الجمعة 10 ذو القعدة 1445 . 17 مايو 2024

الحلقة (700) - سورة الحشر 20-21

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}[الحشر:20] {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر:21] {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[الحشر:22] {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الحشر:23] {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الحشر:24]، هذه الآيات مواعظ عظيمة من الله -تبارك وتعالى- في ختام هذه السورة؛ سوة الحشر، أولًا بدأ الله -تبارك وتعالى- هذا الفاصل من هذه المواعظ في آخر السورة بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:18] {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[الحشر:19] {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}[الحشر:20].

ثم قال -جل وعلا- {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر:21]، يخبر -سبحانه وتعالى- بأن هذا القرآن بهذه الأوامر، وهذه النواهي، وهذه المواعظ، وهذا الوَعْد، وهذا الوعيد، فالقرآن فيه هذه الموعظة، وهذا الوَعْد، وهذا الوعيد، وَعْد الله -تبارك وتعالى- بالفوز، والجنة، والمغفرة، والرضوان، وهذا الأمر العظيم والفوز العظيم لِمَن سار على طريقه واتَّبَعَ صراطه المستقيم، وكذلك بالوعيد الشديد والعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة بالنار التي يتوعَّد الله -تبارك وتعالى- بها؛ ويُحذِّر منها عباده، وهذه النار يصِفها الله -تبارك وتعالى- بهذه الأوصاف العظيمة فيقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:6]، فهذه النار التي يتهدد الله -تبارك وتعالى- ويتوعَّد ها مَن كفر به، ومثل قوله -تبارك وتعالى- {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا}[طه:74]، ويقول {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}[الزمر:16]، هذا يُخوِّف الله -تبارك وتعالى- به العباد عندما يُصوِّر لهم التي يتوعَّدهم بها، فهذا القرآن النازل بهذا الوعيد الشديد لِمَن خالف أمر الله -تبارك وتعالى-؛ وبالوعد العظيم لِمَن سار على طريقه، هذا القرآن لو نزل على هذا النحو وخُطِب به الجبال الصُّم تتصدَّع من خشية الله -تبارك وتعالى-، إذا تهددها الله -تبارك وتعالى- بهذا التهديد وتوعَّدها بهذا الوعيد وأخبرها بأن تفعل كذا وإلا كان كذا؛ لكانت هذه الجبال مع صلادتها وصلابتها تتقطَّع وتنهَد من هذا.

وهذا من العجَب؛ فالإنسان الذي أعطاه الله -تبارك وتعالى- القلب، العقل، السمع، البصر، وخاطبه الله -تبارك وتعالى- بما يعقل؛ وبيَّن له، وهدَّده هذا التهديد، وتوعَّده، ووَعَد أهل الإحسان بما وَعَد به، لكن كثير من الناس أعطى ظهره لذلك؛ وانصرف عن أمر الله -تبارك وتعالى-، ولم يأخذ هذا الخطاب محمَل الجِد، ما أخذه محمَل الجِد؛ عِلِمَ أنه صدق وكذَّبه وتركه، فالله يقول {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا}، خاشع؛ ذليل، {مُتَصَدِّعًا}، التصدُّع؛ التشقُق، يعني أنه تنشق صخوره، {مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، من خوف الله -تبارك وتعالى-، فانظر هذا الجماد يعقل أكبر وأعقل من عقل الإنسان، ولا شك أن الله -تبارك وتعالى- قد جعل للجمادات إدراكات، فالجماد يُدرِك وقد جاء في هذا النصوص الكثيرة كقول الله -تبارك وتعالى- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ........}[الحج:18]، وقال -تبارك وتعالى- {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، كان الحصى يُسبِّح في يد النبي -صلوات الله والسلام عليه-، النبي مر على أُحُد فقال «هذا أُحُد؛ جبل يحبنا ونحبه»، نسَبَ الحب إليه، ولمَّا صعد النبي -صل الله عليه وسلم- عليه كان هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجَفَ الجبل لهم، النبي ضربه برجله وقال «اثبُت أُحُد؛ فإنما عليك نبي وصِدِّيق وشهيدان»، وكان النبي يخطُب إلى جِذع -صلوات الله والسلام عليه-، ثم لمَّا تركه وتحوَّل عن هذا الجِذع إلى منبره حنَّ الجِذع وكاد ينشق، وأخرج صوت هائل كصوت الفصيل عندما يبكي على أمه، حتى إن النبي نزل من خُطبَتِه وأخذه وضمَّه -صلوات الله والسلام عليه-؛ وظل يُهدهِده إلى أن سكت.

