الأحد 23 جمادى الأولى 1446 . 24 نوفمبر 2024

الحلقة (670) - سورة النجم 55-62

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42] {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46] {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47] {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48] {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49] {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50] {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51] {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52] {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53] {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55] {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56] {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57] {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58] {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ}[النجم:59] {وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ}[النجم:60] {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}[النجم:61] {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:62]، هذه الآيات الأخيرة من سورة النجم؛ وقد مضى أنها سورة مكية، قرأها النبي -صلوات الله والسلام عليه- في المسجد الحرام وحوله جماعة من المسلمين والمشركين حتى إذا أتى إلى ختام هذه السورة؛ {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:62]، سجد كل مَن كان معه ومَن حضر قرائته من الإنس والجِن، يقول ابن مسعود إلا رجل من المشركين رأيته حمل كفًا من تراب ووضعه على جبهته وقال يكفيني هذا، قال فلقد رأيته قد قُتِلَ كافرًا يوم بدر.

تعريف؛ الله -تبارك وتعالى- يُعلِم عباده بذاته -سبحانه وتعالى- وبصفاته العظيمة، فيقول -جل وعلا- {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42]، مُنتهى العباد كلهم إلى الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة ليُحاسِبهم على أعمالهم، {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] في الدنيا؛ بما خلَقَه من أسباب الضحك وأسباب البكاء، فكل هذه الأسباب في الضحك وفي البكاء الله -تبارك وتعالى- خالقها -سبحانه وتعالى-، وفي الآخرة؛ الضحك والبكاء الله -تبارك وتعالى- أضحك يوم القيامة أهل الجنة بدخولهم إياها وأبكى أهل النار، كما قال -تبارك وتعالى- عن أهل النار في الدنيا {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29]، في الدنيا، {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}[المطففين:30] {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31]، والفَكِه هو المرح؛ خفيف الروح، هذا حال الكفار في الدنيا، {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31] {وَإِذَا رَأَوْهُمْ}، يعني رأى الكفار المؤمنين، {........ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32]، قال -جل وعلا- {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:33] {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:35] {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين:36]، هل ثُوِّبوا؛ هل أخذوا ثواب عملهم؟ فقد ضحك الكفار في الدنيا من المؤمنين، وتتبدَّل السورة يوم القيامة فيضحك المؤمنين من الكفار يوم القيامة، فاليوم؛ يوم القيامة، {........ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين:36]، فهؤلاء كانوا يضحكون منهم في الدنيا، ولكن كما يُقال مَن يضحك أخيرًا هذا الذي يضحك كثيرًا، وأخيرًا؛ يوم القيامة، فالذي يضحك أخيرًا ويسعد هم أهل الجنة، والذي سيبكي ولا انقطاع لبكائه هم أهل النار.

{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44]، -سبحانه وتعالى- أمات وأحيا؛ كل الحياة والموت له -سبحانه وتعالى-، فالموت بقضائه وقدَره -سبحانه وتعالى-، {........ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}[الأنعام:61]، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}، وهو الذي يُحيي -سبحانه وتعالى-، وهو الذي سيُحيي الناس يوم القيامة، وأحيا هنا وإن كانت جائت بالماضي إلا أنه يُحييهم يوم القيامة، وقيل بهذا الماضي عن المستقبل لتحقق وقوع هذا، {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46]، دليل قدرته وعظمته -سبحانه وتعالى- أنه يخلُق من هذا الشيء المهين القذر، يخلُق إنسان ويُقسِّمه هذه القِسمة ليتم التوافق وليتم استمرار الحياة، {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46] {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47]، عليه؛ لا على غيره -سبحانه وتعالى-، النشأة الأخرى؛ نشأة الناس يوم القيامة إنما هي على الله -تبارك وتعالى-، وإذا كان الله هو الذي بدأها هو القادر على إعادتها -سبحانه وتعالى-، وكل هذا من بيان الآيات وضرب الأمثال للكفار المُعاندين؛ الذين يدفعون قضية الإيمان بالآخرة، ويقولون لا يمكن أن يُعيدهم الله -تبارك وتعالى- مرة ثانية، {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47].

