الخميس 20 جمادى الأولى 1446 . 21 نوفمبر 2024

الحلقة (684) - سورة الحديد 5-9

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- بسم الله الرحمن الرحيم، {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الحديد:1] {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الحديد:2] {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد:3] {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الحديد:4] {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}[الحديد:5] {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الحديد:6] {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}[الحديد:7]، بدأ الله -تبارك وتعالى- هذه السورة؛ سورة الحديد، وهي سورة مدنية، بسِت آيات في بيان أسمائه وصفاته -جل وعلا سبحانه وتعالى-، بدأ ذلك ببيان أن كل ما في السماوات والأرض مُسبِّح له، {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الحديد:1]، تسبيحًا بلسان المقال وبلسان الحال، {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الحديد:2] {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ}، هو الأول الذي قبله شيء -سبحانه وتعالى-، والآخر الذي ليس بعده شيء، {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ}، من أيامه -جل وعلا- بدءًا بيوم الأحد ونهاية بيوم الجمعة، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، -سبحانه وتعالى- سقف هذه المخلوقات، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ}، كل ما يلِج فيها؛ من مطر، من حيوان، من غيره، {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ}، من خير، ومطر، ووحي، {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}، من ملائكته -سبحانه وتعالى- ومن الذِّكر الصاعد إليه -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}، في كل مكان تكونون فيه، {........ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[المجادلة:7]، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، مُبصِرٌ بجميع أعمالكم -سبحانه وتعالى-.

{لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ........}[الحديد:5]، مُلك ذات ومُلك تصريف، يملك -سبحانه وتعالى- السماوات والأرض لأنه خالقها؛ وبانيها، ومُبدِعها -سبحانه وتعالى-، والذين أعطى كل شيء خلْقَه فيها ثم هدى كل مخلوق إلى مساره -سبحانه وتعالى-، فلا حركة ولا سكون ولا تصريف في مخلوق إلا منه -سبحانه وتعالى- وبه -جل وعلا-؛ فهو المُتصرِّف في جميع خلْقِه، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر:62]، {........ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، أجمع قول في بيان التعريف بالله -تبارك وتعالى-، لمَّا سأل فرعون موسى عن ربه {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}[طه:49] {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، كل شيء وهو كل ما سِوى الله -تبارك وتعالى- أعطاه الله خلْقَه؛ إيجاده من العدم، وتقديره، وصفاته، ثم هدى؛ ثم هدى هذا الموجود وهذا المخلوق إلى مساره، كيف يسير، وكيف يتحرَّك، وكيف يعيش، وكيف يدَّخِر، وكيف يتكاثر، وكيف يتوالد، وما يكون عليه كله لله -تبارك وتعالى-، {........ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى:1] {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى}[الأعلى:2] {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:3]، فهو الذي خلَقَ فسوَّى -سبحانه وتعالى-؛ والذي قدَّر كل مقادير الخلْق، فهدى؛ فهدى كل مخلوق إلى قدَرِه -سبحانه وتعالى-، {لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}[الحديد:5]، إلى الله لا إلى غيره تُرجَع الأمور؛ أمور الخلْق، أمور الخلْق؛ كل شئونهم، وكل أعمالهم والفصل فيها، كله إلى الله -تبارك وتعالى-، {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}.

ثم قال -جل وعلا- {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الحديد:6]، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ}، زمانًا ومكانًا، فالليل يأخذ من وقت النهار والنهار يأخذ من وقت الليل، ويتعاقبان بهذه الحِسبة كلٌ يأخذ من وقت الآخر في فصول السنة؛ في الصيف والشتاء، فعند مثلًا الاعتدال؛ عندما يستوي في وسط الأرض الليل والنهار، ثم يبدأ في أيام الشتاء الليل يأخذ من وقت النهار شيئًا فشيئًا إلى أن يبلغ مداه في هذا، ثم يتراجعان بعد هذا يبدأ النهار فيقتص ويأخذ من وقت الليل، فيولِج الليل في وقت النهار ويولِج النهار في وقت الليل هذا زمانًا، ومكانًا فإن هذه الأرض التي هي مكان الليل والنهار يتعاوران فيها، فإن كلًا منهم يأخذ مكان صاحبه في دورته بعضهم ببعض، {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، فالليل يطلب النهار؛ يركض خلفه، والنهار يسير، أو العكس؛ النهار يطلب الليل، وتأتي جيوشه فتُفَل جيوش الظلام؛ ويهرب منه، ويدور عليه، وهكذا ...، كلٌ يأخذ مكان الأخر، وهذا العمل عمل عظيم جدًا؛ هذا لا يقدِر عليه إلا الله -تبارك وتعالى-، مَن ذا الذي يستطيع أن يأتي بليل ويأتي بنهار ويُداوِر بينهما على هذه الأرض على هذا النحو؟ مَن الذي يستطيع أن يُدير هذه الأرض بجبالها؛ بصخورها، بمحيطاتها، بناسها؟ هذي الأرض الواسعة فيُديرها هذا الدوران ليتم عليها الليل والنهار.

