الأربعاء 08 ذو القعدة 1445 . 15 مايو 2024

الحلقة (669) - سورة النجم 38-56

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى}[النجم:33] {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى}[النجم:34] {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}[النجم:35] {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى}[النجم:36] {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37] {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39] {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم:40] {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى}[النجم:41] {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42] {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46] {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47] {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48] {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49] {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50] {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51] {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52]، يُعجِّب الله -تبارك وتعالى- من هذا العبد فيقول {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى}[النجم:33]، أي عن طاعة ربه -سبحانه وتعالى-، {وَأَعْطَى قَلِيلًا ........}[النجم:34]، في الدين، يعني آمن وأعطى قليلًا، {وَأَكْدَى}، أكدى؛ انقطع وتوقف، قيل أن أكدى من الكُدية؛ وهم القوم الذين يحفرون بئرًا، ثم تنشأ لهم وهم عند الحفر كُدية، والكُدية يعني صخرة عظيمة، فعند ذلك يعجزون عن الاستمرار في هذه ويتركون الحفر خلاص؛ يتوقفون، فشبَّه الله -تبارك وتعالى- مَن سار في العبادة وسار في الدين ثم جائه سير من التكاليف الصعبة في نظر فترك الأمر.

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى}[النجم:33] {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى}[النجم:34] {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}[النجم:35] {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى}[النجم:36] {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37] {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38]، يعني إذا كان هذا سيُعلِّق الأمر في الآخرة على الأماني؛ هل رأى أن ما يتمنَّاه وما يُريده هو الذي يكون؟ أم أن الأمر كله بيد الله -تبارك وتعالى-؛ فالغيب عنده، {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}[النجم:35]، ولا يعلم الغيب إلا الله -سبحانه وتعالى-، {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}[النجم:35]، في المستقبل، {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى}[النجم:36] {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37]، مدَحَ الله هنا عبده إبراهيم -عليه السلام- ووصفه بأنه الذي وفَّى؛ أي أدَّى وافيًا ما أمره الله -تبارك وتعالى-، والذي في صُحُف موسى وصُحُف إبراهيم هو ما ذكَرَه الله -عز وجل-، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39]، وهو المُنزَل في هذا، فهذا أمر في الحساب مُستقِر في ما أنزله الله -تبارك وتعالى- على الرُسُل السابقين، في صُحُف موسى؛ النبي وهي التوراة المُنزلة عليه، وإبراهيم؛ صُحُف إبراهيم.

{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37]، وذكَرَه الله -تبارك وتعالى- أنه الذي وفَّى ليكون هذا إمام لكل عامل، {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ........}[البقرة:124]، الله -تبارك وتعالى- أقام إبراهيم إمامًا للناس، الإمام؛ الفرد المُقتدى به، فكل مَن جاء بعده ينبغي أن يقتدي بهذا الإمام في كل شئونه، ومن أعظم شئونه أنه وفَّى؛ يعني وفَّى ما أمره الله -تبارك وتعالى- به، انظر أولًا ما ابتُليَ به في أن يُلقى في النار ووقف صابرًا مُحتسِبًا؛ يقول حسبي الله ونِعمَ الوكيل، وليس في الأرض مؤمن إلا هو، ما في مؤمن معه؛ يعني يقف معه، ومع ذلك صبر ووقف وأُلقيَ في النار، والله -تبارك وتعالى- قال للنار {........ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء:69]، وبقي على إيمانه؛ وصبره، ودينه، وتقواه، أُخرِج من بلده فصبر على فراق الأهل والأوطان، وسكن في مكان بعيد عن أهله مُتغرِّبًا في فلسطين، ثم إنه لمَّا تزوَّج بهاجر -عليها السلام- وولِدَ له إسماعيل أمره الله -تبارك وتعالى- أن يُسكِنه في الأرض المقدسة؛ في مكة، وكانت في ذلك الوقت وادي غير ذي ذرع ليس فيها أحد؛ ما يسكنها أي إنسان، ومع ذلك أسكنهم وأمَرَهم هنا، تقول هاجر يا إبراهيم؛ إلى مَن تكِلُنا؟ لمَّا أنزلها هناك في دوحة عند البيت ووضع جنبها قربة ماء وشنَّة تمر فقط كل ما زوَّدهم به، ثم ولَّى تاركًا إياهم وذهب، تقول إلى مَن تتركنا في هذا المكان الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ أالله أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت إذن لا يُضيِّعُنا الله -تبارك وتعالى-، صبَرَت هي كذلك على هذا الأمر ورجع إبراهيم -عليه السلام-، ثم رجَعَ بعد ذلك وأمره الله -تبارك وتعالى- أن يذبح بعد ما شب، قال {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}[الصافات:102]، فالشاهد أن إبراهيم وفَّى كل ما عليه؛ مع هذه الابتلاءات العظيمة وفَّاها، وكأن الله -تبارك وتعالى- يقول أن هذا قدوة لكل مؤمن أن يسير في طريق الله -تبارك وتعالى- إلى النهاية، {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر:99]، ويوفِّي ما أمر الله -عز وجل-، أما أن يسير خطوة في الطريق ثم ينشمر ويرجع، {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى}[النجم:33] {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى}[النجم:34].