{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48]، أغنى عباده -سبحانه وتعالى- بأسباب هذا الغِنى، الأموال والأرزاق هذه منه -سبحانه وتعالى-، فهو الذي يبسِط الرزق لِمَن يشاء -سبحانه وتعالى- ويقدِر يُضيِّق على مَن يشاء، والله خالق أرزاق العباد -سبحانه وتعالى- لا خالق غيره، هو الذي أنزل المطر، هو الذي شق الأرض، هو الذي أخرج الثمار، هو الذي أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج، هو الذي رَكَزَ هذه المعادن في الأرض، هو الذي يسَّر الإنسان ليصنع ما يصنع ويُبدِع ما يُبدِع من هذه الحياة، كل هذا به -سبحانه وتعالى-، هو الذي أغنى عباده، وأقنى من القونية؛ جعلهم يقتنون، فالإنسان إذا اقتنى شيء وحازه وأصبح من مُلكِه فهذا عطاء الله -تبارك وتعالى-، {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49]، أعظم نجوم السماء، أكبر من الشمس، وكانت العرب تُقدِّسها؛ تُقدِّس الشِّعرَى، تسميها المِرزَم ويعبدونها، {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49] {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50]، هذه عقوبته وهذا فعله -سبحانه وتعالى- في أهل معصيته في الدنيا، عاد الأولى؛ قوم هود، الله -تبارك وتعالى- هنا الذي أهلكهم، {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51]، وهاتان قبيلتان عربيتان، في عاد أرسل الله -تبارك وتعالى- لهم هود أخوهم، وفي ثمود أرسل الله -تبارك وتعالى- صالح، وكان من شأنهما ما قصَّ الله -تبارك وتعالى-، ثم كانت نهايتهم الاستئصال مع إنجاء الله -تبارك وتعالى- للفئة المؤمنة، {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ}، أول أمة في الأرض، وأول رسول أُرسِل لهم نوح -عليه السلام-، وقد أهلكهم الله -تبارك وتعالى- إلا أصحاب السفينة الذين ركبوا مع نوح، {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52]، أظلم من الأمم الأخرى وأشد ظُلمًا، فإنهم قد تعاقدوا وتعاهدوا على الكفر بالله -تبارك وتعالى- والعناد؛ وكان الكبير يُعلِّم منهم الصغير، ولذلك قال نوح {........ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا}[نوح:21] {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا}[نوح:22] {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح:23] {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا}[نوح:24]، فقد كانوا أظلم من غيرهم من الأمم وأطغى فأهلكهم الله -تبارك وتعالى- بهذا الهلاك الماحق وهو الطوفان.

{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53]، قرى لوط مؤتفكة لأن الله أفَكَها على رؤوس أصحابها، {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54]، غشَّاها؛ غطَّاها من العذاب ما غطَّى، وهنا ما غشَّى للتجهيل؛ يعني ما الذي غشَّاها؟ أمر عظيمة جدًا من العذاب المهول الذي غمرهم الله -تبارك وتعالى- به، فإنهم عندما قُلِبوا على هذا النحو كانوا قد ضربهم الله -تبارك وتعالى- بحجارة السِجِّيل التي لحقت كل فرد منهم، ثم إن الله -تبارك وتعالى- غشَّاهم بمطر خبيث بقيت آثاره لليوم، {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ........}[العنكبوت:35]، {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54]، قال -جل وعلا- مُخاطِبًا هذا الإنسان المُخاطَب {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55]، يعني بأي نِعَم ربك أيها الإنسان تتمارى؟ تشُك وتُجادِل وكل هذه من آلاء الله -تبارك وتعالى-، كل هذه الأفعال من آلائه -سبحانه وتعالى-؛ أي من نِعَمه وإفضاله، فكل قضائه -سبحانه وتعالى- خير؛ قضائه في المؤمنين، وقضائه في الكافرين، فإن عقوبته للكافرين خير كذلك، وذلك أن إزالة الكافر عن وجه الأرض وعقوبته من نِعَم الله -تبارك وتعالى-؛ من إنعامه -سبحانه وتعالى-، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:45]، حَمِدَ الله -تبارك وتعالى- على إزالته هذا الكافر عن وجه الأرض لأنه لا يستحق البقاء والحياة؛ ولأن عقوبته مناسبة لحاله، ثم تطهير لهذه الرض من دنسه ورِجسه، {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55]، آلائه كذلك نِعَمَه وإفضاله -سبحانه وتعالى- مما ذَكرَه هنا -سبحانه وتعالى- من {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43] {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46]، هو الذي أغنى وهو الذي أقنى، فهذا إنعامه؛ وهذا إفضاله، وهذه آلائه -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56]، هذا الذي يسوقه الله -تبارك وتعالى- هنا نذير؛ كلام للتحذير، {........ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56]، فقد ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- إهلاكه عاد؛ وثمود، ونوح، والمؤتكفات، هذه نُذُر يُخوِّف الله –تبارك وتعالى- بها عباده ويقول انظروا؛ هؤلاء هم الغابرون ممَن كفروا بالله -تبارك وتعالى-، انظروا صنيع الرب -تبارك وتعالى- بهم واتعظوا، {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56]، من النُذُر الأولى فهي نُذُر، كل إهلاك لله -تبارك وتعالى- لقرية من هذه القرى ولأمة من هذه الأمم هو نذير لِمَن حولها ولِمَن بعدها، كما قال -تبارك وتعالى- {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة:66]، فيجعل الله -تبارك وتعالى- هلاك القرية نذير لما بين يديها ولِما سبقها؛ وكذلك لِما يأتي بعد ذلك، فإن الذي يأتون بعد إذا نظروا إلى ما أهلك الله -تبارك وتعالى- به السابقين قد يتعِظوا، {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولَى}[النجم:56].