فهذه الجمادات لها إدراكات، {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}[الزلزلة:4] {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[الزلزلة:5]، تُحدِّث الأرض أخبارها يوم القيامة، {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}[الزلزلة:5]، يقول النبي «كل بقعة في الأرض تقول صُنِعَ عليَ كذا وكذا يوم كذا وكذا»، فتعرف الوقت، والتاريخ، والعامل الذي عمل عليها، فهذا الإنسان الذي عمل عليها الخير والشر تشهد له، ويقول النبي في المؤذِّن «إن المؤذِّن إذا أذَّن فإنه يشهد له كل شاخص يوم القيامة»، كل شيء شاخص؛ الشخوص اللي هو البروز على الأرض، كشجرة بارزة على الأرض أو صخرة بارزة هذه تشهد له يوم القيامة، أنها تقول سمعت فلان ابن فلان يؤذِّن هذا الآذان وقد وصل صوته هذا المكان؛ فهذه لها إدراكات، كل الجمادات هذه لها إدراكات، فيخبر -سبحانه وتعالى- أنه لو خاطب الجبل الأصم، الصلب، الصلد، خاطبه هذا الخطاب؛ يعني كان هذا الخطاب موجَّه إليه، وهذا التهديد والوعيد والوعظ الموجود في القرآن موجَّه إلى هذا الجبل كان إندَك؛ كان على طول خشع، ومعنى خشع؛ خضع لله -تبارك وتعالى-، وذَل، وتشققت صخوره، لكن الإنسان الكافر مجرم يسمع كلام الله -تبارك وتعالى- ولكنه لا يستجيب أبدًا؛ قلبه أكثر صلابة من الصخر، كما قال -تبارك وتعالى- {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ........}[البقرة:74]، الحجر يهبط من علو إلى سُفُل خوفًا من الله -تبارك وتعالى-، لكن الكافر غير هذا؛ الكافر على غير هذا، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ........}[الحشر:21].

ثم قال -جل وعلا- {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، وتلك الأمثال؛ كهذا المثَل الذي يضربه الله -تبارك وتعالى-، وأن الإنسان الكافر في غِلَظِهِ وشدته أشد قسوة من قلب الجبل؛ الجبل أليَن من هذا، ولو أن الكلام وجِّه إليه والقرآن هذا موجَّه إليه لكان حاله غير هذا الحال، فانظر الفارق الهائل بين الكافر وبين الصخور، {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، لعل الإنسان إذا ضُرِبَ له هذا المثَل الذي يضربه الله -تبارك وتعالى- يتفكَّر في الأمر ويقول كيف لا أتَّعِظ؟ وكيف لا أخاف؟ والله -تبارك وتعالى- يتوعَّدني ويتهدَّدني هذا التهديد إن خالفت أمره وعصيته، كيف لا أتفكَّر في هذا؟ والحال أن كل ذي عقل وذي فِكْر لابد أن يعلم أنه إذا هدَّده الله -تبارك وتعالى- أن يخاف، {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأنعام:15]، هذا كلام الله لرسوله؛ هذا الرسول نفسه، {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأنعام:15]، فالذي عصى الله -تبارك وتعالى- وخرج عن أمره تحت هذا الوعيد الشديد فلعله ...، يخبر الله -تبارك وتعالى- بأنه يضرب هذه الأمثال فقال {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