ثم هذا الذي أنزله الله -تبارك وتعالى- {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39]، هذا نظام الحساب عند الله -تبارك وتعالى-، كل إنسان أولًا لا يُحمِّله الله -تبارك وتعالى- ذنب غيره، ما في إنسان يُحمِّله الله -تبارك وتعالى- ذنب غيره؛ لن يحمل إلا ذنب نفسه فقط، ثم كذلك أيضًا ليس له من العمل إلا ما سعى، فعمله الذي هو عمله هو الذي سعاه؛ ولا يحوز ولا ينال سعي غيره، لا يُنافي {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38]، أن يحمل من ذنوب الأخرين إذا كان هو متسببًا في ذلك، إذا كان متسبب في ذلك كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «ما من نفس تُقتَل ظُلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفلٌ منها لأنه أول مَن سنَّ القتل»، أول مَن سنَّ القتل فلذلك كل قتل يقع بعد ذلك ظُلم فالقاتل الأول يأخذ هذا، كما قال -صل الله عليه وسلم- «مَن دعى إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور مَن تَبِعَه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعى إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار مَن تَبِعَه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا»، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38]، لا يُحمَّل ذنب غيره، لكن إذا كان هو متسبب طبعًا في الإثم فهذا من إثمه؛ فيُحمَّل عليه، {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[العنكبوت:13]، وذلك أنهم أضلوا غيرهم فإنهم قد قالوا {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}، نحن سنحمل خطاياكم، الله -تبارك وتعالى- قال {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[العنكبوت:13]، أثقالهم؛ ذنوبهم، وذنوب مع ذنوبهم وهي ذنوب مَن أضلوهم، كل ذنوب مَن أضلوهم يُحمَّلونها كذلك، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38]، لكنه أنه ذنب لم يتسبب فيه؛ لم يعمله هو، ولم يتسبب فيه أن يحمله الله عليه... لا، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38.

{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39]، من الخير، فسعيه الذي سعاه هذا هو الذي له، هذا سعيه الذي يُجزاه ويُعطى جزائه عليه، ويدخل في ذلك كل ما تسبب فيه كذلك؛ سواء كان سعاه في حياته، أو كان متسبب له وجاء بعد موته، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية»، وهذا أنها من تسبب عمله، «أو عِلم يُنتفَع به»، ترك عِلم وانتفع الناس بهذا العِلم بعده فهذا أيضًا من كسبه، «أو ولدٍ صالح يدعوا له»، إذا كان له ولد صالح كذلك تركه، الولد من كسب أبيه، فلأنه هو الذي كان سبب في وجود هذا الولد وقد يكون تسبب كذلك في دعوته وتعليمه؛ وأنه قدوة له، فيكون هذا الولد الصالح إذا دعى لأبيه فإن الأب يستفيد بهذا، هذا كله من كسب صاحبه وهو من العمل الذي بعد ما يموت الإنسان يناله؛ فهو من كسبه، كل هذا راجع إليه، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39]، كل هذا من سعيه، كذلك لا تُنافي هذه الآية أن ينال الإنسان من عطاء غيره كشفاعة؛ يشفع له، والدعاء؛ فالمؤمنون إذا دعى بعضهم لبعض قَبِلَ الله -تبارك وتعالى- شفاعتهم بعضهم لبعض، ولذلك قال النبي «مَن صلَّى عليه أربعون إلا شُفِّعوا فيه»، فإذا أربعون شخص يُصلون على رجل مؤمن يُشفِّعهم الله -تبارك وتعالى- فيه بدعائهم، فالمؤمن ينتفع بدعاء أخيه المؤمن، وكذلك ينتفع بالعمل الصالح الذي يعمله ويهبه له، وقد جاء في الحديث أن الإبن إذا حج عن أبيه واعتمر عن أبيه استفاد الأب بهذا، كما قال النبي «حُج عن أبيك واعتمر»، وقال «مَن مات وعليه صوم صام عنه وليُّه»، فهنا استفاد الولي بصوم غيره عنه، وكذلك جاء في الحج عن الأب والأم «تقول الختعمية للنبي -صل الله عليه وسلم- أن فريضة الحج قد أدركت أبي شيخًا كبيرًا؛ أفأحُج عنه؟ فقال النبي حُجي عنه»، «والأخ الذي قال أن أمي ماتت وكانت قد نذرَت أن تحُج ولم تحُج؛ أفأحُج عنها؟ فقال أرأيت أو أرأيتي؛ للسائل أو السائلة، إن كان على أمك دَين أكنتي قاضيته؟ فقالت بلى، قال فاقضوا؛ فإن دَين الله أحق بالقضاء»، فإن هذا الذي قضى دَين أبيه أو دَين أمه فإن هذا الأب أو الأم ينتفع بهذا، فهذا لا يُنافي قول الله -تبارك وتعالى- {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39]، فما سعاه هو الذي له؛ سواء كان سعاه في حياته، أو تسبب فيه فيرجع له بعد موته، وكذلك لا يُنافي أن يهبه الغير، أما الأساس لا شك أنه ليس له إلا ما سعى، فالذي سعاه هو الذي له وهو الذي يُسمى عمله، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39].

