الخميس 20 جمادى الأولى 1446 . 21 نوفمبر 2024

الحلقة (706) - سورة الممتحنة 12-13

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الممتحنة:12] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[الممتحنة:13]، هاتان الآيتان هما ختام سورة الممتحنة، وقد مضى أن هذه السورة المدنية قد نزلت أو الآيات منها كانت بسبب حادثة حاطب ابن أبي بلتعة -رضي الله تعالى عنه-؛ الذي كان قد أخبر قريش بعزم النبي -صلوات الله والسلام عليه- على غزوهم وهذا في الفتح، وأخبر الله -تبارك وتعالى- رسوله وأرسل النبي -صل الله عليه وسلم- مَن جاء بالكتاب الذي كتَبَه حاطب -رضي الله تعالى عنه-، أنزل الله -تبارك وتعالى- هذه الآيات في أنه لا ينبغي ولا يحِل للمؤمنين أن يوالوا الكفار، قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}[الممتحنة:1].

ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- حقيقة هؤلاء الكفار في أنهم أعداء دائمون له مادام أنهم على الكفر، قال -جل وعلا- {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}[الممتحنة:2]، ثم يوم القيامة قال {لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الممتحنة:3]، ثم ضرب الله -تبارك وتعالى- مثَل للمؤمنين بإبراهيم والذين معه؛ الذين فاصلوا قومهم، وبقوا مع الحق، وقالوا لقومهم {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}، بعد أن ضرب الله -تبارك وتعالى- هذا المثَل جائت الآيات بخصوص الناس اللاتي كُنَّ يُهاجِرنَّ من الكفار إلى النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ وهذه لم تكن داخلة بالنص في العهد الذي كان بين الرسول وبين قريش، فإنه كان عهد النبي مع قريش أن مَن أتى النبي من قريش أو من مكة مؤمنًا ردَّه إليهم، ومَن جائهم هم من المسلمين فارًا إليهم ومرتدًا؛ راجعًا إلى دين الكفار لا يردونه، وكان هذا من أصعب الشروط؛ ولم يكن منصوص على النساء، ثم جائت نساء آمنَّ بالله -تبارك وتعالى-؛ تركنَّ أزواجهُنّ، تركنَّ آبائهُنَّ في مكة وجِئنَّ إلى المدينة، فقال المسلمون لا نردهم؛ هؤلاء نساء، وأنزل الله -تبارك وتعالى- آيات يحكُم الله -تبارك وتعالى- فيها هذا الحُكْم، قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}، يعني هل هُنَّ مؤمنات أم لا؟ اختبروهُنَّ، {اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، أن مَن كان من المسلمين عنده امرأة كافرة زوجة له فيجب أن يُخلي سبيلها؛ إما أن تؤمن وإما أن تُترَك، قال {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ}، أي من الكفار، اسألوهم الذي أنفقتم إذا ذهبت أزواجكم إلى الكفار فخذوا منهم المهر؛ وليسألوا هم كذلك، قال -جل وعلا- {وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا}، أي الكفار يأخذوا منكم كذلك المهور التي أعطوها لأزواجهم اللائي فررنَّ منهم مؤمنات إلى أهل الإسلام، قال {وَآتُوهُمْ}، أي الكفار، {مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ}، يعني هؤلاء النساء، {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، ثم قال -جل وعلا- {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ}، بمعنى هربنَّ إلى الكفار، {فَعَاقَبْتُمْ}، لم يرضَ الكفار أن يدفعوا لكم ما أنفقتم على هؤلاء الزوجات، {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ}، أي من أهل الإيمان، {مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ}.