ثم جائت هذه الثلاث آيات الأخيرة جمع الله -تبارك وتعالى- فيها بيان بعض صفاته، تعريفًا منه -سبحانه وتعالى-؛ تعريف العباد بصفاته -سبحانه وتعالى-، وأنه بهذه الصفات أهل لأن يتقوه، وأن يُعظِّموه، وأن يخافوه، وأن يُجِلّوه -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {هُوَ اللَّهُ}، الذي يُخاطِب بهذا والذي أنزَل هذا القرآن على عبده ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {هُوَ اللَّهُ}، الإسم الأعظم هذا، الله؛ الإله، {الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، فالله -سبحانه وتعالى- هو الإله الذي لا إله إلا هو، لا إله معه قط وكل مَن ادُّعيَت له الأُلوهية باطل، إما إذا ادَّعاها لنفسه فكذَّاب وإذا ادَّعاها له مَن يدَّعيها كذَّاب؛ كذب في هذا وافترى، {........ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:5]، الذين قالوا لله ولد، لأنه لو كان له ولد لكان إلهًا مع الله لأن الولد صِنوا أبيه، ((مَن شابه أباه فما ظلم))، فكيف يكون له ولد ولا يكون مثله؟ إذن يكون مثله؛ يكون نِد له، كما هي مقالة النصارى عليهم لعنة الله فإنهم يقولون أن عيسى إله من إله؛ وابنه، وابنه البِكر، وهو هو؛ ذاته ذاته، فعله فعله؛ يخلُق، ويرزق، ويُحي، ويُميت، وكل صفات الأب هي في الابن، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وكذلك كل مَن نسَبَ الولد إلى الله -تبارك وتعالى- فإنهم يقولون بأن صفاته صفاته؛ أو له هذه الصفات، إلا العرب المشركين فإنهم قالوا الملائكة بنات اختارهم الله، وهم بناته لكن ليست لهم كل صفاته؛ لهم بعض صفاته، قالوا لبيك اللهم لبيك؛ لبيك لا شريك لك لبيك، إلا شريكًا تملِكه وما مَلَك، هو أنت تملِكَه لكن هو لا يملِك المُلك مع الله -تبارك وتعالى-، فكل هذا كذب؛ هؤلاء الذين افتروا ما قالوه في عيسى، اليهود في عُزير، مشركوا العرب في مقالتهم في الملائكة، الأمم الوثنية في ما قالوه في مَن عظَّموهم من البشر، فإن النصرانية إنما هي مُضاهاة لِما قاله بعض الوثنيين في هذا، كما قال -تبارك وتعالى- {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}، فضية التثليث وأن الله ثلاثة إنما اخترعها النصارى وأخذوها من بعض الأمم الوثنية في الهند، أخذوا قضية التثليث منهم وهم أطلقوها على عيسى -عليه السلام-، فقالوا عيسى ثالث ثلاثة الله؛ الأب، والابن، وما سمّوه بروح القدس، كلهم إله واحد، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

