الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:9] {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الحجرات:10] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات:11]، يُنادي الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين -نداءً بعد نداء- في هذه السورة؛ سورة الحجرات، التي هي سورة الآداب، مجموعة عظيمة من الآداب أدَّبَ الله -تبارك وتعالى- بها عباده المؤمنين، بدأها أولًا بالأدب مع النبي -صل الله عليه وسلم- الذي يتكلم ويقول بسم الله -تبارك وتعالى-؛ فكلامه توقيع عن الرب -تبارك وتعالى-، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:3] {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:4]، فأمر ألا يُقدَّم بين يديه حتى يقول -صلوات الله والسلام عليه-، فلا قول إلا بعد قول النبي ولا فتوى إلا بعد فتوى النبي؛ والإفتاء من الله -تبارك وتعالى-.
بدأ الله -تبارك وتعالى- السورة بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[الحجرات:1]، يعني لا تقولوا حتى يقول ولا تُفتوا حتى يُفتي، ثم الأدب معه -صل الله عليه وسلم-، كامل الأدب بعدم رفع الصوت بحضرته حيًا وميتًا -صلوات الله والسلام عليه-، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ}[الحجرات:2]، وقد قلنا حيًا وميتًا فإنه كذلك لا يجوز رفع الصوت عند قبر النبي -صلوات الله والسلام عليه-، كما فعل عمر ابن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فإنه سمع رجلين عالية أصواتهما بالقُرب من قبر النبي -صل الله عليه وسلم-، فأمر بهما وكان هذا في خلافته فأُحضِرا، فقال لهما من أين أنتما؟ قالا من الطائف، قال لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربًا، أما تعلمان أنه لا يجوز رفع الصوت بحضرة النبي -صل الله عليه وسلم-؟ فأمر الله -تبارك وتعالى- المؤمنين بأن يتأدَّبوا عند رسول الله -صل الله عليه وسلم-؛ فلا يرفعوا أصواتهم فوق صوته -صل الله عليه وسلم-، الأول لا يقولوا حتى يقول؛ لا يرفعوا أصواتهم عنده -صل الله عليه وسلم-، وبيَّن -سبحانه وتعالى- بأن الذين يتأدَّبون معه ويغضون أصواتهم عنده هؤلاء هم الذين استجابوا لأمر الله -تبارك وتعالى-؛ وامتحن الله قلوبهم للإيمان، {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}[الحجرات:3].
ثم بيَّن أن هذه أخلاق الأعراب الذين كانوا يأتوا من البادية ويُنادون النبي من وراء الحجرات، كما فعل الأقرع ابن حابسة أو غيره وصار يصرخ والنبي كان في بيته، يصرخ؛ يا محمد اخرج لنا، فقال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}[الحجرات:4] {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الحجرات:5]، ثم أدب أخر، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6]، فأمر بالتثبُّت عند مجيء خبر الفاسق، والفاسق مؤمن لكن قد يكون فيه عجلة؛ في كذا، يحكُم بالظن، فأمر الله -تبارك وتعالى- بالتثبُّت في خبره، قال {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[الحجرات:7]، فلا يجوز أن يُنقَل إلى النبي -صل الله عليه وسلم- إلا خبر استوثِقَ منه؛ وأن ناقله مستوثق منه، وليس كما فعل ذلك الصحابي الذي أرسله النبي لأن يأتي بصدقات قوم، فرآهم قد خرجوا لاستقباله فظن أنهم قد خرجوا لحربه وخافهم، ثم رجع كارًا دون أن يستطلع الخبر وأن يتبيَّنه إلى النبي -صل الله عليه وسلم-، وأخبر النبي بأنهم منعوا زكاتهم واستعدوا للقتال؛ فالنبي تجهَّز لقتالهم، ثم إن الله -تبارك وتعالى- أعلمه وأوقفه على حقيقة الأمر، فأمر الله -تبارك وتعالى- بأن يُستوثَق في الخبر، {........ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6] {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}[الحجرات:7]، هذي نعمة عظيمة من الله، هذا تذكير من الله -تبارك وتعالى- لأصحاب النبي -صلوات الله والسلام عليه- بأن الله حبب إليهم الإيمان وزيَّنه في قلوبهم؛ جمَّله، جعل الإيمان بكل شُعَبه تصديقًا وعملًا حسَن في قلوبهم؛ زينة في قلوبهم، فاستمسكوا به وفعلوه، وكرَّه إليهم الكفر بفروعه؛ الكفر، والفسوق، والعصيان، قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}، الذين رشَدوا، بلغتهم عقولهم الغاية وعرفوا طريق الرشاد؛ ابتعدوا عن طريق الغي، {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ........}[الحجرات:8]، هذا أمر فضل من الله؛ إحسان من عنده -سبحانه وتعالى-، عطاء من عنده لهؤلاء المؤمنين ، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، يعلم أين يضع الأمور في نِصابها -سبحانه وتعالى-.
