الأربعاء 08 ذو القعدة 1445 . 15 مايو 2024

الحلقة (720) - سورة التغابن 10-12

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[التغابن:7] {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[التغابن:8] {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التغابن:9] {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[التغابن:10] {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التغابن:11] {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[التغابن:12] {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[التغابن:13]، الآيات من سورة التغابُن، قول الله -تبارك وتعالى- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}، قالوا قولًا بظنونهم وتخميناتهم، واستبعد مشركوا العرب استبعادًا كاملًا أن يُعيدهم الله –تبارك وتعالى- إلى الحياة مرة ثانية، قُل؛ أمر الله -تبارك وتعالى- لرسوله، {بَلَى وَرَبِّي}، إثبات أن هذا البعث حق، وإقسامًا بالله -تبارك وتعالى- {........ لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[التغابن:7]، إنباء يقع بعده الثواب والعقاب.

{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}، يعني أيها الناس، هذا خطاب من الله -تبارك وتعالى- ودعوة لهم أن يؤمنوا بالله -سبحانه وتعالى-، الله القوي القادر؛ الذي لا يُعجِزه شيء، والرب الإله الحكيم -سبحانه وتعالى-، كيف يخلُق خلْقًا ويُخلِّيه؟ لا يأمره ولا ينهاه؛ يستحيل هذا، بل هؤلاء رُسُله وهذه سلسلة الرُسُل من أول آدم -عليه السلام- إلى محمد -صلوات الله والسلام عليه-؛ آمرين، مُبشِّرين، مُنذِرين، مُبيِّنين الصراط إلى الله -تبارك وتعالى-، خلْق هذا الخلْق؛ الذي خلَقَ هذا الخلْق الرب الحكيم -سبحانه وتعالى-، لا يمكن أن يكون قد خلَقَ خلْقَه سُدىً وعبثًا، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ........}[التغابن:8]، القرآن نور الله -تبارك وتعالى- المُنزَل؛ الذي بيَّن الله -تبارك وتعالى- به الهُدى من الضلال، والشرك من التوحيد، والبدعة من السُنَّة، طريق أهل السعادة وطريق أهل الشقاوة، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}، {........ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[التغابن:8]، وعيد منه -سبحانه وتعالى-؛ وذلك إخبار العباد بأن الله -تبارك وتعالى- عليم عِلمًا دقيقًا بكل أعمالهم، الخبرة هي العِلم الدقيق لكل ما خفيَ وما أُعلِن، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ}، أيها الناس، {لِيَوْمِ الْجَمْعِ}، يوم القيامة سمَّاه يوم الجمع لأن هذا اليوم يجتمع فيه الأولون والآخرون، {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}، لا يُغادِر الله -تبارك وتعالى- خافية، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة:18]، ما من نفس منفوسة إلا وهي مجموعة لهذا اليوم، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر:92]، فهذا أمر الله -تبارك وتعالى- والحشر وجمع الناس هذا وعْدُ الله -تبارك وتعالى- باجتماع الناس، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «يُبعَث الناس ويجتمعون في صعيد واحد لا عَلَمَ فيه لأحد؛ يُسمِعهم الداعي، وينفُذُهم البصر»، فداعٍ واحد يُسمِع الجميع كلهم من أولهم لآخرهم، وينفُذُهم البصر كلهم في صعيد واحد، {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}، يوم القيامة، {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}، الكفار يغبُنون ويكرهون أنفسهم أنهم لم يؤمنوا بالله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ........}[غافر:10]، وكذلك يشعرون بالبُغض لِما هم فيه ولأن الله -تبارك وتعالى- ولأن الله -تبارك وتعالى- تفضَّل على هؤلاء الذين كانوا يحتقرونهم ويستصغِرونهم في الدنيا؛ إذا بهم الآن في جنات النعيم، وكذلك يشعر أهل الإيمان بالكُره والبُغض لأهل الكفر؛ أنهم ذهبوا بأنفسهم وأوردوا أنفسهم مورد النار، {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}، كذلك المؤمن قد يشعر بشيء من الغبْن لنفسه إذا كان قد قصَّرَ في طاعة الله -تبارك وتعالى- تقصيرًا يستحق به عقوبة من العقوبات في المحشر أو في النار -عياذًا بالله-، فإنه يغبُن نفسه؛ لِما قصَّرَ هذا التقصير؟ ولِما فعل هذا؟ لِما ترك هذه الواجبات أو فعل هذه المُحرَّمات التي يُعاقَب عليها في هذا اليوم؟ كما جاء في عقوبة تارك الزكاة وعقوبات كثيرة لأهل الإيمان عندما يعصَون؛ يتساقط عن الصراط مَن يتساقط، كما طُلِبَ من النبي أن يصِف الصراط فقال «دحضٌ ومذلَّة عليه خطاطيف وكلاليب تخطف الناس بأعمالهم؛ فناجٍ مُسلَّم، ومخدوش ناجٍ، ومكدوس على رأسه في جهنم»، هؤلاء أهل الإيمان، فالمؤمن الذي ارتكب ما يُعاقِبه الله –تبارك وتعالى- عليه يغبُن نفسه في هذا اليوم، ويتألَّم أنه لم يخرج في الدنيا من ذنبه؛ ولم يُسارِع بالتوبة والرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- لمَّا قصَّرَ في هذا الأمر.