{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الحديد:6]، وهو؛ الله -سبحانه وتعالى-، {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ذات الصدور؛ ذات الصدر يعني خصيصته، وهو سره الحبيس في الصدر الذي لم يُخرِجه لأحد؛ فهذا ذات الصدر، فذات الصدر إما كل أسراره لأن مكوِّن الأسرار كلها والأماكن كلها في الصدر، وذات الصدر؛ خصيصة السر، وهو ما لم يُخرِجه صاحبه لأحد؛ لم يفي به ويتفوَّه به لأي مخلوق، فلم يُكلِّم فيه أخاه؛ ولا زوجته، ولا أباه، ولا أمه، السر الدفين الذي لا يعلمه أحد، مثال مثلًا ما يقول هارون الرشيد لمَّا قال في نكبته للبرامكة، ما أحد عرف السر في هذا أنه في ليلة تغيَّر أمره وقلب لهم ظهر المِجَن، فقال لهم لو يعلم قميصي هذا السر لحرقته؛ أنه لم يُبِح به لأحد، فالسر الدفين الذي لم يُبِح به إنسان لغيره قط الله عليم به -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، سرها الدفين هذا الله يعلمه لأن الله -تبارك وتعالى- مع قلب كل أحد، لا يتقلَّب القلب وتأتي عليه خاطرة إلا والله -سبحانه وتعالى- مُطَلِعٌ عليها، كما قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ........}[ق:16]، وسواس النفس هو خاطره الذي يأتيه ثم يذهب عنه، {........ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:16]، سبحان الله العظيم، فهذا الله -تبارك وتعالى- يصِف نفسه ويصِف صفاته لعباده -سبحانه وتعالى- ويُعلِّمهم بنفسه -سبحانه وتعالى-، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الحديد:6].

بعد أن ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- في هذه الآيات السِت في بدء هذه السورة؛ سورة الحديد، هذه صفاته -جل وعلا- أتى بموضوع السورة، موضوع السورة؛ حث الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين على الإيمان وعلى الإنفاق في سبيله لأن هذا أعظم الأعمال؛ وهي التي بها الدرجات، فقال -جل وعلا- مُخاطِبًا عباده المؤمنين {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}[الحديد:7]، مَن عَلِمَ الله -تبارك وتعالى- كما وصَفَ الله به نفسه هنا -سبحانه وتعالى- لو قال الله -تبارك وتعالى- له ما قال لفعل، لأن هذا لله الذي هذه صفاته؛ الذي له مُلك السماوات والأرض، والذي يولِج الليل في النهار ويولِج النهار في الليل، والذي خلَقَ السماوات والأرض في ستة أيام، والمستوي على عرشه -سبحانه وتعالى-، والذي يعلم دخائل النفس، فهذا الرب -سبحانه وتعالى- الذي إذا أمر عبده بأمر وهو يوقِن بأسماء الله -تبارك وتعالى- وصفاته على هذا النحو؛ لا شك أنه يُسارِع إلى أي أمر يأمره به الله -تبارك وتعالى-، فيقول الله {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، الإيمان؛ تصديق وعمل بمُقتضى هذا التصديق، {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، يعني صدِّقوا وأيقنوا بالله -تبارك وتعالى- وهو غيب، لكن أخبر الله -تبارك وتعالى- عن أسمائه وصفاته هذا الإخبار بكلامه المباشر هذا منه -سبحانه وتعالى-؛ القرآن، وبكلام رُسُله -صلوات الله والسلام عليهم- أجمعين، فالنبي -صل الله عليه وسلم- قد تكلَّم عن الله -تبارك وتعالى- ووصَفَ الله -تبارك وتعالى- بما أوحى الله له من صفاته -جل وعلا-، آمنوا بالله كما أخبركم الله، صدِّقوا به؛ بأسمائه، وصفاته، وأفعاله -سبحانه وتعالى-، تصديق يحمل على العمل؛ أول شيء عمل القلب، لا شك أن مَن عرَفَ الله -تبارك وتعالى- عظَّمَه، فالله أكبر -سبحانه وتعالى- هو الرب العظيم -سبحانه وتعالى-، وأصبح للرب -تبارك وتعالى- وقار وجلال في قلبه؛ خوف، خافه؛ مَن عرَفَ الله خافه، وذلك أنه يؤاخذ بالذنب؛ ويُعاقِب به، وأنه يأمر ليُطاع -سبحانه وتعالى-.