فكل مَن ادَّعى الإلهية؛ أنه هناك إله مع الله، إله يؤلَه ويُعبَد مع الله -تبارك وتعالى- كذَّاب؛ كَذَب وافترى هذا، كلام قالوه بألسنتهم ولا دليل عندهم ولا سلطان عليهم به، وكذلك كل مَن جعل مع الله إله أخر وإن لم يُعطيه كل صفات الرب -سبحانه وتعالى- وإنما أعطاه بعض حقوقه فألِهَه لهذا؛ كمَن عبدوا الأصنام، والأشجار، والأحجار، وكذا، وكذا ...، رأوا أن هذا لهم خير؛ أنه هذا فيه خير في هذا، أتاهم خير من هذا وأنهم لابد أن يألوهوا هذا ويشكروا هذه المخلوقات على هذا النحو، وجعلوها معبودات لهم لأنهم يرون أنها تأتيهم بالخير، والحال أنه وإن كان في بعض هذه الأشياء خير؛ الله خلَقَ فيها الخير، لكن ينبغي أن يُشكَر مَن خلَقَها ومَن أقامها، كما قال -تبارك وتعالى- {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}، هذه من آياته، {........ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37]، فالشمس فيها نفع عظيم؛ تتوقف حياة الناس في هذه الأرض على حرارتها، وضوئها، والخير العميم الذي يأتي إلى الأرض منها، وكذلك القمر فيه خير عظيم؛ فجماله، ودورانه حول الأرض، ومعرفة الشهور والسنين به، وما علِمنا بعد ذلك من أنه هو السبب في حركات المَد والجزر، فهذا له منافع عظيمة جدًا لكن ينبغي أن يُشكَر مَن خلَقَه ولا يُشكَر هو، يعني لا يكون الشكر والسجود الأُلوهية له؛ لهذا المخلوق، وإنما يُشكَر مَن خلَقَ هذا، وهذه نفس الفلسفة والحكمة الضالة في مَن يعبد البقرة؛ أو يعبد الشجرة، أو يعبد النهر، فالأنهار والأبقار والأشجار عُبِدَت من أنها مصدر خير، فالبقرة يقولون أنها تُعطيك حليبها ولبنها عُمرَك، قالوا هي أفضل من الأم لأن الأم إنما تُطعِمك بلبانها سنة أو سنتين أما هذه فطيلة الحياة، لكن ينبغي أن الذي يؤلَه ليس البقرة وإنما يؤلَه ويُعبَد مَن خَلَقها -سبحانه وتعالى-، ومَن سوَّاها، ومن جعلها نعمة لك، {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[النحل:5] {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل:6] {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[النحل:7]، الذي خلَقَها وجعل فيها ما جعل فيها من هذه الخيرات إنما هو الله -سبحانه وتعالى-؛ فيُشكَر الرب -سبحانه وتعالى-.

وكذلك الشجرة المُثمِرة والنهر المُطَّرِد؛ النهر الذي يجري أن لا يُعبَد النهر، فمَن ذهب ليعبد النهر ويعبد الشجرة والشجرة المثمرة يسجد لها؛ هذه ليست إلهة، هذه ليست إلهة وإنما الإله مَن خلَقَها -سبحانه وتعالى- وسوَّاها، أضر من هؤلاء مَن يعبد مَن لا نفع فيه البتَّة ولا ضر كالصنم، فالذي يعبد الصنم؛ الصنم ليس فيه نفع قط، ولا منه مضرَّة أصلا؛ لا يستطيع أن يضر ولا ينفع، فهذا أضل؛ هذا أشر من ضلال مَن يعبد البقرة، ومَن يعبد الشمس، ومَن يعبد القمر، فعلى الأقل هذا يعبد شيء يظن فيه نفع جاء إليه، وطبعًا هو ضال وكافر لأنه لم يعبد الله الذي خلَقَه، أما مَن يعبد ما لا نفع فيه أصلًا ولا ضَر فيه كما قال إبراهيم لأبيه {........ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا}[مريم:42]، كيف تعبد شيء لا سمع له ولا بصر له؟ هذا صنم ولا يُغني عنك شيئًا، يقول لهم {........ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ}[الشعراء:72] {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ}[الشعراء:73]، هذه الأصنام التي تدعونها ماذا فيها؟ تسمعكم؟ تنفعكم؟ تضركم؟ قالوا لا، {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}[الشعراء:74]، فهذه حُجَّتهم؛ أنه وجدوا آبائهم على طريقة، وعلى مِلَّة، وعلى دين، وتراث مُعيَّن، فنحن نسير خلفهم، طيب إذا كان هؤلاء الآباء لا يفقهون؛ ولا يفهمون، ولا عقل لهم، كيف يسير الإنسان على ما سار عليه الآباء والآباء عاشوا بلا عقل؟ {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ}، لكن الكافر لا يستجيب لهذا، فهذه {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، الله هو الإله الحق لأنه خالق هذا الخلْق؛ هو رب العالمين -سبحانه وتعالى-، هو الذي خلَقَ كل هذا، ما نراه وما لا نراه الله هو الذي خلَقَه، فكل الذي نُبصِره ويقع بصرنا عليه؛ في السماوات، في الأرض، يمين، شِمال، البحر، البر، الشجر، النبات، الطير، كل هذا خلْقُهُ؛ هذا خلْقُهُ -سبحانه وتعالى-، وهو كذلك المتوكِّل به، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر:62].

