الخميس 20 جمادى الأولى 1446 . 21 نوفمبر 2024

الحلقة (718) - سورة التغابن 4-8

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله =تبارك وتعالى- {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التغابن:1] {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[التغابن:2] {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[التغابن:3] {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[التغابن:4] {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[التغابن:5] {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[التغابن:6]، هذه الآيات مطلع سورة التغابُن، وقد كُنَّا مع الثلاث آيات الأولى في الحلقة الماضية، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، وعَلِمنا أن معنى التسبيح؛ تنزيه الله -تبارك وتعالى- وتقديسه عما يقول الظالمون، ولا يوجد أحد قد كُذِبَ وافتُريَ عليه ونُسِبَ عليه غير الحق أكثر من الرب الإله الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، فقد قال الظالمون في الله -تبارك وتعالى- أقوال عظيمة شنيعة في الكفر؛ كادِّعاء أن له ولد، وأنه تزوَّج بالجِن، وأنه ولِدَ له الملائكة، ادِّعاء أنه له شريك وله نِد، أنه تنازل عن مُلكِه لغيره -سبحانه وتعالى-، فكل مَن ادَّعى لله -تبارك وتعالى- نِدًا، أو شريكًا، أو اتخذ إلهًا مع الله -تبارك وتعالى-، تعالى الله -جل وعلا- عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[البقرة:116] {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[البقرة:117].

التسبيح؛ تنزيه الله -تبارك وتعالى- عن كل سوء؛ عن صفات المخلوقين، كل مخلوق هو في محِل النقص مهما كمُلَت صفاته؛ لا تكمُل من كل وجه، والله -سبحانه وتعالى- هو الذي له الكمال وحده، وله الجلال، وله الجمال -سبحانه وتعالى-، لا يعتريه نقص بأي وجه من الوجوه، هو الحي الذي لا يموت، {هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}، هو الذي لا يظلم؛ الحكَم العدل -سبحانه وتعالى-، هو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء -سبحانه وتعالى-، هو الذي مَلَكَ كل شيء؛ وذلَّ له كل شيء، وقهر له كل شيء -سبحانه وتعالى-، الرب الإله الذي لا إله إلا هو رب العالمين؛ لا مُنازِع له، لا مُقاوِمَ لسلطانه، لا راد لقضائه، أمره هو الأمر ونهيه هو النهي، له أسلم مَن في السماوات ومَن في الأرض، فتسبيح الله -تبارك وتعالى-؛ تنزيهه عما لا يليق به -سبحانه وتعالى-، كل ما في السماوات وما في الأرض يُسبِّح لله؛ فله المُلك كله، والمُلك له لأنه هو خالق المُلك كله -سبحانه وتعالى- والمُتصرِّف فيه، {وَلَهُ الْحَمْدُ}، لأسمائه وصفاته وأفعاله -سبحانه وتعالى-؛ حمْدًا لذاته، وحمْدًا لإفضاله وإنعامه -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ}، أيها الناس، {........ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[التغابن:2]، لا تخفى عليه خافية، {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ}، خلْقُها حق؛ فهو الذي خلَقَها -سبحانه وتعالى-، وهي شاهدة له بأنه الإله الواحد الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، وبهدف حق وهو أن تقوم هذه المخلوقات بعبادة الرب الإله الذي خلَقَها -سبحانه وتعالى-، ومصيرها إلى حق لأنه قد قضى يومًا يُجازي العباد فيه كلٌ بما عمل؛ المُحسِن بإحسانه، والمُسيئ بإسائته -سبحانه وتعالى-، {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[التغابن:3]، في النهاية يوم القيامة مصير العباد إليه ليُحاسِب الجميع -سبحانه وتعالى-.

{يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}، عِلم مُشاهَدة، فهو قائم على كل نفس -سبحانه وتعالى-؛ لا يعزب عنه ذرَّة من هذا الخلْق، فهو -سبحانه وتعالى- عالم الغيب والشهادة؛ لا يخفى عليه شيء -سبحانه وتعالى-، {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ........}[التغابن:4]، أيها العباد، السر ضد الجهر، يعني ما تسرونه؛ تقولونه سِرًّا، وما تُعلِنونه؛ تُظهِرونه، كله يعلمه الله -تبارك وتعالى- وهو سواء عنده -سبحانه وتعالى-؛ ليس هذا بأخفى من هذا، ولا هذا بأظهر من هذا، {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ........}[الرعد:10]، سواء عند الله -عز وجل-، {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، أخفى السر، {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ذات الصدر؛ سره المكنون الذي لم يُفارِقه، السر الذي لم يُفارِق صدر صاحبه ولم يُطلِع صاحبه عليه أحد فهذا السر المكتوب في صدر صاحبه؛ والذي لم يكتبه كتابةً، ولم يقُله ويُعرِب عنه، ولم يخبر به صديق وما ظهر على أحد، هذا السر المكتوم هو ذات الصدر؛ يعلمه الله -تبارك وتعالى-، أو ذات الصدر؛ مكنونه، كل مكنون الصدر من أعمال القلوب، والقلب هو أكثر جارحة تعمل في الإنسان؛ لأنه مصدر قرار الإنسان، ومصدر رؤيته، هو الخير فيه والشر فيه، إذا صَلُحَ صَلُحَ الجسد كله وإذا فسدَ فسدَ الجسد كله، فهو يتقلَّب؛ القلب من التقلُّب، فإن خواطره وأعماله ونيَّاته في غاية السرعة، كل وساوس القلب ودورانه بأفكاره، وأحلامه، وعزمه، وتصميمه، وكرهه، وبُغضِه، وحسده؛ كلها عند الله، الله عند كل قلب -سبحانه وتعالى-، يعلم ذات الصدر عِلم يقيني؛ عِلم الله -تبارك وتعالى- الذي لا يخفى عليه خاطرة من الخواطر تأتي، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:284]، فهو عليم بذات الصدر؛ كل هذا المحتوى يعمله -سبحانه وتعالى-، {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق:9] {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ}[الطارق:10]، تُبلى؛ تُهتَك، السرائر؛ ما كان يُسِرُّه الخلْق، تُبلى وتُهتَك وتظهر أمام الجميع؛ يُظهِرها الله -تبارك وتعالى-، سر الشخص المكنون يُظهِره الله -تبارك وتعالى-؛ يُظهِر ما في قلوبهم -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.

ثم قال -جل وعلا- {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[التغابن:5]، تحذير ووعيد منه -سبحانه وتعالى- لهؤلاء المُكذِّبين برسالة النبي -صل الله عليه وسلم-، يقول لهم {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ........}[التغابن:5]، يعني قد جائهم هذا النبأ، لقد أرسل الله -تبارك وتعالى- وبيَّن أنباء هؤلاء السابقين ممَن أهلكهم الله -تبارك وتعالى-؛ قوم نوح، وعاد، وثمود، والمؤتفِكات، قوم لوط، وأصحاب مدين، وقوم فرعون، هذه الأمم الظالمة والقرى الظالمة، يقول الله {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ........}[التغابن:5]، هذا في الدنيا، ذاقوا وبال أمرهم؛ عاقبة الخسران والكفران الذي فعلوه ذاقوها في الدنيا، هؤلاء أُغرِقوا، هؤلاء قتلهم الله –تبارك وتعالى- بالصيحة، هؤلاء الله -تبارك وتعالى- أفك عليهم قراهم، هؤلاء قُتِلوا بيوم الظُلَّة وعُذِّبوا به، فكلٌ قد عذَّبه الله، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت:40]، {فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ}، أمرهم في كفرهم وشركهم الذي في الدنيا ذاقوه هنا في الدنيا، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، في الآخرة، يعني أنه لا يُكتفى بدمارهم وبنهايتهم التي أخذوها... لا؛ وإنما ينتظهر عذاب في الآخرة، كما قال الله في قوم نوح {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا}، كان الغرق وهذا العذاب المُقدَّم في الدنيا ثم أُدخِلوا نارًا في الآخرة، فهؤلاء الكفار ينتظرهم العذاب الأليم في الآخرة؛ عذاب النار وعذاب جهنم -عياذًا بالله-، {فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