{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم:40] {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى}[النجم:41]، كل سعي سيراه ربه -سبحانه وتعالى-، كل ساعٍ سعى بسعي فإن الله -تبارك وتعالى- سيراه، يُعرَض عليه عمله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة ليُجزاء الجزاء الأوفى، فكل أحد سيأخذ كتاب عمله؛ المؤمن بيمينه، والكافر والمنافق بشِماله، وكلٌ سيأخذ جزائه وافيًا، فأهل الإيمان سيوفِّيهم الله -تبارك وتعالى- أعمالهم لا يُنقصهم من عمله ولا مثقال ذرَّة من الخير، لو عمل أي مثقال ذرَّة من الخير الله -تبارك وتعالى- لن يُنقِصها له؛ سيُعطيه جزائه عليها، وكذلك الكافر والمنافق سيأخذ جزاء عمله وافيًا كذلك، سيئاته كلها التي هي سيئاته التي بقيت عليه هذه لابد أن يأخذ جزائه عليها، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}[النحل:88]، فيأخذ عمله وجزاء عمله وافيًا، {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى}[النجم:41]، من الحسنات ومن السيئات كلٌ سيأخذ جزاء عمله، فهذا ما أنزله الله -تبارك وتعالى- على هؤلاء الرُسُل، يعني نزل في صُحُف موسى -عليه السلام-؛ في صُحُف إبراهيم، كل هذا حقائق ونظام الحساب عند الله -تبارك وتعالى- للجميع، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ........}[النساء:123]، فهذا نظام الحساب عند الله -تبارك وتعالى-، {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[النجم:38] {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39] {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم:40] {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى}[النجم:41]، كلٌ سيأخذ جزائه، لا يمكن خطرة قلب؛ بطش يد، نظرة عين، سماع، كل شيء، {........ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:36]، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:284]، فكلٌ سيأخذ جزائه الأوفى على سعيه، {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم:40] {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى}[النجم:41]، فالمؤمن يأخذ حسناته كاملة والكافر كذلك يأخذ جزاء سيئاته كاملة موفَّرة.

{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42]، هذا مما أنزله الله -تبارك وتعالى- في الكتب السابقة، وهذا مُنزَل في كتابه هنا على رسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ ........}[النجم:42]، وليس إلى غيره؛ حصر هنا، المُنتهى؛ نهاية المطاف كلها إلى الله، وهو مجيء العباد كلهم إلى الله -تبارك وتعالى- في نهاية المطاف حيث يلقى كلٌ عصا التسيار، وتنتهي الرحلة إنما هي عند الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة، فالمُنتهى إليه وبالتالي يُحاسِب العباد، هو الذي سيُحاسب العباد ثم يكون مُنتهى العبد خلاص؛ نهاية عمله إما إلى جنة مُخلَّد فيها خالدًا أبدًا، وإما إلى نار مُخلَّدًا فيها خالدًا أبدًا -عياذًا بالله-، {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42].