وكذلك رجاه لأنه واسع العطاء والرحمة، هو الغفور الرحيم -سبحانه وتعالى-، فهو الذي لا يمَل من العطاء ولا يُنقِصه عطاء مهما كان، يُعطي العبد المؤمن قدْر الدنيا أو عشر أمثالها هذا أقل شيء وهذا لا يُنقِصه شيء، «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَكم كانوا في صعيد واحد وسألني كلٌ مسألته فأعطيته إياها، ما نقص ذلك من مُلكي شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخِلَ البحر فلينظر بما يرجع»، فهذا الرب الذي لا يُنقِصه ولا يُفقِره عطاء مهما كان هذا العطاء، «يد الله ملئى سحَّاء الليل والنهار، ألم تروا ماذا أنفق منذ خلَقَ السماوات والأرض؟ فإنها لم تُغِض ما في يمينه»، هذا الرب -سبحانه وتعالى- مَن عرَفَ الرب هكذا رجاه وعظُمَ رجائه فيه -سبحانه وتعالى- لأنه الذي يُعطي، كذلك أحبه؛ مَن عرَفَ الله -تبارك وتعالى- بأسمائه وصفاته أحبه، لأنه المُتصِف بصفات الكمال الجلال، لا أكمل ولا أعز ولا أكبر من الرب -سبحانه وتعالى-، ثم إنعامه، وإفضاله، وإحسانه -سبحانه وتعالى-؛ هذه كلها مدعاة إلى محبته -سبحانه وتعالى-، فهذه المشاعر هي عمل بمقتضى الإيمان؛ أعمال القلب بمُقتضى إيمان الله -تبارك وتعالى-، المحبة التي هي أعلاها خوف الله -تبارك وتعالى-؛ رجائه –سبحانه وتعالى-، كذلك تعظيمه، خشيته، وإجلاله -سبحانه وتعالى-؛ هذا مُقتضى الإيمان، {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، رسوله محمد -صل الله عليه وسلم- الذي أرسله لكم، والذي أقام الله -تبارك وتعالى- الأدلة العظيمة الكثير على صدق هذا النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-، فإن ادِّعاء الرسالة أمر يستطيعه كل أحد، حتى أقل سفيه من الناس يستطيع أن يقول أنا رسول الله، كما ادِّعى سفهاء كثيرين من الناس لا عقل لهم؛ ولا فكر لهم، ولا فهم لهم، وقالوا نحن رُسُل وأنبياء من الله، لكن هؤلاء لابد أن يُظهِر الله كذبهم؛ وخيانتهم، وكذبهم عليه، ويفضحهم -سبحانه وتعالى-، ولأن الرسالة ممكن أن يدَّعيها كل مُدَّعي فإن الله -تبارك وتعالى- أقام على دعوى الرسول الحق الأدلة والبينات على أن هذا رسول الله، فرُسُل الله الذين هم رُسُله كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد -صلوات الله والسلام عليه-، هؤلاء الرُسُل أقام الله -تبارك وتعالى- عليهم الأدلة والبينات على أنهم رُسُل الله؛ من أخلاقهم، من شمائلهم، من صفاتهم، صدقهم، أمانتهم، عقولهم، ما أجرى الله -تبارك وتعالى- على يدهم من المعجزات، ما من رسول أرسله الله إلا وأعطاه الله ما على مثله آمن البشر، ورسولنا محمد -صلوات الله والسلام عليه- قد أقام الله -تبارك وتعالى- الآيات والأدلة العظيمة على صدقه، فأولًا هو قبل أربعين سنة لم يكن على عِلمٍ قط بهذه الرسالات، ثم جاء بهذا الكلام الحكيم من الله -تبارك وتعالى- بدءًا بإقرأ؛ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1]، {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}[المزمل:1]، القرأن الحكيم الذي تحدَّى الله -تبارك وتعالى- به الأولين والآخرين؛ أتى بعلوم السابقين، ثم بعلوم اللاحقين.