قال -جل وعلا- {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}[التغابن:6]، ذلك؛ العقوبة التي نالتهم والنكال الذي حصل لهم في الدنيا، والعقوبة التي تنتظرهم في الآخرة من العذاب الأليم؛ الإشارة بذلك هنا إلى هذا، قال {بِأَنَّهُ}، الحال والشأن، {بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}، رُسُل هؤلاء القوم كانت تأتيهم بالبينات؛ يعني الأدلة الواضحة البيِّنة على صِدقهم، كل رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- آتاه من الأدلة ما يقطع بأنه رسول الله، فآتاه آية معجزة ليقطع الجميع قطع بأن هذا رسول الله، فيكون ردُّهم له إنما هو عن تكذيب وعناد وليس عند عدم فهم الدليل أو البرهان أو عدم وضوحه... لا؛ وإنما دليل قاطع، «ما من نبي أرسله الله إلا وأوتيَ ما على مثله آمن البشر»، ولكن هؤلاء يجحدون؛ جحدوا أدلة الرُسُل وتركوها، {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ........}[التغابن:6]، كان هذا هو الذي صدَّهم، أبشر؛ سؤال يسألونه للاستنكار، يعني لإنكار هذا الأمر، {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}، كيف يكونوا بشر وهم مثلنا مثلهم وهم الذي يهدوننا إلى الطريق؟ وماذا في هذا؟ هذا هو الموافق للحكمة الإلهية، أن يختار الله -تبارك وتعالى- من القوم رجل واحد منهم يُنزِل عليه رسالته؛ يُعلِّمه تعليم، يدعوا قومه، يؤيِّده بالبيِّنات والمعجزات حتى يثبُت أنه رسوله، ثم يوجِّه الجميع إلى الطريق الذي يُريده الله -تبارك وتعالى-، ماذا يُريدون؟ هل يُريد كلٌ منهم أن يُرسِل الله -تبارك وتعالى- له رسالة خاصة ليؤمن؟ هل يُريدون مَلَك؟ كل هذا يُنافي الحكمة؛ أن يُخاطب الله -تبارك وتعالى- ويُكلِّم كل عبد من عباده، ويُرسِل لكل أحد رسول خاص له، كذلك أن يُرسِل لهم مَلَك؛ لو شافوا المَلَك على صورته التي خلَقَ الله -تبارك وتعالى- لصُعِقوا لأن خلْق الملائكة عظيم، ثم تنعدم الصلة التي بينهم وبينه؛ كيف يتَّبِعون هذا الذي يأمرهم؟ ثم لو جائهم رجل لأصبح الأمر ملتبِسًا؛ ما يُدريهم أن هذا الرجل هو أصله مَلَك من ملائكة الله –تبارك وتعالى-؟ تلتبس الأمور، فأما إذا كان بشرًا منهم يدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى- فهذا مُقتضى الحكمة الإلهية؛ وهذا خيرٌ من كل الوجوه، فإنه يكون مثال لهم معهم؛ يُخاطِبهم بلسانهم، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}، حتى أن الله لا يأتيهم برسول من قوم أخرين حتى يدعوهم؛ وإنما يكون بلسان قومه ليُبيِّن لهم، ويكون هو إمامهم وقدوتهم كذلك وإسوتهم، وإذا جاء بأمر من الله -تبارك وتعالى- يكون هذا أول مَن يفعل، وإذا أتى بنهي من الله -تبارك وتعالى- يكون هو أول مَن ينتهي، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}، فيكون هذا قدوة وبالتالي هذا أمر الله -تبارك وتعالى-.