ثم قال -جل وعلا- {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الحجرات:9]، قول الله وإن طائفتان؛ جماعتان، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، دل هذا على أنه يمكن أن يقع القتال بين المؤمنين ولا يخرجون بالقتال من دائرة الإسلام، كما تقوله أو ظنته الخوارج الذين كفَّروا المؤمنين بالكبيرة، ورأوا أن المؤمن إذا قاتل المؤمن خرج من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، هنا يخبر الله -تبارك وتعالى- بأنه يمكن أن يقع بين المؤمنين قتال، قال {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، يجب أن يسعى المؤمنون بالصُلح بين المتقاتلين؛ قبيلة مع قبيلة، ناس مع ناس، يجب أن يُجرى بالصُلح بين المتقاتلين، وقد وقع القتال أحيانًا بين المؤمنين في حضرة النبي -صل الله عليه وسلم-؛ في حياة النبي وبعد النبي -صلوات الله والسلام عليه-، ففي حضرة النبي وقع عندما أول ما جاء النبي المدينة قيل له لو ذهبت إلى عبد الله ابن أُبي تدعوه للإسلام؛ وكان رأس قومه الخزرج، ولم يُسلِم؛ لم يُبادر الإسلام، فذهب النبي -صل الله عليه وسلم-؛ ركب حمارًا وذهب إليه، فلمَّا اقترب من مجلسه عبد الله ابن أُبي غطَّى أنفه وقال ابعد عنَّا نتن حمارك؛ لقد آذاني رائحته، فقام عبد الله ابن رواحة -رضي الله تعالى عنه- وقال والله لحمار رسول الله أطيب ريحًا منك ومن أبيك، فقام الحيَّان استبَّا من الأَوس والخزرج وحصل بينهما نوع من القتال، وكان في المجلس أخلاط من اليهود والمشركين والمسلمين فحصل قتال أيضًا بين المسلمين؛ كلٌ تعصَّب للأَوس والخزرج، فسكَّنهم النبي -صلوات الله والسلام عليه- وخفَّضهم.
