الأربعاء 08 ذو القعدة 1445 . 15 مايو 2024

الحلقة (679) - سورة الواقعة 25-56

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا}[الواقعة:25] {إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الواقعة:26] {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}[الواقعة:27] {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}[الواقعة:28] {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}[الواقعة:29] {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة:30] {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}[الواقعة:31] {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}[الواقعة:32] {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33] {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}[الواقعة:34] {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35] {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37] {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38] {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:39] {وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:40] {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}[الواقعة:41] {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}[الواقعة:42] {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ}[الواقعة:43] {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}[الواقعة:44] {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ}[الواقعة:45] {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ}[الواقعة:46] {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الواقعة:47] {أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ}[الواقعة:48] {قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ}[الواقعة:49] {لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة:50] {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ}[الواقعة:51] {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ}[الواقعة:52] {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الواقعة:53] {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ}[الواقعة:54] {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}[الواقعة:55] {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}[الواقعة:56].

في ختام وصْف ما أعدَّ الله -تبارك وتعالى- للسابقين؛ وهم أحد الأزواج الثلاثة الذين أخبر الله -تبارك وتعالى- عنهم، أن أحوال الناس سينتهي إليها يوم القيامة، {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}[الواقعة:7]، هذه سورة الواقعة؛ يوم القيامة، التي أخبر الله -تبارك وتعالى- بأنه {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الواقعة:1] {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}[الواقعة:2]، لابد أن تكونت؛ الله حتمها -سبحانه وتعالى- منذ خلَقَ الخلْق، وحدَّ هذا الحد وهو يوم القيامة ليقوم الناس لرب العالمين -سبحانه وتعالى-، ليُعطي الرب -جل وعلا- كل صاحب عمل جزائه، {........ لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه:15]، قال -جل وعلا- {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}[الواقعة:7] {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}[الواقعة:8] {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:9] {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:10] {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}[الواقعة:11]، وصَفَ الله نعيم السابقين -سبحانه وتعالى- فقال -جل وعلا- {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:10] {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}[الواقعة:11] {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[الواقعة:12]، ثم قال وأخبر أنهم {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:13]، مجموعة كبيرة من الأولين، {وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:14] {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ}[الواقعة:15]، مجالسهم منسوجة بالذهب، {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ}[الواقعة:16] {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ}[الواقعة:17]، مُخلَّدون وِلدانًا، {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ}[الواقعة:18] {لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ}[الواقعة:19]، خمرهم، فينتهون منها بكثرة الشراب؛ يُصدَّع عنها،  {وَلا يُنزِفُونَ}، يُخرِجون ما في بطونهم، {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ}[الواقعة:20] {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}[الواقعة:21] {وَحُورٌ عِينٌ}[الواقعة:22]، نساء الجنة التي خلَقَهُنَّ الله -تبارك وتعالى- لأهل هذا النعيم، {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ}[الواقعة:23]، صفاء أجسادُهُنّ، {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الواقعة:24].

ثم قال -جل وعلا- {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا}[الواقعة:25]، لا يسمعون في الجنة لغو؛ أي كلمة لا معنى لها، مما يُنغِّص خاطرًا أو يؤذي أُذُنًا، ما في أذىً للأُذُن، {لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً}[الغاشية:11]، ولا تأثيمًا؛ سِباب، أو شتائم، أو خصومة، ليس هناك في الجنة خصومة؛ ولا إحَن، ولا تباغُض بين اثنين قط، وإنما هم كلهم أهل الجنة {........ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:47]، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا}[الواقعة:25] {إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الواقعة:26]، كل أقوالهم سِلم؛ كله سلام سلام، كل أقوالهم إنما هي في السِّلم؛ فليس فيها تباغُض، ولا تشاجُر، ولا تهاجُر، ولا زجر، ولا لمز، إنما كل أقوالهم إنما هي سِلم، وأقوال محبة وصداقة ومودة بين بعضهم بعض، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا}[الواقعة:25] {إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا}[الواقعة:26].

