليهم يعني أخذ الله -تبارك وتعالى- هذا الذي قدَّموه لله -تبارك وتعالى- وأعطاهم ثواب قريب في هذه الدنيا وهو الفتح؛ فتح مكة، أن يفتحوا مكة بل أن يفتحوا بعد ذلك العالم بفتح مكة، وقد مضى أن هذا الفتح إنما هو الصُلح؛ صلح الحديبية الذي وقع ولم يقع قتال، فإنه وقع الصُلح بعد ذلك ولم يقع قتال؛ وكان هذا فتح قريب، وقال النبي "والله إنه لفتح"، قال -جل وعلا- {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح:1] {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[الفتح:2] {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا}[الفتح:3]، فكان هذا الفتح القريب بعد ما تم الصُلح ولم يتم القتال؛ وأن يُقتَل المسلمون كما عاهدوا الله -تبارك وتعالى-، وإنما قَبِلَ الله -تبارك وتعالى- منهم هذا وأثابهم هذا الفتح القريب، فكان هذا جزاءً عظيمًا من الله -تبارك وتعالى- لهم.
نقف هنا وسنعود -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.