كذلك نوع من هذا القتال عندما قال النبي وهو على منبره بعد ما قال المنافقون قولتهم؛ قال أيها الناس مَن يعذرني من رجل أتاني أذاه في أهلي؟ والله ما علمت عليهم إلا خيرًا، فقام أُسيل ابن حُضيرة -رضي الله تعالى عنه- فقال يا رسول الله مُرنا بأمرك، إن كان من إخواننا قتلناه وإن كان من غيرنا فمُرنا بأمرك، فقام تعصَّب سعد ابن عُبادة -رضي الله تعالى عنه- ورد على أُسيل ابن حُضير وهو من الأَوس؛ فقال والله ولا تستطيع، فقال والله لنقتلنَّه؛ إنك منافق تجادل عن المنافقين، وقام استبَّا كذلك الحيَّان من الأَوس والخزرج، فنزل رسول الله وخفَّضهم وسكَّنهم -صل الله عليه وسلم-، وحصل أيضًا كذلك في غزوة بني المُستلِق أو في غيرها حصل أن رجل مُهاجريًا كسع أنصاريًا وهم على الماء، فقال عبد الله ابن أُبي أوقد فعلوها؟ ما أرانا وهؤلاء إلا كما قال القائل سمِّن كلبك يأكلك؛ وحصل، قال الإنصاري يا للأنصاري الذي ضُرب هذا، وقال المهاجرين وكاد يقع قتال بين المهاجرين والأنصار، وجاء النبي كذلك وقال لهم أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها مُنتِنة، دعوها يعني التعصُّب والتعزِّي بالجاهلية عِلمًا بأنهم تعصَّبوا لأسماء من أسماء الإسلام، ولكنها لمَّا أصبحت عصبية شبَّهها النبي بعصبية الجاهلية فقال أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها مُنتِنة، وسكَّنهم النبي -صل الله عليه وسلم- وكذلك أصلح بينهم، وقد ذكَّر الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين ببعض ما وقع منهم في هذا، كقول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100] {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[آل عمران:101] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:102] {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران:103]، وقد مضت هذه الآيات من سورة آل عمران وفيها هذه الحادثة الأولى التي كاد المسلمون أن يُقاتل بعضهم بعضًا، فبيَّن الله -تبارك وتعالى- لهم أنهم كيف يرجعون مرة ثانية إلى الجاهلية؟.
الشاهد من كل هذا أنه ربما يقع القتال بين المؤمنين، وقد وقع هذا في عهد النبي وإن كانت الحوادث كما سمعنا كلها كان على رأسها عبد الله ابن أُبي ابن سلول؛ رأس المنافقين، وكذلك فعل اليهود الذين كانو يستغلون الفرصة للتحريش بين المؤمنين، وقع كذلك القتال بين الطوائف المؤمنة بعد النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وكان أعظم ما وقع منهم بعد مقتل عثمان ابن عفان -رضي الله تعالى عنه-، الذي قام عليه هؤلاء الثوار أهل الإفك؛ والزور، والباطل، والظلم، ثم وقع بعد ذلك القتال بين المسلمين؛ بين أهل الشام وكان على رأسهم معاوية ابن أبي سفيان -رضي الله تعالى عنه-، وبين علي ابن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- الذي أراد أن يدخل الجميع في ما دخل فيه المهاجرون والأنصار من بيعته -رضي الله تعالى عنه-، وامتناع أهل الشام ومطالبتهم أولًا بأن يقتل علي ابن أبي طالب أولًا قتلة عثمان ابن عفان، ثم تأذَّم الوضع بين المسلمين وقام هناك مَن يُريد الإصلاح، ذهب طلحة ابن عُبيد الله والزبير ابن العوام وأخذوا معهم أم المؤمنين عائشة –رضي الله تعالى عنها-، ثم إنه لم يحصل هذا الصُلح ونشبت الحرب أولًا بين علي ابن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- من جهة؛ وبين الجيش الذي كان فيه الزبير ابن العوام وطلحة ابن عُبيد الله وأم المؤمنين عائشة، ووقعت موقعة الجمل الشهيرة، ثم بعد ذلك حصل موقعة صفِّين بعد ذلك، الشاهد من كل هذا أنه يمكن أن يقع الخلاف والقتال بين المسلمين، وقد أمرنا الله -تبارك وتعالى- بأنه إذا حصل وقوع قتال بين طائفتين من المؤمنين، قال -جل وعلا- {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، فشهِدَ لهم بالإيمان؛ أنهم يكونوا مؤمنين، {اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، الواجب هو السعي بالصُلح بين المتقاتلين من المسلمين.
{فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}، فإن بغت؛ البغي هو العدوان، والظلم، وجوازة الحد، ظلمت واعتدت بعد أن لم ترضَ بالصُلح وظلمت أختها وقاتلت، قال -جل وعلا- {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}، يعني يجب أن يكون المسلمون جميعًا مع الطائفة المظلومة؛ المبغي عليها، ضد الطائفة الباغية حتى تفيء، تفيء؛ ترجع، حتى تفيء؛ ترجع إلى أمر الله -تبارك وتعالى-، والفيء هو الظل الذي يرجع بعد ذلك إلى أصله، يكون الفيء بعد الزوال، حتى تفيء أي ترجع إلى أمر الله، أمر الله -تبارك وتعالى- هنا يعني ما أقره من العدل -سبحانه وتعالى-، حتى تفيء إلى أمر الله -سبحانه وتعالى-، {فَإِنْ فَاءَتْ}، رجعت، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا}، فاءت يعني رجعت عن القتال ورضيت بالصُلح، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ}، بأن يوضع كل أمر في نِصابه وأن يأخذ كل ذي حق حقه، وأقسطوا؛ القِسط هو العدل، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، العادلين، يعني أهل العدل يحبهم الله -تبارك وتعالى-، كما جاء في الحديث «أُناس يوم القيامة على منابر من نور؛ الذين يعدلون في حُكمهم وأهلهم وما ولوا»، فاهل العدل الذين يعدلون في حُكمهم؛ وفي أهلهم كذلك يحكمون بالعدل، وفي ما ولوا؛ كل الذي ولَّاهم الله -تبارك وتعالى- إياه يقوموا فيه بالعدل، الله يحبهم -سبحانه وتعالى-، وقد جاء في الحديث أن من السبعة الذين يُظلِّهم الله بظلِّه يوم لا ظِل إلى ظِلُّه؛ بل أول هؤلاء السبعة وأعلاهم منزلة، قال -صل الله عليه وسلم- «إمامٌ عادل»، قال «سبعة يُظِلهم الله في ظِلِّه يوم لا ظِل إلا ظِلُّه؛ إمامٌ عادل»، وجاء أنه هذا من أهل الجنة إمام مُقسِط؛ عادل، فالإمام المُقسِط؛ العادل، الذي يقوم بالعدل، هذا من أهل الجنة ومن أهل محبة الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، أهل العدل، فإذا كان إمام عامة وعادل هذا كان من أشراف الناس وأعلاهم منزلة عند الله -تبارك وتعالى-، هذا كان من الذين يُظِلهم الله بظِلِّه يوم لا ظِل إلى ظِلُّه، وإن كان من أفراد الناس ويحكم بالعدل في ما ولَّاه الله -تبارك وتعالى- إياه -وإن كانت ولاية صغيرة- فكذلك هذا له هذه المنزلة عند الله -تبارك وتعالى-، «الذين يعدلون في حُكمهم وأهلهم وما ولوا»، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
ثم قال -جل وعلا- {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، إنما بالحصر؛ يعني كأن المؤمنون ليسوا إلا إخوة، إخوة؛ إخوة الدين، إخوة دين؛ إخوة في الدين، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، فالإسلام يؤاخي ويجعل المسلم أخو المسلم، كما قال النبي «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقِره، بحسب أمرئ من الشر أن يحقِر أخاه المسلم ولا يُسلِمه»، «كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعِرضه، التقوى ها هنا ويُشير إلى صدره ثلاث مرات –صل الله عليه وسلم-، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا»، فالمسلم أخو المسلم، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، المؤمنون لأنهم اشتركوا في الإيمان فالله -تبارك وتعالى- جعلهم إخوة، وأخوَّتهم هي الباقية؛ أخوَّة الدنيا وأخرى، أخوَّة الدنيا وأخرى؛ لا تنفصم عُرى أخوَّتهم لا في الدنيا، وكذلك في الآخرة يجعلهم الله -تبارك وتعالى- إخوة في الموقف يتناصرون، وأمام الله -تبارك وتعالى- وفي الشفاعة يتناصرون، وهم في الجنة أخوة على سُرر متقابلين كما قال -جل وعلا- {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، يعني لا يكونون إلا هكذا، ولذلك قال النبي -صل الله عليه وسلم- «لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا؛ ولن تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»، فقال لا تؤمنوا حتى تحابوا؛ يعني لا يكون الإنسان مؤمنًا إلا إذا أحب أخاه المؤمن، ولذلك قال النبي -صل الله عليه وسلم- «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا مَن يا رسول الله؟ قال مَن لا يأمن جاره بوائته»، وأخبر -صل الله عليه وسلم- بأن لا يؤمن مَن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، قال «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فالإيمان لازمه الأخوَّة أو الأخوَّة لازمة الإيمان، في إيمان؛ معناه في أخوَّة، فالمؤمن يوالي المؤمن، وهذه الأخوَّة اللي هي أخوَّة الدين تقتضي الإيمان كذلك؛ تقتضي أن أصحابها أهل إيمان، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، ثم قال -جل وعلا- {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، مادام أنهم إخوة فيمكن أن يقع بين الأخ وأخيه خصومة وقتال، حتى إخوة الدم ممكن أن يتخاصموا، فإذن {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، إذا نشب خلاف وقتال أي فقوموا بالإصلاح بين أخويكم، {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، اتقوا الله؛ خافوه، خافوا الله -تبارك وتعالى-، اجعلوا لكم حماية من عذاب الله -تبارك وتعالى-، {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، فإن مَن اتقى الله وخافه قابله الله -تبارك وتعالى- برحمته -جل وعلا-، ولعلكم بحسب الناس وليست بحسب الرب -تبارك وتعالى-، الرجاء هنا في لعل إنما هي بحسب أهل الإيمان، فإنهم إذا بذلوا هذا فإذن لعلهم أن يكونوا من المرحومين عند الله -تبارك وتعالى-، {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
ثم قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات:11]، مجموعة عظيمة كذلك من الآداب والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم نحو إخوانه المسلمين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}، نداء من الله -تبارك وتعالى- إلى أهل الإيمان فيه إلزام وفيه حض على الفعل، وصف أهل الإيمان بهذه الصفة اللي هي صفة الإيمان؛ التي هي أعلى الصفات، {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}، السخرية هي الاستهزاء؛ والانتقاص، والاحتقار، {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}، يعني القوم المؤمنين لا يحِل لهم أن يسخروا من قوم أخرين؛ كقبيلة من قبيلة، وجماعة من جماعة، انتماء من انتماء، القوم هم قوم انتماء؛ قبيلة من قبيلة، أو جماعة من جماعة، أو نحو ذلك، ثم قال -جل وعلا- {عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}، نهي عن السخرية ثم بيان أن ما يمضي دائمًا من الانتقاص والاحتقار إنما يكون في العادة بموازين الحياة الدنيا؛ أنهم أعلم، أعلى شرف، قبيلة لها منزلة أعلى من هذه القبيلة، لكن ربما يكون هؤلاء المسخور منهم هم أعلى عند الله -تبارك وتعالى-، {عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}، عند الله -سبحانه وتعالى-، فكم ممَن يسخر من غيره وهذا الذي يسخر منه هو أعلى منزلة وأعلى درجة عند الله -تبارك وتعالى-، والإيمان ليس بالظاهر فقط بل بالباطن كذلك؛ والبواطن يعلمها الله -تبارك وتعالى-، فربما أن هذا الذي سخرت منه هو عند الله -تبارك وتعالى- أعلى درجة؛ وأتقى منك، وأرفع عند الله -سبحانه وتعالى-.
{عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}، ذكَرَ النساء بعد الرجال حتى لا يكون كذلك سخرية من مجموعة نساء تسخر من مجموعة نساء، قال -جل وعلا- كذلك {عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}، في دينهِنّ وتقواهُنَ ومنزلتهُنَّ عند الله -تبارك وتعالى-، ثم قال -جل وعلا- {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ}، اللَّمز؛ الإستهزاء عن طريق الإشارة ونحوها، وقد هدد الله -تبارك وتعالى- اللُّمزة؛ كثيروا الهمز واللَّمز، قال {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة:1]، ويل لكل هُمَزَة يعني همَّاز، لُمَزَة؛ لمَّاز، كثير الاستهزاء بغيره بالإشارة وبالكلام، {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ}، قال أنفسكم والمعنى إخوانكم لأن الأخ بمنزلة النفس، أخوك بمنزلة نفسك، فكأنه إذا لامزت أخاك المسلم فكأنك لامزت نفسك؛ هذا جزء منك، {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}، التنابز؛ الإلقاء، نبْز الشيء بمعنى أنه ألقاه عليه، والألقاب؛ اللقب هو ما يُشعِر ذمًّا أو مدحًا، ولمَّا جاء النبي -صل الله عليه وسلم- إلى المدينة كان قلما يوجد رجل إلا وله إسمان أو ثلاثة؛ أكثر من اسم، وكانوا إذا نادى النبي هذا الشخص بإسم من الأسماء قالوا يا رسول الله إنه لا يحب أن يُذكَر بهذا الإسم؛ لأن كان ألقاب، كل واحد يُلقَّب يكون إسمه هكذا ثم يُلقَّب بهذه الأسماء التي يكون المقصود فيها نبزه وعيبه، {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}، هذه الأسماء اللي هي الاسم الثاني والثالث الذي يُسمَّى به الشخص؛ يُراد به تحقيره والانتقاص منه، نهى الله -تبارك وتعالى- أن يكون بين المؤمنين أن يُلقوا بالألقاب بعضهم على بعض؛ الألقاب التي تُشعِر بالذم، {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}.