ثم يتكلَّم النبي -صل الله عليه وسلم- تقع كما يتكلَّم به -صلوات الله والسلام عليه-، ثم الحق الصُراح هذا الذي أتى به لا يمكن أن يأتي به بشر؛ في وصف الله -تبارك وتعالى- وصفاته، في الشريعة المُطهَّرة التي جاء بها والتي لو اجتمع عليها كل نُظَّار وأهل العدل وأهل النظر في التشريع أن يأتوا بشريعة مُطهَّرة؛ نظيفة، مُحكَمَة بهذا الإحكام في كل العقود التي يحتاجها الناس؛ يستحيل أن يفعلوا هذا، كيف هذا من رجل أُمِّي وهو النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-؟ هذا من الله؛ لا يمكن أن يكون هذا إلا من الله -تبارك وتعالى-، ثم بعد ذلك الأدلة والمعجزات الكونية كانشقاق القمر؛ بركات النبي -صل الله عليه وسلم-، هذه على كل حال دلائل النبوَّة آلاف الأدلة التي أقامها الله -تبارك وتعالى- على أن محمد ابن عبد الله رسوله -صلوات الله والسلام عليه-، فالله يُنادي العباد المؤمنين ويقول {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ........}[الحديد:7]، الإنفاق الذي هو إخراج المال في سبيل الله، والمال شقيق النفس وإخراجه في سبيل الله دليل وترجمه لهذا الإيمان.

{وَأَنْفِقُوا}، والله سهَّلَ هذا الإنفاق فقال {مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ}، مِن مَا؛ مِن التبعيضية، ما؛ الذي، الذي جعلكم مُستخلَفين فيه يعني من المال الذي جعلكم الله مُستخلَفين فيه، فأول شيء تسهيل أنه مِن للتبعيض، ما طلب الله -تبارك وتعالى- وقال أنفوا ما جعلناكم مُستخلَفين فيه يعني كل ما أعطاكم؛ وإنما جزء مما أعطاكم، هذه واحدة ثم أخبر أن هذا المال أنت مُستخلَفٌ فيه؛ يعني أنه إعارية أنت قد أُعِرتها، أولًا أخذته عمَن قبلك وستتركه لِمَن بعدك، والله -تبارك وتعالى- أعطاك إياه ليس مُلكًا أبديًا حتميًا باقيًا... لا، هذا مُلك وقتي تتمتع به ما شاء الله -تبارك وتعالى- ثم تُفارِقه أو يُفارِقك؛ ما يبقى، فهذا تسهيل لهذا وأن هذا المال عَرَض زائل؛ سيأتي ويذهب، ولست باقيًا معه أبدًا وماكث معه أبدًا، فقال أنفقوا مما جعلكم أيها العباد مُستخلَفين فيه، فانظر حالك لقد ورِثتَه عمَن قبلك وسيرِثُه مَن بعدك، {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ........}[الحديد:7]، ثم جاء الحث الأكبر على هذا فقال {فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}، فالذين آمنوا منكم؛ أي بالله -تبارك وتعالى- وبمسائل الإيمان كما أخبر -تبارك وتعالى-، وأنفقوا؛ أي في سبيل الله، لهم أجر كبير؛ أجر كبير عند الله -تبارك وتعالى- طبعًا في الدنيا وفي الآخرة، والأجر الكبير في الآخرة الجنة؛ الجنة ورضوان الله -تبارك وتعالى-، وكذلك من ثمرات الإنفاق أنه ما من نفقة يُنفِقها العبد إلا ويُخلِفها الله -تبارك وتعالى- في الدنيا، كما قال -جل وعلا- {وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، فهذا كذلك من الأجر المُعجَّل للعبد المؤمن في الدنيا، أن الله -تبارك وتعالى- يُخلِفه مال في الدنيا من المال الذي أنفقه في سبيل الله، هذه واحدة ثم له الأجر الكبير به؛ الجنة والرضوان من الله -تبارك وتعالى-.