ثم قال الله -تبارك وتعالى- في ختام هذه السورة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ}، هذه الآية التي جاء فيها أمر الله -تبارك وتعالى- لرسوله أن يُبايع النساء على هذه الأمور، والبيعة؛ صفقة، عبارة عن تبادل، فهم يُبايعنَّ بهذه الشروط؛ يلتزمنَّ بهذه الشروط، والنبي يأخذ البيعة لله -تبارك وتعالى- والوفاء بها هو الثواب عند الله -تبارك وتعالى-؛ جنته، ورضوانه، ومغفرته -سبحانه وتعالى-، كان النبي يُبايع النساء بهذه الشروط التي جائت في هذه الآية، كان يُبايعهم أحيانًا في صلاة العيد؛ كانت كل امرأة تأتي كذلك يُبايعها، وكذلك كان يختبر بها المؤمنات اللاتي يأتينَّ مُهاجِرات؛ تاركات أزواجهم أو بيوتهم في مكة إلى المدينة، فكان النبي -صل الله عليه وسلم- يختبرهُنَّ بهذه البيعة؛ يُبايعهُنَّ على هذه الشروط، فإن قبِلنَّ بهذا فهذا كذلك معناه أنهُنَّ مؤمنات، وكذلك كان النبي كما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- «يأتي النساء يوم العيد ويقرأ عليهنَّ هذه الآية؛ ويقول أأنتُنَّ على ذلك؟ فإذا قُلنَّ نعم فتكون هذه بيعة»، ولم يكن النبي يُبايع بصفقة اليد وإنما كان يُبايعهُنَّ كلامًا -صلوات الله والسلام عليه-، كما في حديث الصحيحين «عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت والله ما لامست يد رسول الله يد امرأة قط»، يعني مما لا يحِل له، «وإنما ما بايع النبي -صل الله عليه وسلم- النساء إلا كلامًا»، كان يقرأ عليهنَّ الآية ويقول لهُنَّ أأنتُنَّ على ذلك؟ فإذا قلنَّ نعم فيكون هذا هو عقد البيعة.

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، خطاب من الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صل الله عليه وسلم-، النبي؛ المُنبَّأ، ورسولنا هو المُنبَّأ من الله -تبارك وتعالى- بالأخبار، ما هو وحده كذلك فإن الله -تبارك وتعالى- يختار من الأمة شخص واحد وهو النبي؛ هو الذي يخبره برسالاته، لا يُنزِل وحيه -سبحانه وتعالى- على كل أحد وإنما على النبي؛ هذا هو الذي يكون مُبلِّغ عن الله -تبارك وتعالى-، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، خطاب لنبينا محمد -صلوات الله عليه وسلم-، {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، هذا أول شرط من شروط البيعة؛ ألا يُشرِكنَّ بالله شيئًا، وقُدِّم هذا لأن هذا أعظم الشروط وأعظم القضايا، وهو أساس كل شيء، ألا يُشرِكنَّ بالله شيئًا يعني أن يعبُدنَّ الله –تبارك وتعالى- لا يُشرِكنَّ به شيئًا، وهذا لفظ جامع يشمل نبذ كل شريك لله -تبارك وتعالى- مهما كان هذا الشريك، وقد اتخذ البشر آلهة شتَّى يعبدونهم من دون الله -تبارك وتعالى-؛ من حجر، وشجر، وأصنام، وأنهار، ومن كل هذه المخلوقات، وبشر، وغير ذلك، {أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، يعني يعبُدنَّ الله وحده لا شريك له؛ ويشهدنَّ له -سبحانه وتعالى- بالوحدانية، وأنه هو وحده الذي يستحق وحده العبادة -سبحانه وتعالى-، {أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا}، أي شيئًا قط، ثم قال -جل وعلا- {وَلا يَسْرِقْنَ}، السرقة هي أخذ مال الغير خُفية، بالنسبة للنساء إنما هي أخذ مال الغير، أما بالنسبة إذا أخذت مال الزوج بغير عِلمه لكن في نفقة أولادها فإن هذا ليس بسرقة، كما جاء في حديث زوجة أبي سفيان اللي هي هند بنت عتبة -رضي الله تعالى عنها- أنها سألت النبي -صلوات الله والسلام عليه- فقال له «يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ مِسِّيك؛ فهل علي حرج أن أأخذ من ماله لأُنفِق على نفسي وعلى أولادي؟ فقال لها النبي كلي وأولادك بالمعروف»، ومعنى سؤالها قالت أبو سفيان اللي هو زوجها قالت رجلٌ مِسِّيك؛ ومعنى مِسِّيك يعني أنه بخيل، وقالت هل علي من حرج أن أأخذ من ماله؛ يعني بغير عِلمه، لأُنفق على نفسي وعلى أولادي من ماله بدون أن يعلم بهذا لأنه رجل بخيل؛ لا يُنفِق النفقة الواجبة عليها وعلى أولادها، فقال لها النبي كل وأولادك بالمعروف، يعني لكِ أن تأخذي أنتي وأولادك بالمعروف؛ والمعروف ضد المُنكَر.