قال -جل وعلا- {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ}، بئس الاسم الذي تُسمَّى به عند الله -تبارك وتعالى- الفسوق؛ أن يدخل المسلم في إسم فاسق بعد أن يكون مسمَّاه عند الله -تبارك وتعالى- المؤمن، فإن مَن لمَز ونبَز وسخِر هذا فسوق، وإذا تعدد منه هذا الفسوق طُبِعَ بالفسق؛ وأصبح صفة له، وسُميَ به، فإن الإنسان يُسمَّى بالصفة التي تغلب عليه كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «وإن الرجل ليكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتَب عند الله كذَّابًا»، فيُكتَب عند الله فلان الكذَّاب، كذلك يُكتَب بصفته الحسنة كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرَّى الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدِّيقًا»، فيُكتَب عند الله فلان ابن فلان الصِدِّيق، والأخر الذي سار في الكذب يُكتَب فلان ابن فلان الكذَّاب، فكذلك هذا الذي سار في طريق الفسق يُسمَّى فاسق، فيكون هذا كما قال النبي لمَّا قيل أبو عمرو الراهب؛ قال أبو عمرو الفاسق، فالذي يسير في طريق الفسق يُطبَع به وهذا مُسمَّاه عند الله، وهذا طبعًا الذي عند الله هو الاسم الحقيقي غير الاسم الذي يتسمَّى به الناس، قد الناس يُطلِقوا على إنسان إسم وهو ليس كذلك أما هذا الاسم الحقيقي الذي يكون له، بئس الاسم أن تتسموا به وأن يكون عند الله -تبارك وتعالى- الفسوق بعد الإيمان، بعد أن يكون فلان ابن فلان المؤمن يكون فلان ابن فلان الفاسق.
{بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، مَن لم يتب عن هذه الأمور؛ عن السخرية، والاستهزاء، والتنابز بالألقاب، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وهم الظالمون كأنه هذا أصبح وصف ثابت لهم، والظالم؛ المُتعدِّي، الذي تعدَّى ووضع الأمور في غير محلها، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، ومَن لم يتب عن هذا {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، هذه الآية فيها نهي شديد وتقريع أن يكون الإنسان على هذه الصفة، {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}، والنبي يقول في الاحتقار «بحسب أمرئ من الشر أن يحقِر أخاه المسلم»، قال «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقِره، بحسب أمرئ من الشر أن يحقِر أخاه المسلم»، يحقِره؛ يحتقره، يستصغره، وقال -صل الله عليه وسلم- «لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرَّة من كِبر، فقيل يا رسول الله إني أحب أن يكون نعلي حسنة وثوبي حسنة، قال إن الله جميل يحب الجمال، الكِبر بطر الحق وغمط الناس»، بطر الحق؛ رده، وغمط الناس؛ احتقارهم، فهذه آداب عظيمة يؤدِّب الله -تبارك وتعالى- بها عباده المؤمنين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات:11].
استغفر الله وأتوب إليه، نكتفي اليوم بهذا والحمد لله رب العالمين.