ثم قال -جل وعلا- {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57]، أزِفَت؛ اقتربت، الآزِفة؛ التي من شأنها أنها قريبة وهي يوم القيامة، هذا إخبار من الله -تبارك وتعالى- أصبح قريب وأنه استعد للمجيء وكأنه مفاجأة للناس، {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57]، وهي قريبة لأن النبي -صلوات الله والسلام عليه- بُعِثَ في نَفَس الساعة، ومعنى في نَفَس الساعة كأنه الجاري الذي يركض فنَفَسه يكون أمامه، فهي جائت والنبي مُرسَل كأنه خلاص؛ ورائه الساعة -صلوات الله والسلام عليه-، وذلك أنه النبي الخاتم -صلوات الله والسلام عليه-، ولذلك هو أعظم عَلَم من أعلامها ونذير من نُذُرِها أن قد خُتِمَ تاريخ البشر وبقائهم في هذه الأرض بدءًا بآدم -عليه السلام- هذا خلاص؛ انتهى برسالة النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- آخر رسول، وبعد ذلك بقي الاستعداد ليوم القيامة، فالنبي -صلوات الله والسلام عليه- عَلَم الساعة، وقد أصبحت الساعة قريبة ووقتها الباقي محدود، {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57]، اقتربت التي من شأنها أنها موصوفة بالقُرب، {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}[النجم:57]، أي فاستعدوا فإنها إذا اقتربت الساعة {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58]، ليس للساعة من دون الله كاشفة، كاشفة؛ مُبينة، لأنه لا يُظهِرها ولا يُبيِّنها إلا الله -سبحانه وتعالى-، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- هو وحده الذي عنده عِلم الساعة، كما قال -جل وعلا- {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، هذا غيب، {........ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[لقمان:34]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}، متى سترسوا وتأتي؟ {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}، لا يُجلِّيها؛ يُظهِرها، هنا {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58]، {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}، لا تأتي الناس إلا بغتة فإنها تبهتهم وتبغتهم، ولا يكون عند أحد من أهل الأرض في وقت مجيئها؛ ووقت مجيئها هو النفخة الأولى في الصور، لن يكون عند أي بشر ممَن يعيشون على الأرض عِلم بها، ولذلك يكون الناس كلهم في أعمالهم وأشغالهم، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «إن الرجل ليلوط حوضه فما يسقي فيه، وإن الرجل ليرفع اللُّقمة إلى فمه فلا يُدخِلها فيه»، ما يلحق يُدخِل اللُّقمة حتى تُدرِكه الصيحة، وهؤلاء الذين في أعمالهم سواء كانوا في الحاضرة أو في البر كلهم في أعمالهم ليس عندهم عِلم بمجيء الساعة.