المعروف في المتعارف عليه بين الناس هو الذي بمثله أمر الله -تبارك وتعالى- الأزواج أن يُنفِقوا على أزواجهم، {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}، بما لا يكون إسرافًا ولا يكون تبذيرًا، فهذا خارج منه اللي هو {وَلا يَسْرِقْنَ}، وإنما السرقة هي الأخذ من مال الغير، لكن إذا كانت تأخذ لنفسها على هذا النحو فإن هذا غير داخل -إن شاء الله- في معنى السرقة، {وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ}، والزنا معروف؛ وهذا نهي عن الزنا، طبعًا هذه الأمور لا شك أن التوحيد مأمور به؛ والسرقة منهي عنها، والزنا منهي عنه، بالخطاب الإلهي لكل أحد، والبيعة إنما هي أخذٌ ومعاهدة على القيام بهذه الأمور؛ فهي صورة من صور الإيجاب تكون تأكيد لهذا الأمر، وإلا فإن كل مؤمن ومؤمنة مأمور بأن يوحِّد الله -تبارك وتعالى-؛ مأمور من الله -تبارك وتعالى- بالخطاب الإلهي وخطاب النبي للكل بأن لا يسرق ولا يزني، ولكن عندما يؤخَذ العهد كذلك فيكون هذا تأكيد للأمر، والنبي له بيعات كثيرة؛ بيعات للرجال، وبيعات للنساء، وهذه البيعة بيعة النساء كان النبي يُبايع بها الرجال كذلك، كما في حديث عُبادة ابن الصامت -رضي الله تعالى عنه- في الصحيحين أن النبي قال لهم؛ أي للرجال، «بايعوني على ألا تُشرِكوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا»، إلا آخر الحديث، ثم قال «فمَن وفى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب من ذلك شيئًا فعوقِبَ به فهو كفارة له»، قال فمَن وفى منكم؛ يعني مَن وفَّى بهذا العهد منكم، فأجره على الله؛ يعني أنا لا أُعطيه الأجر، لأن في البيعة النبي هو الذي يُبايع -صل الله عليه وسلم- ولكنه يُبايع لله، {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ}، فالنبي يأخذ البيعة لربه -سبحانه وتعالى-، قال «فمَن وفى منكم فأجره على الله، ومَن أصاب من ذلك شيئًا فعوقِبَ به فهو كفارة له»، مَن أصاب من هذه الأمور المنهي عنها شيء فعوقِبَ به أي في الدنيا فهو كفارة؛ هذا دليل على أن الحدود كفَّارات، «ومَن أصاب من ذلك شيئًا فستَرَه الله فأمره إلى الله؛ إن شاء عذَّبَه، وإن شاء غفر له»، أما إذا أصاب من هذه الأمور شيء وستَرَه الله -تبارك وتعالى-؛ لم يُعلَم به، ولم يُرفَع إلى السلطان، لم يأخذ عقوبة في الدنيا، فهذا يكون أمره إلى الله؛ إن شاء عذَّبَه، وإن شاء عفا عنه -سبحانه وتعالى-.

فتتمة البيعة قال {وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ}، وقتل الأولاد إما يكون بعد الولادة كما كانت تفعله العرب في وأد البنات خاصة؛ أو قتلها للأولاد والذُريَّة خوف الفقر، وكذلك قتلهم للأولاد كذلك بعد التخلُّق؛ وهُنَّ أجِنَّة، فقتل الجنين قتل، كما قد تفعله بعض النساء من أن تُلقي نفسها من مكانٍ عال؛ أو أن تضع شيئًا ثقيلًا على بطنها، أو تحمل شيئًا ثقيلًا، أو تأخذ دواء ونحو ذلك لقتل الجنين، كل هذا من القتل، {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ}، لا بعد الولادة ولا قبل الولادة فهذا قتل، {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}، فُسِّرَ هذا بأنه ابن زنا، أن تُدخِلَ المرأة إلى بيت زوجها وإلى زوجها مَن ليس من أبنائه، فإذا زنت وحملت وكتمت هذا الأمر أصبح هذا المولود بُهتان؛ افتُري، هي افترته وادَّعَت أنه ابن هذا الزوج الذي ولِدَ على فراشه ولي ابنه؛ فهذا أعظم هذا البُهتان، والآية عامة كذلك يعني يأتين ببُهتان؛ بكذب، والكذب العظيم سُمّي بُهتان لأنه يبهت، والبُهت هو السكوت والحيرة من شدة الكذب؛ فسمّي الكذب الكبير بهذا، {وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ}، يختلِقنَّه، {بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، فإن النبي -صل الله عليه وسلم- إذا أمر فأمره لله -تبارك وتعالى-، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ........}[الأحزاب:36]، فإذا قال النبي لرجل طلِّق امرأتك؛ أو تزوَّج هذه المرأة، أو لا تفعل هذا الأمر، أو اخرُج عن هذا المال، أو اخرُج عن هذه الدار، فهذا أمره ويجب طاعته.