ثم جاء بعد هذا الإجمال التفصيل، قال -جل وعلا- {وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[الحديد:8]، وما لكم؛ ما الذي يمنعكم، {لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، ما هو المانع الذي يمنعكم أيها المُخاطَبين أن تؤمنوا بالله؟ والحال {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ}، يعني هذا رسول الله -تبارك وتعالى- قائم في وسطكم يدعوكم إلى ربكم، فأولًا هو رسول وأدلته قائمة، ثم هو يدعوا إلى ماذا؟ يدعوكم إلى ربكم، ما يدعوكم إلى نفسه؛ ولا إلى خدمته، ولا إلى أمر خارج... لا، يدعوكم إلى ربكم -سبحانه وتعالى-، وكونك تُدعى إلى ربك يجب أن تُجيب لأن هذا هو ربك؛ هذا الذي خلَقَك، وهو الذي سوَّاك، وهو الذي يُنعِمُك، وهو الذي يتفضَّل عليك، فإذا دُعيت إلى ربك تقوم أنت تفِر؛ كيف تفِر؟ كيف تفِر وأنت تُدعى إلى ربك؟ وإذا كان هو ربك -سبحانه وتعالى- الذي تفضَّل عليه بما تفضَّل عليك به هنا؛ فهذا باب دعوة إلى الخير، دعوة إلى الخير، وإلى البر، وإلى الإحسان، وإلى إحسان ربكم -سبحانه وتعالى-، وإلى عطائه، وإلى نمائه، وإلى مغفرته، وإلى رضوانه -سبحانه وتعالى-، فكيف تفِر؟ فكيف تخرج عن الإيمان؟ {وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ........}[الحديد:8]، أيضًا أمر أخر؛ قد أخذ ميثاقكم عندما شهِدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أخذتم العهد وأُخِذَ العهد عليكم؛ هذه شهادة، ومَن أعطى عهده وميثاقه وشهادته يجب أن يوفِّي، هذا ميثاقكم؛ هذا خطاب لِمَن دخلوا الإيمان، {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فإن كنتم مؤمنين؛ مُصدِّقين، وقد أخذتم على نفسكم العهد والميثاق وقلتم نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ إذن بمُقتضى هذا العهد أنفقوا، وآمنوا الإيمان الحق، وأنفقوا في سبيل الله.

ثم قال -جل وعلا- {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحديد:9]، هو؛ الله -سبحانه وتعالى- الذي يدعوكم إلى الإيمان به والإنفاق في سبيله، {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}، هذا الكتاب بآيات الواضحات البينات، ثم يخبر الله -تبارك وتعالى- بهدف هذه الآيات فقال {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، كل آية من آيات الله -تبارك وتعالى- تأمر بخير وتنهى عن شر فهي تُخرِجكم أيها العباد من الظلمات إلى النور، الظلمات التي كنتم فيها ظلمات الجاهلية، فإنهم في الجاهلية كانوا في عمى كامل؛ لا يعرفون ربهم، وما يعرفونه من الله -تبارك وتعالى- ليس هو صفة الله على الحقيقة، وإنما هذه أمور نحتوها بعقولهم ونسبوا إلى الله -تبارك وتعالى- ما لا يتصِف به؛ من الزواج، ومن البنات الذين ذكروهم، ومن أنه لا يُعيدهم -سبحانه وتعالى- بعد إذ خلَقَهم، وأن هذه الدنيا خُلِقَت وتنتهي وإذا انتهت فلا حياة بعد ذلك، ثم كانت أعمالهم سواء كانت في عباداتهم؛ صلاته عند البيت وأنساكهم كلها قائمة على العمى، وكذلك معاملاتهم بعضهم مع بعض؛ في زواجهم، وبيعهم، وشرائهم، ومعاملاتهم كلها قائمة على الجهل، والهوى، والعمى، والظلم، ثم ما يصنعونه بعد ذلك من اتِّباع شهواتهم ومن اتِّباع ملذَّاتهم كلها قائمة على الجهالة؛ على الجهالة وتشريع ما يؤدي إلى الخسار، فيُنزِل الله -تبارك وتعالى- هنا بعد ذلك هذه الآيات المُحكَمات من الله -تبارك وتعالى-، يُفصِّل الله -تبارك وتعالى- فيها لعباده الطريق ويُبيِّن لهم الطريق ويخرجهم من الظلمات إلى النور في كل الأبواب؛ في باب العِلم بالله -تبارك وتعالى-، العِلم بملائكته، العِلم برسالاته، في باب التشريع؛ كل شي في التشريع، طعام؛ يُبيِّن لهم الطعام الطيب الطاهر الذي ينبغي لهم أن يأكلوه، والطعام القذر النجِس الذي يجب أن يتركوه، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}، كلها نجاسات كانت العرب تعيشها وتأكلها، فقد كانوا يأكلون الميتات ويأكلوا الدم، ينتظرون البعير فإذا جاعوا يضربون سَلَم البعير بسهم، ثم يضعون إناء بعد فصد العِرق من عروق البعير حتى ينزل الدم فيه، ثم يتجمَّد الدم ثم يأكلونه، يأكلون ما يُذبَح للأصنام؛ تُذبَح لغير الله -تبارك وتعالى- ويأكلونها، فمن هذه القذارات ومن هذه النجاسات كان هذا طعامهم، أبعدهم الله -تبارك وتعالى- عن هذا وقال {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ........}[المائدة:3].