والله -تبارك وتعالى- قال لعبده موسى في ما أوحى له {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه:15] {فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى}[طه:16]، وجبريل عندما جاء ودخل المسجد على النبي -صل الله عليه وسلم- في صورة رجل والمسلمون حوله؛ سأله متى الساعة؟ في الحديث المشهور «قال له النبي ما المسئول عنها بأعلم من السائل»، المسئول عنها؛ النبي -صل الله عليه وسلم-، بأعلم من السائل الذي كان يسأل وهو جبريل -عليه السلام-، وقال الرسول بعد خروجه «أتدرون مَن السائل؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال هذا جبريل؛ أتاكم يُعلِّمكم دينكم»، فالساعة الله -تبارك وتعالى- أخفاها عن كل خلْقِه؛ فلا يعلمها ملَك مُقرَّب، ولا أحد من حملة عرشه، ولا من خواصه، ولا من أنبيائه -سبحانه وتعالى-، وكذلك لا يمكن أن يستنبطها أن يكشفها أحد من الخلْق، وليست الساعة كما يعتقد بعض هؤلاء الكافرون بالله -تبارك وتعالى-؛ نسبوا نشأة الكون إلى نفسه، وجعلوا هلاك الكون وانقضاء الكون كذلك إلى ذاته، فقالوا بأن الكون أنشأ نفسه عن طريق الانفجار العظيم، مادة الكون كانت موجودة ثم حصل فيها هذا الانفجار، فوضِع كل كتلة بعد ذلك من كُتَل السماوات هذه والأرض في أماكنها، ثم دارت بفعلها بذاتها من نفسها؛ ليس هناك إله خلف ذلك، ومثل هذه السخافات يُفسِّرون بها نشأة الكون، ونجد من العقول السخيفة المنحطة التي أعمى الله -تبارك وتعالى- أبصارها مَن يؤمن بمثل هذه السخافة، فالقول بأن المادة كانت موجودة هناك؛ ومَن أوجدها؟ كيف توجد هذه المادة وهي بهذه الدقة والإحكام؟ كل ذرَّة فيها إنما هي بغاية الدقة والإحكام، كيف توجد ولا موجِد لها؟ ثم ما الذي يجعل هذا الانفجار ينفجر هكذا بدون أن يكون له أسبابه ودواعيه؟ مَن الذي يخلُق أسباب هذا الانفجار ودواعيه؟ ثم ما هذا الانفجار الذي ينفجر فيضع كل جُرم في هذا الكون في مكانه تمامًا؟ ما في شيء في غير موضعه وإنه بهذه الدقة وهذا الإحكام انتظم هذا الانتظام الذي لا انتظام مثله، {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، بانتظام هائل لا يتعدى ولا يتغير؛ أهكذا؟ يحصل الانفجار الكبير وتوضع كل ذرَّة من هذا الكون هكذا في مكانها المُحكَم الدقيق؛ وتنتظم به، وتسير على هذا كما يقولون ملايين السنين ولا خالق له؛ ولا مُنظِّم له، تعالى الله عن ذلك، أي عقول هذه؟.

هذه العقول السخيفة التي فسَّرَت نشأة الكون على هذا النحو كذلك فسَّرَت هلاكه بمثل هذا، فقالت إن ذهاب هذا الكون إنما سيكون بحال الخطأ مثل ما كان هذا الأول صدفة خاطئة على هذا النحو؛ نظَّمته، لابد أن تأتي صدفة كذلك خاطئة تُدمِّره، فيمكن أن يخرج نجم من النجوم أو كوكب من الكواكب عن مساره فيصطدم مثلًا بالأرض؛ يصطدم بغيره، فعند ذلك تذهب الحياة التي على هذه الأرض؛ فتذهب خطأً كذلك كما أتت، وبعضهم يُقدِّر عندما يرى نجم من النجوم يقول لك النجم هذا ينحرف درجة أو غير ذلك، وأن هذا النجم ممكن بعد مليون سنة أو عشرين مليون سنة يصطدم بالأرض وتنتهي الحياة، كذلك نفس السخافة وقِلَّة العقل وعمى البصر والبصيرة عن آيات الله -تبارك وتعالى- في الكون يُفسَّر بها نهاية الكون، لا شك أن هذا الكون الذي بدأ لا يمكن أن يكون مخلوق بدون خالق، الله خالق كل شيء -سبحانه وتعالى-؛ خلَقَه، وهو الذي نظَّمه فهو فاطر السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، وهو يوم أن خلَقَ السماوات والأرض جعل لها أجل؛ أخبرنا -سبحانه وتعالى- أنه جعل لها أجل، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:1] {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}[الأنعام:2]، {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ}، بداية الخلْق اللي هو آدم، {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا}، لكل نفس من أولاد آدم قضى الله -تبارك وتعالى- لها أجل تنتهي إليه، وقت مُحدد لكل واحد يموت في ساعته التي قدَّرها الله -تبارك وتعالى- له، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}، للسماوات والأرض، وقال {مُسَمًّى عِنْدَهُ}، يعني أن الله -تبارك وتعالى- قد كتَبَه وسمَّاه قبل أن يخلُق السماوات والأرض؛ وأنه جعل لها أجل، فهو الذي بدأ خلْقَها -سبحانه وتعالى- وجعل لها أجلًا تنتهي إليه، والله -تبارك وتعالى- جعل هذا الأجل عنده -سبحانه وتعالى-.