ثم شرَعَ الله بعد ذلك في بيان نعيم الطائفة الثانية من أهل رحمته -سبحانه وتعالى- وهم أصحاب اليمين دون المنزلة العليا؛ وهم السابقون، قال -جل وعلا- {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ}، اليُمن؛ البركة ونعمة الرب -تبارك وتعالى-، {........ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}[الواقعة:27]، لتهويل شأنهم؛ وتعظيمه، وإجلاله، هذا أمر جليل؛ عظيم، {........ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}[الواقعة:27]، قال -جل وعلا- {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}[الواقعة:28]، يعني أن جناتهم سِدر، وشجر السِّدر معلوم لكنه مخضود؛ قد خُضد بمعنى أنه لا شوك فيه، ليس كسِدر الدنيا الذي تنهش أشواكه الثياب... أبدًا لا؛ وإنما هذا سِدر مخضود، فالنبق الذي في السِّدر يُنال ولا أشواك فيه؛ لا شوك في الجنة، وقد قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- في وصْف السِّدرة؛ اللي هي سِدرة المُنتهى، قال «أوراقها كآذان الفيلة»، لمَّا رآها النبي -صل الله عليه وسلم- أي من كِبَرِها، «ونبقها كقِلال هَجَر»، يقول نبقها وهي ثمرة السِّدر كقِلال هَجَر، القُلَّة هي هذه الجرَّة التي هي بمقدار ما يُقِل الرجل، يعني يرفعه، هذي كِبَرُها وعظمتها، {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}[الواقعة:28] {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}[الواقعة:29]، شجر الطلح معروف؛ من أشجار البادية، لكن هذا منضود بالفاكهة، منضود بفاكهة من فاكهة الجنة، منضود يعني أنه منتظم، يعني أنه قد نُضِّدَت وقد نُظِّمَت ثماره بعضها مع بعض، {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ}[الواقعة:29] {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة:30]، ظِل ممدود أبدًا لا ينقطع، فالجنة كلها ظِلال، وظِلال شجرها كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «إن في الجنة شجرة يسير الجواد المُضمَّر مائة عام تحتها لا يقطعها»، يعني بأقصى سرعته، الجواد المُضمَّر لو أنه يركض في ظِل هذه الشجرة -من أول ظِلِّها لآخر ظِلِّها- فإنه يسير مائة عام لا يقطعها، وهذا معناه أنها تُغطِّي مثل هذه الأرض التي نعيش عليها آلاف المرات، فإن الأرض التي نحن عليها الجواد المُضمَّر يقطعها في مسافة أقل من هذا؛ في شهر يقطع من أقصى الأرض إلى أقصى الأرض، يعني يحيط جريه حول الأرض، فإذن هي أكبر من هذه الأرض بمراحل كثيرة؛ هذا ظِل شجرة واحدة.

{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}[الواقعة:30] {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}[الواقعة:31]، ماء مصبوب؛ يُصَب لهم، وهذا الماء قد أخبر الله -تبارك وتعالى- أن أنهاره ماء غير آسِن، {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}[الواقعة:32]، فاكهة كثيرة مما عُهِدَ مثله في هذه الدنيا ومما لم يُعهَد مثله مما زخره الله -تبارك وتعالى- في هذه الجنة، {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33]، لا مقطوعة؛ فتأتي صيفًا وتنقطع شتاءً، أو تأتي في هذا الفصل وتنقطع في هذا الفصل، تكون الثمرة إنما هي كما هو الشأن في الدنيا، فإن ثمار جِنان الدنيا وبساتينها إنما هي فترة من فترة العام، قد تُثمِر صيفًا وتنقطع بعد ذلك حتى يأتي الصيف؛ أو شتاءً وينقطع، أما هناك لا؛ ثمار الجنة أكُلها دائم وظِلُّها، فظِلُّها دائم؛ لا تنسخه شمس، وأُكُلُها دائم؛ دائم كل شجرة في الجنة ثمارها عليها، ما تُقطَف منها ثمرة إلا وتعود مكانها واحدة فلا تنقطع منها ثمارها، {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}[الواقعة:32] {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33]، ولا تُمنَع عن طالبها وآخذها بأي صورة من صور المنع؛ أسوار مثلًا هي مُسوَّرة، أو أنها ممنوعة بحُرَّاس... لا، وإنما هي مبذولة موجودة في كل وقت؛ لا مانع يمنع منها قط، {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33]، كما الشأن في بساتين الدنيا، فإن بساتين الدنيا إما مُحاطة بالأسوار؛ وبالحُرَّاس، وبغيرها، وبالنواطير، وإما أنها تأتي وقتًا وتغيب وقتًا، ثمار الجنة وفاكهة الجنة غير ذلك، ثم قال -جل وعلا- {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}[الواقعة:34]، فُرُش للاتِّكاء عليها مرفوعة على أسِرَّة، كما قال -تبارك وتعالى- {........ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}[الرحمن:76].