{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43]، هذا يوم القيامة؛ أهل الإيمان يضحكون، وأهل الكفر يبكون ولا حد لبكائهم، وأنه هو -سبحانه وتعالى- أضحك وأبكى، كما قال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29] {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}[المطففين:30] {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31] {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32] {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:33] {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، فاليوم؛ يوم القيامة، {........ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، فهؤلاء يضحكون وأما الكفار -عياذًا بالله- فإن بكائهم لا ينقطع، هذا بكاء أهل النار بكاء لا ينقطع، {........ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}[المؤمنون:104]، يعني لا تجف دموعهم ولا ينتهي بكائهم، {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الطور:16]، {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}[الفرقان:14]، {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا ........}[الفرقان:14]، يعني دعوة واحدة بالهلاك، {وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}، فهنا في قول الله -تبارك وتعالى- {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42]، المُنتهى إلى الله -سبحانه وتعالى-، مُنتهى العباد إلى الله حيث تنتهي الرحلة، رحلتهم في هذه الحياة تنتهي بيوم القيامة، وبعد ذلك كلٌ يكون في دار الانتهاء؛ دار المأوى، فالجنة مأوى المتقين والنار مأوى المجرمين، {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43]، اضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار -سبحانه وتعالى-؛ هذا يوم القيامة، والوجه الثاني في التفسير في {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43]، في الدنيا كذلك، فكل أسباب الضحك وأسباب البكاء منه -سبحانه وتعالى-، خالق الأسباب كلها ومسبب الأسباب -جل وعلا-.

{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44]، أنه؛ ليس غيره -سبحانه وتعالى-، الرب -سبحانه وتعالى-، {........ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44]، فالموت له؛ هو الذي يحكم به، وهو الذي يقضيه -سبحانه وتعالى-، والحياة هو الذي يأمر بها وهو الذي يخلُقها -سبحانه وتعالى-، فهو الذي يُحيي ويُميت -سبحانه وتعالى-؛ لا يُحيي ويميت إلا هو، {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46]، هنا أرجعنا الله -تبارك وتعالى- إلى بداية الأمر وأنه -جل وعلا- خلَقَ الزوجين؛ الذَّكَر والأنثى، الزوجين؛ الإثنين، الزوج هو كل فرد له نظير من مثله يُسمى زوج، فالرجل زوج والمرأة زوج وهما الاثنان يُسمَّيا زوجان، وتقول عندي زوج حمام يعني واحدة، وعندي زوجين من الحمام يعني عندى حمامتين، فالله خلَقَ الزوجين؛ الذَّكر والأنثى، فهو الذي خلَقَ هذا -سبحانه وتعالى-، {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46]، أساس الخلْق، وهذا بيان لعظيم قدرته -سبحانه وتعالى-، فالنطفة شيء قذر مهين؛ ماء مهين، وحال ما تُمنى؛ تُقذَف، فمن هذه النطفة التي هي نُطفة المني يخلُق الله -تبارك وتعالى- منها هذا الخلْق؛ الذكر والأنثى، وهم شِقَّي بني آدم، {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47]، فهو الذي خلَقَ هذا وبالتالي هو الذي عليه النشأة الأخرى؛ أن يُنشِئهم الله -تبارك وتعالى- نشء أخر، والنشأة الأخرى اللي هي الحياة الثانية عندما يخرجون من قبورهم بعد النفخ في الصور، ولا شك أن مَن بدأ الخلْق قادر على إعادته -سبحانه وتعالى-، وهذا ضرب مثَل لهؤلاء المُكذِّبين أن الذي أنشأ الإنسان هنا من نطفة {........ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46]، هو قادر على أن يُنشئ النشأة الأخرى، قال وأن عليه أي ليس على غيره -سبحانه وتعالى- النشأة الأخرى.