فالذي خلَقَ هذا وخلَقَنا نحن هو الذي يستحق أن يُعبَد، هو الذي يستحق أن يُعبَد لأنه خالق الخلْق؛ كل النِعَم منه، ثم له أمر، وله نهي، وله جنة، وله نار، وله صراط قال اسلكوا هذا؛ ومَن سلَكَ هذا ذهب إلى الجنة، ومَن سلَكَ طريق أخر ذهب إلى النار، فهذا الذي يُعبَد، هذا الذي يجب أن يُعبَد بالفعل، يُعبَد بكل معاني العبادة؛ بالذُّل، بالخضوع، بالمحبة، فيُحَب لإنعامه وإفضاله، وكذلك بالذُّل والخضوع والخوف لعقوبته؛ لأنه يملِك العقوبة ويملِك ضرَّك، وكذلك يُعبَد بالرجاء لأن كل الخير بيده -سبحانه وتعالى-؛ فهو الإله الذي لا إله إلا هو، يعني الذي يجب أن يؤلَه هو الله وحده؛ رب السماوات والأرض، أما غيره وكل مَن يُدَّعى له الأُلوهية من غيره باطل، ثم هؤلاء كذلك الذين عبدوا آلهة ظنوهم محبوبين عند الله -تبارك وتعالى- لكن أخذوا حق الله وأعطوهم إياه؛ كمَن عبَد الأنبياء، أو الرُسُل، والذين عبَدوا الملائكة من مشركي العرب، والذين عبَدوا بعض البشر على أنهم محبوبون عند الله -تبارك وتعالى-، طيب إذا كان هذا محبوب عند الله؛ الله ما أمرك أن تعبده، الله جعل العبادة له، فإذا كان رسول محبوبًا ووجيهًا عند الله -تبارك وتعالى-؛ وله المنزلة، وله المكانة، لكن الله لا يُقيمه ليكون شريك له، كما قال -تبارك وتعالى- {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ........}[آل عمران:79]، لا يمكن الله -تبارك وتعالى- يُنعِم على عبد بالنبوَّة والرسالة ثم يأتي هذا العبد ويقول لهم اعبدوني من دون الله... لا، يصبح هذا لا يمكن، كل مَن قال للناس اعبدوني مع الله -تبارك وتعالى- أكبر مجرم هذا، هذا طاغوت مجرم ولا يمكن أن يكون الرسول هكذا، أن يقول للناس خذوني إله؛ إجعلوني إله مع الله -تبارك وتعالى-، اسجدوا لي، وعظِّموني كما تُعظِّموا الرب، وافعلوا هكذا... لا؛ يستحيل هذا، كما قال -جل وعلا- {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ........}[آل عمران:80]، كذلك الله -تبارك وتعالى- من عنده لا يأمر أحد أن يعبد غيره، قال {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:80]، يستحيل.

فالله لا يرضى أن يُعبَد إلا هو، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، فقط لا يُعبَد إلا الله -تبارك وتعالى-، فكل مَن أعطى هذه العبادة؛ من الذل، أو الخضوع، أو القُرُبات التي جعلها الله -تبارك وتعالى- من فروع هذه العبادة؛ كالذبح، النذر، الخوف، التعظيم، القيام في الصلاة، السجود، الركوع، مَن أخذ جزئية فرعية من هذه وأعطاها لغير الله -تبارك وتعالى- مشرك، إذا كان هذا الغير طلبها لنفسه يكون كافر؛ طلب الطاغوت، وإذا كانت أُعطيَت له ولم يرضَ سيتبرَّأ من عابِده، يوم القيامة يتبرَّأ منه، يقول أبدًا يا ربي، الله يقول للملائكة {أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}[سبأ:41]، ويقول الله -تبارك وتعالى- لعيسى ابن مريم {........ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[المائدة:116] {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}، هذه مقالة عيسى، {........ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[المائدة:117] {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة:118]، فالله لا يقبل شريك؛ لا يقبل أن يكون هناك معه شريك في العبادة، واحد يُعبَد معه؛ لا يقبل الله -تبارك وتعالى-، الله -سبحانه وتعالى- هو الإله وحده، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}.