لا يحِل لأحد أن يُخالِف أمر النبي -صل الله عليه وسلم-، فقال {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، وكان النبي يأمر النساء بما أمره الله -تبارك وتعالى- به، فمن جملة ما كان يأمرهُنَّ كذلك ويأخذ عليهنَّ البيعة في هذا كما في حديث أم عطية؛ قالت ألا ننوح، تقول أم عطية -رضي الله تعالى عنها- أن النبي قرأ عليهم وقال {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، وقال لا تنُحْنّْ، ونهاهُنَّ عن شق الجيوب ولطم الخدود، وقال أنا بريء من كل حالقة وسارقة، لمَّا قال وألا ننوح كانت امرأة موجودة فقبضت يدها فقال لا؛ فلانة أسعدتني فلابد أن اجزيها، ومعنى أن فلانة أسعدتني بمعنى أنها بكت وناحت في حُزن وفي ميت لها، وأنها لابد لها أن تُكافِئها بهذا الأمر، تقول فذهبت إلى هؤلاء الناس فأسعدتهم حتى توفِّي؛ كأنه دين عليها، ثم أتت فبايعت النبي -صلوات الله عليه وسلم-، تقول ما وفَّت مِنَّا إلا هذه المرأة ومجموعة أخرى من النساء هُنَّ اللاتي وفَّينّْ بما عاهدنَّ عليه رسول الله -صل الله عليه وسلم- في هذه البيعة؛ ومنها عدم النياحة، أنهُنَّ تمسكنَّ بهذا وظللنَّ حتى الموت لم يفعلنَّ هذا، فالنياحة أمر من الأمور التي جاء الإسلام بالنهي عنها وإن كان النبي قد أخبر بأنها تبقى على الأمة، قال «ثلاث في أمة لا يتركنهنَّ؛ الطعن في الأنساب، والفقر بالأحساب، والنياحة على الميت»، فالطعن في أنساب الأخرين والإنسان مِنَّا يفتخر بنَسَبه والنياحة على الميت من الأمور التي جاء الإسلام بالنهي عنها؛ لكنها تبقى في هذه الأمة، فقليل مَن يخرج عن هذا الأمر، المهم أن الله -تبارك وتعالى- أمر رسوله أن يأخذ البيعة في ما يأخذ على النساء {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، فما يأمر به النبي -صل الله عليه وسلم- يجب عليهنَّ أن يُطِعنَّ رسول الله -صلوات الله والسلام عليه-، وقال في معروف لأن النبي لا يمكن أن يأمر بغير معروف، وقيل أن هنا التقييد في المعروف إنما هو بيان كذلك أنه لا طاعة إلا في المعروف، لا طاعة إلا في المعروف حتى يتعلَّم الأخرين بأنه لا طاعة إلا في المعروف، كما قال النبي «إنما الطاعة في المعروف»، هذا لكل مَن له أمر على غيره؛ كالأمير على رعيته، والرجل على أهله، والأمير الخاص كذلك على مَن يؤمَّر عليهم، قال النبي «إنما الطاعة في المعروف»، يعني لا يُطاع أحد قد أمر الله -تبارك وتعالى- بطاعته إلا بالمعروف؛ إذا أمر بالمعروف يُطاع، إذا لم يأمر بالمعروف فإنه لا يُطاع، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- في الذين أمرهم أميرهم أن يدخلوا النار لمَّا غضب عليهم، قال إني أنا لست أميركم وقد أمركم النبي بطاعته، قالوا نعم، أو قالوا بلى، قال فاشعلوا نارًا وادخلوا؛ أمرهم أن يدخلوا فيها، قالوا ما ندخل، بعضهم قال ما ندخل وبعضهم أراد أن يستجيب، فقال النبي في مَن فكَّرَ في الدخول «لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف»، يعني إنما الطاعة للأمير في المعروف، وقال النبي «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».