يقول الله -تبارك وتعالى- {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58]، ليس ليوم القيامة من دون الله كاشفة؛ مُبينة، لا يُبينه ولا يُظهِره إلا الله -تبارك وتعالى-، المعنى الثاني في {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58]، يعني ليس لأهوال هذه الساعة وما تُغطِّي به الناس من أهوالها وأمورها العظيمة؛ لا يكشف أهوالها إلا الله -تبارك وتعالى-، والله سمَّى يوم القيامة الغاشية {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:1] {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}[الغاشية:2] {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}[الغاشية:3]، فهي غاشية؛ تغشى الناس كلهم، فهو تغشى الناس جميعًا بأهوالها وعظيم أحداثها، فإن أولها زلزال هائل مُدمِّر {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[الزلزلة:1]، وقول الله زلزالها يعني كأنه لا زلزال للأرض إلا هذا، فتبقى الزلازل التي سبقت هذا الزلزال زلازل صغيرة؛ جُزئية جدًا، أما زلزالها هنا؛ زلزالها الأكبر، {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[الزلزلة:1] {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا}[الزلزلة:2] {وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا}[الزلزلة:3]، فهذا الزلزال الذي هو زلزال، كما قال -جل وعلا- {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة:13] {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}[الحاقة:14] {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الحاقة:15] {وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}[الحاقة:16]، فهذا الزلزال الذي يرفع الأرض كلها ثم يدُكُّها دكَّة واحدة؛ تنفجر بحارها وأنهارها بعضها مع بعض، وتشتعل نارًا، هذا أمر لا شك أنه لا يمكن تصوُّره بتصوُّر ما جاء في الأرض مثلًا من براكين أو من زلازل جُزئية؛ هذا الأمر الأعظم.

ثم الغاشية الكبرى عندما يُنفَخ النفخة الثانية في الصور ويخرج الناس من قبورهم كما قال النبي «في أرض ليس في عَلَمٌ لأحد، ينفُذهم البصر ويُسمِعهم الداعي»، داعي واحد يُسمِعهم جميعًا وينفُذهم البصر، وعند ذلك تقوم بقى الأهوال؛ الأهوال الكبرى، وليس لهذه الأهوال من دون الله كاشفة عمَن أراد الله -تبارك وتعالى- أن يكشفها عنهم، كما قال الصالحون من عباد الله -تبارك وتعالى- {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا}[الإنسان:9] {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان:10] {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}[الإنسان:11]، فالذي يقي العباد شر ذلك اليوم هو الله -سبحانه وتعالى-، فهذا يوم عصيب وعظيم ووصَفَ النبي -صل الله عليه وسلم- أهل الإيمان فيه، أهل الإيمان أخف آلام وأهوال من الكفار، فإن الكفار آلام هذا اليوم وأهواله خلاص، لأن الله -تبارك وتعالى- يقول {........ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا}[طه:102] {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا}[طه:103] {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا}[طه:104]، {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا}، من الغم والكَمَد، فإنهم يُزجَرون ويُذكَّرون بأنهم الآن مُساقون إلى النار؛ ويُساقون إليها السَّوق العظيم، فأهوال يوم القيامة بالنسبة للكفار شيء عظيم، وكل ساعة فيها يشتد؛ يشتد، يشتد ...، إلى أن يبلغوا غاية الشدة بإلقائهم في النار -عياذًا بالله-، أما أهل الإيمان فإن الأمر مُشتَد عندهم، ولكن الله -تبارك وتعالى- يُهوِّن عليهم؛ يُهوِّن عليهم، حتى يكون بعد ذلك دخولهم الجنة.