ففي كل الأبواب؛ في باب الطعام والشراب، في باب اللباس والزينة، في باب معاملات الزواج، كان الزواج في الجاهلية على أنحاء قذرة، كما تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- كان الزواج على أربعة أنحاء، زواج استبضاع؛ رجل يُريد نجابة الولد فيُرسِل امرأته إلى رجل من أشراف الناس وكبرائهم، حتى إذا حمَلَت عنده أتى بها عنده ثم ينسِب الولد إليه، النكاح الجماعي الذي يجتمع فيه أربعة خمسة على امرأة وهي تكون صديقة لهم، ثم إذا ولَدَت بعد ذلك اختارت واحد منهم وقالت هو ابنك يا فلان، ونكاح الزانيات اللاتي هُنَّ مُسافِحات لكل أحد، ثم إذا ولَدَت بعد ذلك جمعوا له القافة وبدأوا يروا صفة هذا المولود إلى أي قبيلة؛ ثم يُلحِقوه بهذه القبيلة، ثم هذا النكاح الذي يخطِب الإنسان فيه المرأة من وليِّها، فجاء الإسلام أبطل هذه الأنكحة الفاسدة وأبقى هذا النكاح الطاهر النظيف، ففي كل الأمور كان التظالم؛ المرأة لا تورَّث، زوجة الأب يتزوَّجها ابن الرجل بعد ذلك؛ بعد أبيه، فيخلُف أباه على زوجته، يجمع بين الأختين، أمور عظيمة جدًا من أمور الفساد كانت موجودة، فالله -تبارك وتعالى- يمتَنَّ على عباده المؤمنين ويقول {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}، واضحات، {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، ظلمات الجاهلية والظلم الذي كنتم فيه، إلى النور؛ نور الإسلام، {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ}، محمد -صلوات الله والسلام عليه-، وذكَرَ الله -تبارك وتعالى- هنا رسوله باسم العبد تشريفًا له، لأن العبودية لله -تبارك وتعالى- أشرف المواطِن، أن يكون الإنسان يُوصَف بأنه عبد الله أشرف شيء هذا؛ أعلى شيء، أعلى لقب وتسمية على عبده محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ}، أي محمد -صل الله عليه وسلم-، {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، ليخرجكم أيها المؤمنون من الظلمات إلى النور، {وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}، تأكيد، وإن الله -سبحانه وتعالى- بكم أيها المؤمنون لرءوف، الرأفة يعني شدة الرحمة، شدة الرحمة والعناية -سبحانه وتعالى- منه، رحيم بعباده المؤمنين -سبحانه وتعالى-، من هذا انظر في أبواب التشريع كيف يُشرِّع لهم ما هو أرفق الأمور بهم؛ وما هو أعلاها، وما هو أحسنها منه -سبحانه وتعالى-، {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحديد:9].

ثم قال -جل وعلا- {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، ما يمنعكم أن تُنفِقوا في سبيل الله؟ {........ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[الحديد:10]، ونعود إلى هذه الآية -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.