فكأن قول الله -تبارك وتعالى- {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، إذا كان هذا الشرط يُشترَط للرسول -صلوات الله والسلام عليه- وهذا القيد؛ فهذا ليدل على أن غيره كذلك، وإلا فإن النبي -صلوات الله والسلام عليه- لا يأمر إلا بمعروف، لا يمكن أن يأمر النبي بمُنكَر قط؛ فإنه معصوم أن يأمر بمُنكَر، وإن الله -تبارك وتعالى- قد أمر بأن يُطاع النبي مُطلَقًا -صلوات الله والسلام عليه-، وأنه لا يحِل لمؤمن ولا مؤمنة أنه إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، بل يجب أن يُطيع أمر الله وأمر رسوله -صلوات الله والسلام عليه-، قال –جل وعلا- يعني أنك إذا قرأت عليهنَّ هذا ورضينه؛ قال -جل وعلا- {فَبَايِعْهُنَّ}، وكان النبي يقول لهُنَّ أنتُنَّ على ذلك؟ يقولون نعم، فيكون هذا خلاص؛ هذه هي بيعة النبي -صل الله عليه وسلم-، {فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ}، أمر عظيم للرسول بأن يستغفر لهُنَّ الله، هذا فيه أولًا بيان فضل استغفار النبي -صل الله عليه وسلم- للمؤمنين وللمؤمنات، وأن استغفاره وسيلة عظيمة لبلوغ مغفرة الرب ورضوانه -سبحانه وتعالى-، كما في قول الله -تبارك وتعالى- {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}[محمد:19]، وقال -تبارك وتعالى- {........ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[النساء:64]، وقال إخبارًا عن بعض الأعراب {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[التوبة:98]، ثم قال {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ ........}[التوبة:99]، فيتخذ ما يُنفِق في سبيل الله قُربى ويتخذ صلوات الرسول قُربى، وقال الله -تبارك وتعالى- {أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ}، يعني صلاة الرسول على أحد قُربى عظيمة لله -تبارك وتعالى-، أن يُصلّي النبي -صل الله عليه وسلم- على واحد من المؤمنين فيدعوا له؛ فدعاء النبي أمر عظيم.

{وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ}، ففي هذا بيان لرحمة الله -تبارك وتعالى- بعباده المؤمنين، وأمر للنبي بأن يستغفر للمؤمنات هذا فيه جبر لخواطر المؤمنات؛ وبُشرى لهُنَّ إذا استغفر لهُنَّ النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وحث لهُنَّ أن يدخُلنَّ في هذه البيعة مع الرسول؛ الذي يأخذها الرسول، وأن النبي يدعوا لهُنَّ بهذا، فيكون عند التقصير لو قصَّرنَّ في شيء من هذا فيكون هناك دعوة النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وكان النبي يجبر خواطر النساء ويقول في ما استطعتُنَّ، يعني أن هذه البيعة أدينَّ ما فيها في ما استطعتنَّ؛ فإن الله -تبارك وتعالى- لا يكُلِّف نفسًا غلا وسِعَها -سبحانه وتعالى-، {وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، إن الله -سبحانه وتعالى- غفور؛ صفته -سبحانه وتعالى-، ختم الله -تبارك وتعالى- هذه الآية ببيان مغفرته ورحمته، غفور؛ كثير المغفرة لذنوب عباده، فهو وإن كان -سبحانه وتعالى- ألزم عباده بهذه البيعة ليلزمنَّ بها ويقُمنَّ بها، وكان النبي كما ذكَرنا أنه يأخذ هذه البيعة على الرجال وعلى النساء، لكن مَن قصَّرَ في شيء من هذا فإن الله -تبارك وتعالى- غفور؛ كثير المغفرة -سبحانه وتعالى-، رحيم؛ شديد الرحمة بعباده المؤمنين -سبحانه وتعالى-، ومن رحمتهم أن يُقيل عثرتهم وأن يغفر ذنبهم -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[الممتحنة:13]، آية عظيمة ختم الله بها هذه السورة اللي هي سورة مفارقة بين أهل الإيمان وأهل الكفر؛ ولو كانوا مَن كانوا من أهلهم ومن أقربائهم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، خطاب من الله العزيز، الحكيم، الرب -سبحانه وتعالى-، مالِك المُلك، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، يُخاطِب عباده المؤمنين واصِفًا إياهم بهذا الوصْف؛ وصف الإيمان، الذي هو أعلى الأوصاف وأشرفها، وأفضل الأعمال التي تُبلِّغ رضوان الله وجنته -سبحانه وتعالى-، وكذلك حث وإلزام أنه مادام اتصفتم بهذه الصفة فالتزموا بما يأمركم الله -تبارك وتعالى- به؛ حتى تكونوا عند هذا الوصف، وعند هذا العقد الذي عقدتموه مع الله -تبارك وتعالى-؛ وهو عقد الإيمان، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، لا تتوَلَّوا؛ التولِّي هو أن تأخذوهم أولياء، قوم؛ أي ناس، {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، وصْف هؤلاء القوم اللي هم الكفار غضب الله عليهم، والله -تبارك وتعالى- يغضب على الكافر، الكافر في غضب الله وفي سخَطِه حيًّا، ثم بعد ذلك ميتًا في غضب الله -تبارك وتعالى-، وهذا الذي غضب الله -تبارك وتعالى- عليه والذي هو محِل غضبه إذن محِل نقمته ومحِل عذابه؛ فكيف تتولَّى هذا؟ كيف تأخذ حبيبًا لك، ووليًا لك، وناصرًا لك، مَن غضِبَ الله عليه؟ يبقى هنا وضعت الولاية في غير محِلها وواليت مَن يُبغِضه الله -تبارك وتعالى-، ولا شك أن مَن أحب مَن يُبغِض الله كذلك أبغضه الله -تبارك وتعالى- ويلتحق به؛ يُلحَق بمَن يُبغِضهم الله -تبارك وتعالى-، كما قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ........}[المائدة:51]، فيجعل الله -تبارك وتعالى- مَن تولَّى البُغضاء كذلك يُبغِضه الله -تبارك وتعالى- وينقله من مسمّى الإيمان إلى مسمّى الكفر؛ إلى مُسمَى هؤلاء الذين التحق بهم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، وهم الكفار؛ غضب الله عليهم بكفرهم، {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ}، وصْف لهؤلاء الكفار بأنهم يئسوا من الآخرة، يئسوا من الآخرة؛ من رحمة الله -تبارك وتعالى-، بحالهم يعني أن حالهم خلاص؛ حال يأس من الآخرة، وبالتالي لا نجاة لهم ولا فوز لهم عند الله -تبارك وتعالى-، أو أنهم {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ}، يعني أن هؤلاء لا أمل لهم في الآخرة ولا يعملون لها، وهي الآخرة؛ هي دار الاستقرار، ودار المقر، فأي عماية أكبر من هذه؟ فكيف تتخذ هذا الأعمى الذي نسي الآخرة، ويئس منها، وتكرها بهذه الكلية؟ {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}، من أصحاب القبور إذا كان وصْف لهؤلاء الكفار يعني أن الكفار من أصحاب القبور، كذلك لمَّا عاينوا ما عاينوا من الحقائق خلاص؛ يئسوا من الآخرة، وعلِموا أنه لا توجد لهم رحمة من الله -تبارك وتعالى-، أو {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ}، يكون وصْف، {........ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[الممتحنة:13]، يعني أن يعودوا لهم، فإن الكفار الأحياء قد يئسوا أن يعود لهم هؤلاء؛ أو أن يعود هؤلاء إلى الحياة مرة ثانية، فإنهم خلاص؛ علِموا أن مَن مات فلا عودة له ولا حياة له مرة ثانية، فهؤلاء العُميان على هذا النحو الآيسين من رحمة الله -تبارك وتعالى- والذي يأّسهم الله من رحمته؛ كيف يُتّخذون أولياء؟ كيف تتخذون مثل هؤلاء أولياء لكم؟ فهذه الآية فيها موعظة عظيمة لأهل الإيمان أن يُراعوا وأنهم أصبحوا مؤمنين؛ يعني في ولاية الله -تبارك وتعالى-، إذا والوا أعداء الله -تبارك وتعالى- الذين غضب الله عليهم فإنه سيدخلون مع هؤلاء المغضوب عليهم، أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُثبِّتنا على دينه، وأن يجعلنا من أهله ومن أوليائه؛ نوالي فيه ونُعادي فيه.

استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.