{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48]، وأنه؛ الله -سبحانه وتعالى-، هو؛ ليس غيره، {أَغْنَى}، العباد بما أغناهم به أسباب الغِنى؛ من المال وما يتناولوه، طعامهم، شرابهم، هذا هو منه -سبحانه وتعالى-، {وَأَقْنَى}، القونية؛ ما يقتنيه الإنسان وهو ما يتملَّكه لاقتنائه، كأن يقتني دابة؛ يقتني سيارة، يقتني أثاث، يقتني كذا، يقتني بيت، هذه قونيته؛ فهذه منه -سبحانه وتعالى-، فتمليك الإنسان بما يتملَّك بماله وبقونيته كله من الله، {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48]، وأنه؛ الرب -سبحانه وتعالى-، {........ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49]، الشِّعرَى والتي يُسمُّونها المِرزَم هو نجم في السماء؛ وهو أكبر من نجوم السماء، وهو أكبر من الشمس ولكنها أبعد كثيرًا منها، وكانت العرب تُقدِّسها وتعبدها؛ تعبد الشِّعرَى، فهو ربها؛ الله يقول لهم أن الله -تبارك وتعالى- هو ربها، {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49] {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50]، عاد؛ قوم هود -عليه السلام-، الله -تبارك وتعالى- أهلكهم، وكانت قبيلة عربية طاغية؛ قوية الأجسام، بنوا، وشادوا، وسادوا، وفعلوا، ثم أبادهم الله -تبارك وتعالى- بالريح العقيم؛ فهو الذي أهلكهم، {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50] {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51]، قبيلة ثمود العربية كذلك في شمال الجزيرة في الحِجر؛ حِجر ثمود، وأن الله -تبارك وتعالى- لم يُبقي منهم أحد، {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51]، صرخ فيهم وصاح فيهم الملَك صيحة فكانوا كما قال الله -جل وعلا- {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}.

{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ}، أي أن الله أهلكهم -سبحانه وتعالى-، الكفار منهم أهلكهم الله بالغرق، {........ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52]، هم؛ هؤلاء أظلم من هذه الأمم وأطغى منهم، وذلك أن نوح مكث فيهم هذا العُمر الطويل يدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى- واستمروا على كفرهم؛ وعنادهم، وإصرارهم على ما هم فيه، {........ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52] {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53]، المؤتفكة؛ قرى لوط، وسُميَت المؤتفكة لأن الله -تبارك وتعالى- أفَكَها؛ أي قلَبَها على رؤوس أصحابها، وبيَّن الله -تبارك وتعالى- قصتهم في هذا بما أخبر الله من إرسال رُسُلَه إلى إبراهيم الذي بشَّروه وقالوا له {........ إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت:31]، وأنهم أتوا إلى لوط -عليه السلام- ثم كان من شأنهم ما كان، ثم قالوا له {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}[الحجر:65] {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}[الحجر:66]، وعند الصباح جاء جبريل فرفع قراهم كلها إلى سماء العلو ثم أفَكَها على رؤوس أصحابها، ثم أتبَعَه الله -تبارك وتعالى- بحجارة من سِجِّيل وبالمطر الخبيث الذي أمطرهم الله -تبارك وتعالى- به؛ ومازالت آثاره إلى اليوم في البحر المعروف بما يسمى بالبحر الميت، {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53].

قال -جل وعلا- {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54]، غشَّاها؛ التغشية يعني غطَّاها الله -تبارك وتعالى-، {........ مَا غَشَّى}[النجم:54]، بالتهاويل والأمور العظيمة، غشَّاها بهذا المطر الخبيث، غشَّاها بهذه الأحجار التي أرسلها الله -تبارك وتعالى- لكل واحد حجره ليقتله الله -تبارك وتعالى- به، {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ}[الذاريات:33] {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}[الذاريات:34]، مُسَوَّمَة؛ مُعلَّمة، كل واحد من المجرمين حجره يأتيه، {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}[الذاريات:34]، {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54]، يعني غطَّاها بالعذاب ما غطَّاها به من الأمور العظيمة التي لا يمكن أن توصَف من فظاعتها ومن شدتها، {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55]، بأي آلاء ربك؛ بأي نِعَم ربك، أيها الإنسان الكافر تتمارى؛ تشُك، ما الذي يُشكِّكُك في نِعَم الله؟ هذه نِعَم الله -تبارك وتعالى- كلها وهذه آياته -سبحانه وتعالى-، {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46] {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47] {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48] {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49]، ثم {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50]، وهذا من إنعامه وإفضاله -سبحانه وتعالى- لأن إهلاك المجرمين نعمة كبيرة، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:45]، {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53] {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54]، لأنهم مجرمين، مجرمين؛ فاعلي الإجرام، فكان إهلاكهم نعمة من الله -تبارك وتعالى-، {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55] {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56]، هذا الذي يُذكِّر الله -تبارك وتعالى- به نذير من النُذُر الأولى؛ ما وقع لهؤلاء.

ثم قال -جل وعلا- {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57] {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58] {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ}[النجم:59] {وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ}[النجم:60] {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}[النجم:61] {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:62]، وسنعود إلى آخر هذه السورة -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.