ثم أخبر -سبحانه وتعالى- عن نساء أهل الجنة؛ نساء أهل اليمين، قال {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35] {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37] {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38]، إنَّا؛ الله -سبحانه وتعالى- يؤكِّد -جل وعلا-، أنشأناهُنَّ؛ خلَقَهُنَّ خلْقًا جديدًا، أنشأهُنَّ إنشاءً جديدًا، فالمرأة المؤمنة من أهل الجنة التي كانت عجوز في الدنيا؛ شعساء، رمصاء، غمصاء، عجوز، يخلُقها الله –تبارك وتعالى- خلْقًا جديدًا خالصًا، {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35]، إنشاءً جديدًا، إنشاء للجنة، {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37] {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38]، هذه النشأة نشأة جسدية ونشأة نفسية، فأولًا جعلهُنَّ الله -تبارك وتعالى- يقول {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36]، دائمًا، كأنها لم تُطمَث قط، وتبقى على هذا النحو بِكرًا وهي زوجة المؤمن؛ مهما طُمِثَت فإنها تعود بِكرًا كما كانت، {........ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا ........}[الواقعة:37]، عُرُب؛ نساء عُرُب، جمع عروب، والعروب هي المرأة المتحببة لزوجها، يعني أهل حب لزوجها وليست أهل كنود؛ وغضب، وبُعد... لا، بل إنما عروب، {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37]، في سِن واحدة، لا يتزوج المؤمن في الجنة امرأة تكون له امرأة كبيرة في السِن وصغيرة وإنما كلُهُنَّ في سِنٍ واحدة، {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37]، تِرب كل واحدة منها، يعني فلان تِرب فلان بمعنى أنه قد يُساوية في السِن، فهم كلُهُنَّ في سِنٍ واحدة، وهذا السِن اللي هو بداية البلوغ، كما قال -جل وعلا- {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا}[النبأ:33]، كواعب؛ والكاعب هي التي بدأ ثديها يتكعَّب، فهذا إنشاء جديد لنساء الجنة، وهذا الإنشاء إنشاء جسدي وإنشاء نفسي كذلك، فإن عُرُبًا هذا يدل على نفوسِهِن وأرواحهِن المتحببة لأزواجِهِن، فليس من غم ولا نكد ولا نحو ذلك وإنما هُنَّ على هذا النحو، {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35] {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37]، قال -جل وعلا- {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38]، يعني هذا الإكرام وهذا الفعل الذي فعله الله -تبارك وتعالى- بنساء الجنة إنما هو لأهل اليمين، وقد جاء أن النبي -صلوات الله والسلام عليه- قال لامرأة عجوز وهو يُمازِح، إمرأة عجوز فقال له لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها النبي -صل الله عليه وسلم- إن الله -تبارك وتعالى- يُنشئ المؤمنات التي بلغن سِن كبيرة في الدنيا إنشاء أخر، وقال -تبارك وتعالى- {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً}[الواقعة:35] {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}[الواقعة:36] {عُرُبًا أَتْرَابًا}[الواقعة:37] {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}[الواقعة:38].

{ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:39]، يعني هؤلاء أهل اليمين وهم الطبقة الثانية يعني الدرجة الثانية في الجنة دون الدرجة العليا، {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:39] {وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:40]، ثُلَّة؛ جماعة كثيرة من الأولين وجماعة كثيرة من الآخرين، وقد مضى ما قيل في معنى الأولين والآخرين، الأولين قيل من الأمم السابقة وقيل الآخرين من أمة النبي محمد -صل الله عليه وسلم-، وقيل الأولين من أوائل هذه الأمة والآخرين من أواخر هذه الأمة، وعلى هذا القول الثاني إذن يغلُب في أواخر هذه الأمة الذي يكونون من الدرجة الثانية من أهل الإيمان، في السابقين قال -تبارك وتعالى- {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:13] {وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:14]، وفي أهل اليمين اللي هم دونهم قال {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ}[الواقعة:39] {وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}[الواقعة:40]، هذا ما أعدَّه الله -تبارك وتعالى- وما وصَفَ به هذا النعيم المُقيم لهؤلاء أهل اليمين والسابقين؛ دول أهل كرامة الله -تبارك وتعالى- وأهل الجنة.