ثم هؤلاء الكفرة الملاعين هذا اختيار الله؛ كيف يُرَد اختيار الله -عز وجل-؟ إذا كان قد اختار الله -تبارك وتعالى- هذا الطريق وهذا السبيل لهداية خلْقِه -سبحانه وتعالى- وأن يختار منهم رُسُل؛ كيف يُرَد هذا ويُكفَر بهذا مع ظهور دليله وظهور بيِّنته إذا اختار الله رسول؟ الله رب السماوات والأرض خالقنا اختار هذا الطريق خلاص؛ يجب أن يُزعَن لأمر الله -تبارك وتعالى-، وقد قال الله -تبارك وتعالى- لآدم عندما أهبطه إلى هذه الأرض {........ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}[طه:123] {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124] {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}[طه:125] {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}[طه:126]، فاختيار الرب -تبارك وتعالى- وسُنَّته ليهدي هذا البشر من أولاد آدم أن يختار منهم رُسُل يدلونهم على الطريق، فكان يجب على هؤلاء أنهم إذا أتاهم هذا الرجل الذي يعرفون صدقه، وأمانته، وقام الدليل على أنه صادق في مقالته أنه رسول الله؛ ليقول هذا رسول خالق السماوات والأرض، رسول ربنا وخالقنا؛ يجب أن نؤمن به، يجب أن نُزعِنَ له ونسير خلفه، لكن هؤلاء قالوا استنكافًا واستكبارًا {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}، يعني لِما يختار الله -تبارك وتعالى- لنا هذا الطريق؟ وما الحكمة في هذا؟ ثم يرون أن هذا ستفضَّل عليهم ويصبح يقول أنا رسول الله؛ رسول رب العالمين وخالق هذا الخلْق، إذن سيتفضَّل عليهم ويستنكِفوا أن يكون كذلك، وخاصة إذا نظروا إليه بعين الاستصغار كما الشأن في كل الرُسُل للأسف، {قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}، ما الذي فضَّلكم حتى يختاركم الله –تبارك وتعالى-؟ فطعنوا في اختيار الرب -تبارك وتعالى-، كما قال مشركوا العرب {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:31]، لِما لم يختَر الله -تبارك وتعالى- رجل من أهل الطائف أو من أهل مكة يكون غير محمد؟ محمد في نظرهم أنه رجل فقير وأن هناك مَن هو أكثر منه عُصبة، وجاه، ومال، وقوة، لماذا لم يختَر الله -تبارك وتعالى- رجل عظيم من هؤلاء؟ وهؤلاء لعنهم الله -تبارك وتعالى-، لا أعظم من رسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، كان العظيم عظيمًا؛ عظيم في أخلاقه، عظيم في دينه، في صدقه، في أمانته، هذا أعظم العرب -صل الله عليه وسلم- ومحِل اختيار الله -تبارك وتعالى-، الله أعلم حيث يجعل رسالته لكن هؤلاء مجرمون مُستنكِفون عن أمر الله -تبارك وتعالى-.

فقالوا {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}، قال -جل وعلا- {فَكَفَرُوا}، ومعنى أنهم كفروا؛ عرفوا الحق وعرفوا أن هذا رسول الله، ولكنهم لم يرضوا هذا استنكافًا واستنكارًا أن يُزعِنوا لرجل مثلهم وأنه أخذ هذه المنزلة الشريفة، ما يمكن؛ قالوا لا نسير خلفه، {فَكَفَرُوا}، ردوا الأدلة الواضحات البينات التي جاء بها الرُسُل وكفروا بالله -تبارك وتعالى- وبرسوله، قال -جل وعلا- {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا ........}[التغابن:6]، توَلَّوا عن الحق، عرفوا أن هذا هو الطريق وهذا هو الحق ولكنهم توَلَّوا؛ يعني أعطوا ظهرهم له وتركوه، قال -جل وعلا- {وَاسْتَغْنَى اللَّهُ}، وهذه العبارة فيها توعُّد، الله هو الغني -سبحانه وتعالى- بذاته عن كل خلْقِه؛ غني قبل أن يخلُق هؤلاء الخلْق، وغني بذاته -سبحانه وتعالى- ولا يزيده الخلْق غنىً، ولا هو محتاج إليهم -سبحانه وتعالى-، وإنما {وَاسْتَغْنَى اللَّهُ}، -تبارك وتعالى- المقصود أنه يدعوهم إليه -سبحانه وتعالى- ولكنهم يتوَلَّون عن الله -تبارك وتعالى- والله هو الغني، ومعنى {وَاسْتَغْنَى اللَّهُ}، الله -تبارك وتعالى- تركهم ولم يوفِّقهم -سبحانه وتعالى- إلى الدين وإلى الطاعة وخلَّاهم -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، الله غني بذاته -سبحانه وتعالى- عن كل خلْقِه؛ عن عرشه، عن كرسيه، عن سماواته، عن أرضه، عن ملائكته -سبحانه وتعالى-، فهو الغني بذاته والمحمود بذاته -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ}، عن الخلْق كلهم وغير محتاج إليهم، وعبادة الخلْق لن تزيد في مُلك الله –تبارك وتعالى- شيئًا، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، حميد؛ فعيل، بمعنى أنه مفعول؛ أي محمود -سبحانه وتعالى-، أنه محمود؛ هو الذي يحمَده كل خلْقِه، ولا يُحصي أحدًا من الخلْق ثناءً عليه كما أثنى على نفسه -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