{لَيْسَ لَهَا}، يعني ليس لأهوال هذا اليوم اللي هي الآزفة؛ يوم القيامة القريب، {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58]، لا يكشف هذا العذاب من دون الله أحد عمَن أراد الله -تبارك وتعالى- أن يكشفه عنه -سبحانه وتعالى-؛ ولا يُكشَف إلا عن المؤمنين، فجاء في حديث النبي -صل الله عليه وسلم- «يوم القيامة تدنوا الشمس من الرؤوس حتى تكون قدْر ميل ويأخذ النار العرَق؛ منهم مَن يأخذه العرَق إلى كعبيه، ومنهم مَن يأخذ العرَق إلى ركبيته، ومنهم مَن يأخذه العرب إلى حِقوَيه، ومنهم مَن يأخذه العرَق إلى ثدييه، ومنهم مَن يُلجِمه العرَق، ومنهم مَن يغُط في عرَقِه غطيطًا»، فيمكثون على هذا النحو ما شاء الله أن يمكثوا، ثم يفزعوا ويقولون ألا تنظروا في مَن يشفع لكم عند الله -تبارك وتعالى-؟ الأمر هذا لدخول الجنة، فيأتون آدم؛ ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، وكلٌ يقول نفسي نفسي، «إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبلَه مثله ولن يغضب بعده مثله»، ثم يكون المآل إلى صاحب الشفاعة العظمى؛ محمد -صلوات الله والسلام عليه-، الذي يسجد تحت عرش ربه -سبحانه وتعالى- ويُعلِمه الله من تسبيحه وتحميده، يقول النبي «يُعلِمني من تسبيحه وتحميده أشياء لا أعلمها الآن، ثم يُقال يا محمد ارفع رأسك؛ وسَل تُعطى، واشفع تُشفَّع، فأقول أي ربي أُمتي أُمتى، فيُقال له أدخل مَن لا حساب عليه من أُمتك من الباب الأيمن في الجنة؛ وهم شركاء الناس في ما سوى ذلك من الأبواب»، للإمام محمد كلمة لطيفة عندما قيل له؛ متى يسعَد المؤمن؟ فقال عندما يضع أول قدم له في الجنة؛ هنا تبدأ الطمائنينة، فالأمن والسعادة عندما تضح قدمك في الجنة، أما قبل هذا فأهوال عظيمة؛ تبقى أهوال عظيمة، انظر أهوال الساعة إلى دخول الجنة وهؤلاء أهل الإيمان يكونون في هذه الأهوال، {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم:58].

ثم قال -جل وعلا- {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ}[النجم:59]، الحديث المُنزَل من الله -تبارك وتعالى-؛ هذا القرآن، وفيه إنذار من الله بالعقوبة في الدنيا والآخرة؛ وبالتذكير بمصارع الغابرين، {وَتَضْحَكُونَ}، استهزاءً وسُخرية، {وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ}[النجم:60]، عندما يُحذِّركم الله بهذا، {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ}[النجم:61]، سامِدون يعني مُكبِّرون مُبرطِمون، فالسَّامِد هو المُتكبِّر؛ المُبرطِم، الذي يمتلئ عِزَّةً، وتعجرُفًا، وامتناعًا عن قبول الحق، ثم قال -جل وعلا- {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:62]، أمر بالسجود لله -تبارك وتعالى- وعبادته -جل وعلا- لأن هذا هو طريق النجاح؛ الاستكانة لله -تبارك وتعالى-، السجود له، واعبدوا الرب -تبارك وتعالى- الذي هذه صفاته العظيمة.

استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وأُصلِّي وأُسلِّم على عبد الله ورسوله محمد، والحمد لله رب العالمين.