ثم شرَعَ الله -تبارك وتعالى- يُبيِّن حال الطائفة الثانية بيانًا لِما تصنعه هذه الواقعة {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ}[الواقعة:3]، تخفض أقوامًا كانوا في العُلا فتخفضهم إلى أسفل سافلين؛ كانوا من أشراف الناس، وترفع أقوامًا كانوا من أهل الفقر والمسكنة لكنها ترفعهم، فهؤلاء الذين ارتفعوا إلى أن يكونوا من السابقين ومن أهل اليمين ولننظر الطائفة الأخرى التي خفضها الله -تبارك وتعالى- وأذلَّها؛ وهم أصحاب الشِمال، قال -جل وعلا- {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}[الواقعة:41]، أصحاب الشِمال؛ الشؤم، الشِمال عند العرب شؤم، فدول هم أهل الشؤم الذي عليهم هذا العذاب؛ أهل غضب الله -تبارك وتعالى- وسخَطِه، نعوذ بالله -تبارك وتعالى- من حالهم، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}[الواقعة:41]، ما أصحاب الشِمال؛ تهويل وتعظيم لشأن هؤلاء، تعظيم لشأنهم في الشر في ما هم فيه من عقوبة الرب -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}[الواقعة:42]، فهذا بقاؤهم وحالهم، السموم؛ الريح الحارة، الريح هذه تسير على نار جهنم -عياذًا بالله-، يعني مبعثها النار -عياذًا بالله-، فانظر هواء حار يسير في نار جهنم؛ فهو في سموم دائم، وحميم؛ الماء الذي قد بلغ حدَّه في الحرارة، يعني ماء محمي، وهذا الماء الحميم أخبر -سبحانه وتعالى- أنه ماء كالمُهل يشوي الوجوه -عياذًا بالله-؛ مثل المعدن المُذاب، {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ}[الواقعة:43]، وهم في ظِل لكن هذا الظِّل من يحموم؛ دخان النار وقترها الذي يعلوا وهم في ظِل هذا، وهذا الظِّل هذا قال -جل وعلا- {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}[الواقعة:44]، فظِل النار وظِل الدخان الذي يخرج من النار كيف يكون بارد؟ فما هو بارد ولا هو كريم بل هو خبيث مُنتِن، {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ}[الواقعة:43] {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}[الواقعة:44].

ثم لمَّا وصَفَ الله هذا بحالهم أخبر عن ذنبهم، ما الذي أوصلهم إلى هذا الأمر؟ قال -جل وعلا- {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ}[الواقعة:45]، إنهم يعني هؤلاء الذين هم في هذا الحال من سخط الله -تبارك وتعالى-، كانوا قبل ذلك؛ أي في الدنيا، {مُتْرَفِينَ} {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ}[الواقعة:46]، المُترَف هو المُنعَّم بكل صنوف النِعَم في هذه الدنيا مع رفضه لشُكر الله -تبارك وتعالى- وإنعامه، فهو مُترَف؛ أترفه الله -تبارك وتعالى- وأعطاه وما أعطاه من خيرات هذه الدنيا ومَنَّ عليه، لكنه عاش كافرًا مجرمًا لم يشكر الله -تبارك وتعالى-؛ لم يؤمن بالله ويشكره، ويا ويل هذا الذي مُترَف ثم يكون هذا حاله، يعني كان من أهل الترف في الدنيا ومُتَعوِّد على هذه النِعَم العظيمة، لكن بعد ذلك انظر حاله في سموم؛ وحميم، {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ}[الواقعة:43] {لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ}[الواقعة:44] {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ}[الواقعة:45] {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ}[الواقعة:46]، يُصِرُّون؛ الإصرار هو العتو والبقاء في الذنب مع الاستمرار عليه، يعني مستمرون على ما هم عليه من الحِنث؛ الإثم العظيم، وهو كفرهم بالله -تبارك وتعالى-؛ وشركهم به، ورفضهم للحق، وإنكارهم للبعث والنشور، فكانوا على الحِنث العظيم؛ على الذنب العظيم، من الكفر والشرك؛ مُصِرُّون على هذا، سائرون عليه، مستمرون فيه.