فالله يصِف نفسه -سبحانه وتعالى- ويقول {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، لا معبود بحق في الوجود كله إلا هو؛ وكل مَن ادُّعيَت له الأُلوهية غيره فباطل، وكل مَن عبَدَ غيره وألَهَ غيره؛ أعطى غيره هذه الأُلوهية فهذا مجرم، هذا مجرم لابد أن يُعاقِبه الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:98] {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ}[الأنبياء:99]، لو كانت هذه التي تُسمّونها آلهة هي آلهة حقيقية تمنع نفسها، لأن الإله لابد أن يكون خالقًا رازقًا؛ هذا إله مُتمكِّن، ولذلك قال -جل وعلا- {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنبياء:22]، لو كان في هذا الكون والوجود إله حقيقي مع الله إذن يفسَد الكون لابد، فإما أن يُضارِب ويُقاتِل الإله ومَن ينتصر هو الذي سيكون إله؛ فيفسُد الخلْق، كما قال -تبارك وتعالى- {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[المؤمنون:90] {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ........}[المؤمنون:91]، كان كل إله يذهب بخلْقِهِ في جهة، {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}، فالله -تبارك وتعالى- هو الواحد القهَّار؛ الواحد الذي لا إله إلا هو، الله الذي لا إله إلا هو؛ الذي قهر كل شيء، وذل له كل شيء، وخضع له كل شيء، ولا إله معه -سبحانه وتعالى-، لا يمكن أن يكون معه إله ولا يرضى الله -تبارك وتعالى- أن يكون معه إله، فمَن كَذَب وقال هذا إله مع الله لابد أن يُعاقِبه الله -تبارك وتعالى-؛ وهذه أكبر عقوبة، لأن أكبر جريمة يمكن أن تُرتَكَب في هذا الوجود أن يُقال أن هذا إله مع الله؛ يُعبَد كما يُعبَد الله -تبارك وتعالى-، أو يُعطى حق الله -تبارك وتعالى- في الأُلوهية وحده، لأن الله هو الإله وحده -سبحانه وتعالى-.

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[الحشر:22]، وصَفَ الله -تبارك وتعالى- نفسه أولًا بأنه الإله الذي لا إله إلا هو، ثم أنه عالِم الغيب والشهادة؛ الغيب بالنسبة للخلْق، والشهادة بالنسبة للخالق، فكل ما خلَقَ الله -تبارك وتعالى- عندهم غيب وعندهم شهادة، الغيب؛ ما غاب عنهم من الغيب الإضافي، كل ما هو يخرج عن دائرة معرفة المخلوق هذا غيب، وكل ما يقع تحت دائرة معرفته هذي شهادة، كما بالنسبة إلينا فما نُحِسُّه، وما نراه، وما نسمعه، وما نعقِله، هذا بالنسبة إلينا شهادة؛ نعرفه، ما وراء ههذا مما لا يقع تحت حِسِّنا، وبصرنا، وسمعنا، وما هو غائب عنَّا، هذا غائب؛ هذا غيب بالنسبة إلينا، وكذلك سائر المخلوقات؛ كل مخلوق عنده غيب وشهادة، أما الله -تبارك وتعالى- فكل شيء عنده شهادة؛ لا غيب عنده، الله لا يغيب عنه من هذا المُلك ولا ذرَّة، ذرَّة صغيرة أو حبة رمل صغيرة في أي مكان فهذه بعِلم الله -تبارك وتعالى-؛ علِمَها قبل أن يخلُقها، وهي في عِلمه ولا تخرج عن عِلمه، {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ}، يعني حال سقوطها، وبعد سقوطها، وقبل سقوطها، {........ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[الأنعام:59]، سنعود -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.