ثم قال -جل وعلا- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}، زَعَمَ تأتي في لغة العرب لِمَن يقول قولًا لا دليل عليه، وهؤلاء قالوا في زعمهم إنما قالوا قول بدون دليل؛ قالوا هكذا بالظن والتخمين، {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وقال الله الذين كفروا لأنهم ردوا آيات الله -تبارك وتعالى- وجحدوا بها، {أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}، أن لا بعث لهم وإنما حياتهم إنما هي الحياة الدنيا فقط وإذا ماتوا فلن يكون هناك حياة ولا بعث أخر، قال -جل وعلا- {........ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[التغابن:7]، {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}، وكان أكبر المُكذِّبين بالبعث هم العرب؛ العرب أجمعت بعد ذلك قاطبة على إنكار البعث، عِلمًا أنهم ورِثوا دين إسماعيل -عليه السلام-؛ ودعاهم إلى التوحيد، وكانوا على التوحيد زمان طويل؛ يؤمنون بتوحيد الله -تبارك وتعالى-، ويؤمنون بالبعث، ولكن مع استمرار الوقت تناقص عِلمهم شيئًا فشيئًا حتى خلاص؛ جائت وقت إلى أن عموا عن الآخرة، كما قال -جل وعلا- {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}[النمل:66]، وكانوا يستنكِرون كل استنكار أن يعودوا إلى الحياة مرة ثانية؛ من باب أن الله يستحيل عليه أن يُعيدهم مرة ثانية، مع إيمانهم بأن الله -تبارك وتعالى- هو خالق الخلْق؛ وأنه خلَقَهم ابتداءً، لكنهم أحالوا على الله -تبارك وتعالى-؛ تعالى الله عن ذلك، أحالوا أن يُعيدهم إلى الحياة مرة ثانية.

قال -جل وعلا- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}، قال -جل وعلا- {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}، أمر من الله -تبارك وتعالى- لرسوله أن يُقسِمَ لهم بالله أن هذا البعث حق، والرسول هو الصادق الأمين -صل الله عليه وسلم- وهذا الخبر من الله -تبارك وتعالى-، والله قد أبان أن هذا البعث حق بكل صور الإبانة، وضرب لهؤلاء المُكذِّبين كل الأمثال ليؤمنوا بأن البعث حق؛ وأنه لا يستحيل عليه -سبحانه وتعالى-، وأن هذا أمر يسير، وأن الله سيفعله حتمًا ولا يمكن أن يتخلَّف، {........ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[التغابن:7]، يعني أنه بعد البعث سيخبركم الله -تبارك وتعالى- بما عملتم، وهذا الإخبار سيترتَّب عليه بعد ذلك الثواب والعقاب، فهولاء الذي كفروا وجحدوا آيات الله -تبارك وتعالى-، وردوا رسالة الرسول، وكذَّبوا أن يكون هناك بعث أو نشور؛ فإنما يكون مآلهم النار، فليس مجرد تنبيه وإنما ما يحصل بعد هذا النبأ، قال -جل وعلا- {وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، ذلك يعني البعث، {عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}، يعني أنه ليس كما زعمتم من أنه أمر مستحيل ولا يستطيع الله -تبارك وتعالى- ولا يقدر عليه؛ بل هو أمر يسير كل اليُسْر، فكما أنه خلَقَهم الله –تبارك وتعالى- بلا كُلفة، ولا معونة، ولا مشقة عنده -سبحانه وتعالى-؛ فإن بعثهم كذلك، {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ........}[لقمان:28]، وهذا أمر يسير على الله -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ}[النازعات:13] {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}[النازعات:14]، زجرة من المَلَك الذي ينفخ في الصور نفخة واحدة فعلى طول؛ كل الذي كانوا في الأرض وذابت وتحللت أجسامهم، وظلت في هذه الأرض، وتحوَّلَت ذرَّاتها إلى الأنهار، أو إلى البحار، أو إلى الهواء، أو إلى الجبال، وخرج من هذه الذرَّات أجساد أخرى ونباتات أخرى، كل هذا إنما هو على الله -تبارك وتعالى- يسير؛ يُعيد الخلْق كما كان تمامًا، كما كان الإنسان في هذه الدنيا فيُعيده، {........ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء:104]، والله -تبارك وتعالى- قال {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ}[النازعات:13] {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}[النازعات:14]، زجرة واحدة؛ نفخة واحدة، {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}[النازعات:14]، يعني من باطن الأرض إلى ظاهر الأرض، فهذا أمر يسير على الله -تبارك وتعالى-؛ ليس فيه كلفة عليه، ولا مشقة -سبحانه وتعالى-، ولا يُتعِبه، ولا يُثقِله.