{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الواقعة:47]، كان هؤلاء المجرمون يُكذِّبون بيوم القيامة؛ هذه الواقعة، يقول الله {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الواقعة:1] {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}[الواقعة:2]، فكانوا يقولون وهم أهل ترف وأهل فخفخة {........ يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الواقعة:47]، جاء كلامهم في صيغة سؤال للاستنكار والاستبعاد، هذا أمر مُستبعَد؛ ما يمكن يكون، {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا}، كُنَّا ترابًا؛ تحوَّلت أجسادنا إلى التراب، صَرنا مثله واختلطنا به، وعظامًا أي بالية، {أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}، أنُبعَث مرة ثانية؟ أمر مُستبعَد عندهم أن الله -تبارك وتعالى- يُعيدهم إلى الحياة مرة ثانية وقد صاروا إلى هذه الحالة، {أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ}[الواقعة:48]، وكذلك آباؤنا الذين ماتوا من مئات السنين وكانوا على هذا النحو؛ يعودون مرة ثانية إلى الحياة؟ {أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ}[الواقعة:48]، قال -جل وعلا- {قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ}[الواقعة:49] {لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة:50]، قُل لهؤلاء المجرمين {........ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ}[الواقعة:49]، الأولين؛ الذين خلَقَهم الله -تبارك وتعالى- أولًا، الأولين من آدم -عليه السلام-، والآخرين؛ مَن يأتون إلى آخر نَسَمَة في هذه الدنيا قبل أن يقوم يوم القيامة، لمجموعون؛ كلهم سيجمعهم الله -تبارك وتعالى-، {........ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الواقعة:50]، ميقات؛ وقت محدد، يوم محدد معلوم عند الله، فهو يوم محدد؛ مُسمَّى، معلوم عند الله –تبارك وتعالى-  وليس الأمر متروكًا إلى أن يُنشئ الله هذا وقت ما يُنشئ... لا، بل إن هذا أمر معلوم مُقدَّر؛ محتوم عند الله -تبارك وتعالى-، مجموعون يوم القيامة إلى ميقات وقَّتَه الله -تبارك وتعالى- للناس، يوم معلوم عنده -سبحانه وتعالى-؛ فهو يوم مُسمَّى ومعلوم، لكن الله -تبارك وتعالى- قد أخفى عِلمَه عن كل خلْقِه -سبحانه وتعالى-، واحتفظ الله -تبارك وتعالى- لنفسه وحده -سبحانه وتعالى- بعِلمِه، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}.

ثم في هذا اليوم إنكم {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ}[الواقعة:51]، هذا حالكم الذي سيكون، إنكم أيها الضالون عن الحق؛ المُكذِّبون بالحق، فقد كذَّبوا بالحق؛ هذا الحق الذي أتاهم من رسولهم كذَّبوه وردُّوه، {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ}[الواقعة:52]، لآكلون للتأكيد بلام التأكيد، ستأكلون من شجر من زقُّوم، وهذا الشجر أخبر -سبحانه وتعالى- أنه شجر مخلوق في النار؛ لا مثيل له في هذه الدنيا، أخبر بأن هذه الزقُّوم قال {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}[الصافات:64] {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}[الصافات:65] {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الصافات:66]، فهذه شجرة ملعونة كما قال الله -تبارك وتعالى- {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}، هذه شجرة الزقُّوم شجرة ملعونة، وقد أخبر النبي عن صورة من ثمارها التي يأكلها الكافر، قال النبي -صل الله عليه وسلم- «يا أيها الناس لو أن قطرة من الزقُّوم»، قطرة واحدة من ثمرة من ثمارها، «قُطِّرَت على أهل الدنيا»، قُطِرَت في الدنيا، «لأفسدت على الناس معايشهم»، كان كل مَن في الأرض تفسُد حياتهم كلها، يعني أنها تُسمَّم أنهارها؛ تقتل أحياء بحارها، تُبيد زروعها، تقتل ناسها ما يبقى أحد، قطرة واحدة، يقول النبي «لو أن قطرة من الزقُّوم قُطِرَت في الدنيا لأفسدة على الناس معايشهم، فكيف بمَن هي طعامه وشرابه»، يقول النبي كيف حال مَن هي طعامه وشرابه في صُبحِه ومسائه؟ دائمًا هذه طعامه الدائم، فهذه الزقُّوم –عياذًا بالله- شجرة من نار تتغذى بالنار، تنبت في أصل النار وتتفرع فيها وغذاؤها النار، إذن كيف يكون ثمرها؟ ما ثمرة شجرة أصلها وجذورها في النار وتعيش على النار؟ {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ}[الواقعة:52] {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الواقعة:53]، يعني لن يأكلوها هكذا وإنما سيأكلوها بتشهِّي وتُفتَن، كما قال -جل وعلا- {إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ}[الصافات:63]، هذه الشجرة فتنة له؛ تُفتَن بها، لأنه يشعر بالجوع الشديد جدًا فيأكل منها، {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ}[الواقعة:52] {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الواقعة:53]، يأكل منها بتشهِّي فيملأ بطنه؛ وهذه تُقطِّعه بعد ذلك.

{فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ}[الواقعة:54]، عندما تتقطَّع أمعائه ويشعر بالعطش وبالظمأ الشديد فيبحث عن ما يُطفئ هذا فلا يكون أمامه إلا الحميم؛ الماء المحمي، وهذا المحمي يبلغ حدَّه من الحُمو، كما قال -جل وعلا- {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}[الرحمن:44]، وهذا الحميم الآن كالمُهل؛ المعدن المُذاب، {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}[الواقعة:55]، كذلك هذا يشربونه ليس قليلًا قليلًا؛ وإنما يشربونه يعبُّونه عب -عياذًا بالله- كما تشرب الهِيم، الهِيم جمع هيماء، والهيماء هي الناقة، الناقة يُصيبها أحيانًا داء في جوفها فتشرب بحرارة شديدة؛ فتَعُبَ من الماء، ولكنها لا تبرد ولا تروى؛ ما تروى من كثرة الشرب، كما قال ذلك الشاعر في بيان غرامه؛ ما يلقاه من الغرام، قال ((فأصبحت كالهيماء؛ لا الماء مُبرِد ظماها، ولا يقضي عليها هيامها))، فلا الهيام يقضي عليها ولا الماء يُبرِد ظماها، ومنها سُمِّيَ الغرام بالهيام، هام بهذه المرأة يعني أُصيب بهذه الحرارة الشديدة التي تكون على هذا النحو، وكل أمراض العشق على هذا النحو تُسمَّى الهيام والغرام، فهذه الله يقول {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}[الواقعة:55]، شُرب الناقة التي تَعُب الماء عبًا، ولا هناك يَعُب عند الشرب مثل البعير، {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}[الواقعة:55]، الإبل العِطاش عندما تَعُب الماء عبًا.

{هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}[الواقعة:56]، هذا الذي هو الأكل من الزقُّوم على هذا النحو بهذه الصفة؛ وهذا العب من هذا الحميم على هذا النحو، نُزُلُهم؛ ضيافتهم، هذه ضيافتهم؛ هذا ما أعددنا لهم ضيافة يوم الدين، النُزُل هم ما يُقدَّم للضيف قبل مجيئه، فإذا نزل بالقوم يقوم يُقدِّموا له هذه، فهذا يسمى النُزُل لأنه عندما ينزل بك ضيف تقوم إتحافه هذا، فهذه تحفتهم؛ هذا إتحاف هؤلاء، فالجنة نُزُل الله -تبارك وتعالى- لأهل طاعته، والنار التي بهذه الصورة هذه النُزُل كذلك الذي أعدَّه الله -تبارك وتعالى- لأهل معصيته، {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}[الواقعة:56]، ثم قال -جل وعلا- {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ}[الواقعة:57]، نحن؛ الله -سبحانه وتعالى-، خلقناكم؛ نحن الذين أنشأناكم من العدم وأخرجناكم، {........ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ}[الواقعة:57]، فهلَّا صدَّقتم هذا كلام الله، مَن الذي يتكلم بهذا؟ المُتكلِّم بهذا الله -سبحانه وتعالى- مُنزِل هذا الكلام؛ هذه المواعظ العظيمة، وهذا الخطاب خطاب الرحمة من الله -تبارك وتعالى- لعباده حيث يصف لهم يوم القيامة على هذا النحو وأنه واقع لا محالة، وهذه دعوة لهم ليتذكروا؛ وليتعظوا، وليرجعوا إلى ربهم وخالقهم -سبحانه وتعالى-، فبعد هذا الوصف الكامل يقول الله –تبارك وتعالى- {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ}[الواقعة:57]، يعني فهلَّا صدَّقتم ربكم -سبحانه وتعالى-، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}، {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ}[الواقعة:57]، ثم شرَعَ الله -تبارك وتعالى- يُبيِّن آياته في الخلْق وأنه هو خالق الخلْق -سبحانه وتعالى-، فبدأ -سبحانه وتعالى- بخلْق الإنسان فقال -جل وعلا- {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ}[الواقعة:58] {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}[الواقعة:59] {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}[الواقعة:60] {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ}[الواقعة:61].

ونعود -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.