قال -جل وعلا- {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، يعني هذه الأدلة البيِّنة الواضحة وانظروا سيَر السابقين؛ وإخبار الله -تبارك وتعالى- عنهم، وأنهم عُذِّبوا في الدنيا وذاقوا وبال أمرهم، وذهبوا إلى الآخرة في العقوبة، يعني ارعووا وارجِعوا إلى الله -تبارك وتعالى-، إذن {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، آمنوا؛ صدِّقوا، يأمرهم الله بالتصديق؛ والتصديق هنا بحق، لن يُصدِّقوا بباطل بل سيُصدِّقوا بالحق من الله -تبارك وتعالى-؛ بالله الذي لا إله إلا هو، فهو مُنزِل هذا الكتاب، هو الذي يخبركم -سبحانه وتعالى-، هو ربكم، هو الذي أرسل رسوله محمدًا -صلوات الله والسلام عليه-، ورسوله محمد الذى اختار منهكم؛ وأنزل عليه كتابه، وأجرى عليه كلامه، وأقام الأدلة البيِّنة الواضحة والبراهين على صدقه، وأمانته، وأنه رسول الله حقًا وصدقًا، إذن أنت إذا آمنت وصدَّقت تُصدِّق بحق، ثم حق يتوقَّف عليه أمر عظيم جدًا؛ إما الفوز بجنة الله -تبارك وتعالى-، وإما العذاب المُهين، فإذن ارجع لعقلك، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ........}[التغابن:8]، آمنوا بالنور المُنزَل منه؛ هذا القرآن، القرآن نور يكشف الله -تبارك وتعالى- به كل حقائق الأشياء، يُريك الأمور أولًا؛ الغيب من أول شأن هذا الإنسان أول ما كان، الحقائق الأخرى التي لا نراها؛ من غيب الله -تبارك وتعالى-، من أسماء الله -تبارك وتعالى-، وصفاته، وما هي من شئون ذاته -سبحانه وتعالى- أخبرنا الله -تبارك وتعالى- بها، والله غيب؛ أخبرنا عنه جنته، عن ناره، عن ملائكته، عن الغد؛ ماذا يكون فيه؟ فأخبرنا الله بالبداية وبالنهاية، فهذا نور كاشف، ثم أخبرنا الله بحقائق الأشياء؛ الأعمال، والأقوال، والحلال، والحرام، كلها أظهرها الله -تبارك وتعالى-، أرانا أكبر شيء؛ عدونا إبليس الشيطان، وكيف أنه حاقد علينا، يُريد أن يأخذ من أبناء آدم ما يستطيع أخذه إلى النار وإلى العذاب؛ فكشف هذا، فهذا نور مبين الله -تبارك وتعالى- أبان فيه الحق وأظهر فيه الباطل؛ فظهر الحق، ظهر الباطل، ظهر طريق الله -تبارك وتعالى-، ظهرت طرق المجرمين، {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:55]، فهذا كله أبانه الله؛ فهو نور منه -سبحانه وتعالى-، هذا النور المبين الذي أنزل الله فيقول {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ........}[التغابن:8]، كتابه -سبحانه وتعالى- النور الذي نزل من عنده، اللهم لك الحمْد على إنزالك هذا القرآن الذي هو نور وسيظل سراجًا منيرًا؛ نور إلى يوم القيامة، {....... وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[التغابن:8]، واعلموا أن الله بما تعملون خبير، والخبرة؛ أدق العِلم، يعني أنه يعلم شئونكم عِلمًا تفصيليًا، كل أسراركم وأحوالكم يعلمها الله -تبارك وتعالى- إذن لا محيص لكم أيها الناس، دعوة من الله -تبارك وتعالى- بعد أن أظهر هذه الأدلة الواضحة، قال {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[التغابن:8] {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}.

نقف هنا ونُكمِل -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.