{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ}، فضل الله -تبارك وتعالى- الإيمان والعمل الصالح يجتمعان؛ وهما دائمًا يجتمعا في الجزاء، لا جزاء عند الله -تبارك وتعالى- بالجنة والقرار إلا باجتماع الإيمان والعمل الصالح، هناك سبع وخمسين موضِع من القرآن يُرتِّب الله -تبارك وتعالى- جزائه في الآخرة على الإيمان والعمل الصالح، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}، جنات؛ بساتين، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}، الخلود يعني المُكث الطويل في لغة العرب، يعني ماكثين فيها مُكثًا لا ينقطع، {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، إذا كان الإنسان مُتمنِّي مكانة، ومنزلة، وأهداف يتمنَّى الوصول إليها؛ لا أعظم من هذا، لا أعظم من الجنة قط بتكفير السيئات وإدخال الجنة؛ وأن يكون الإنسان خالدًا فيها؛ لأنها دار الحبور، والسرور، والقصور، دار البقاء والخلود الذي لا ينتهي، والتي أبعد الله -تبارك وتعالى- عنها كل آفة ولو كان شيء صغير؛ ولو كان مما يصغُر جدًا، لا آفة في الجنة، ما في أي آفة فيها؛ أهل الجنة لا يبولون، ولا يتخوَّطون، ولا يتفلون، ولا يمتخِطون، رشحهم المسك، ولا يموتون، ولا يمرضون، لا يفنى شبابهم، لا تبلى ثيابهم، لا تنفُد مسرَّاتهم ولذَّاتهم، خالدين فيها خلودًا لا ينقطع، فهذا هو الفوز العظيم إن كان هناك فوز من المطلوب الأكبر الذي يُريده الإنسان، {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

ثم قال -جل وعلا- {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ........}[التغابن:10]، هذا هو القسيم الأخر والقسم الأخر، {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ........}[التغابن:2]، فأهل الإيمان هذه منزلتهم وهذه نهايتهم، وأهل الكفر هذه نهايتهم ولا ثالث؛ ما في قِسمة ثالثة، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}، كفروا؛ علموا الحق وردوه، وكتموه، وأخفوه، وهذا هو الكفر، الكفر؛ معرفة الحق ولكن إخفاؤه وتغطيته، كفر الشيء؛ بمعنى غطَّاه، ومنه سُمّيَ الزرَّاع كفار لأنهم يكفرون الحَب، يحفرون الأرض ويضعون البذر ويكفرونه؛ يُغطّونه، {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}، الكفار؛ الزُرَّاع، فالكافر علِمَ الحق ثم كَفَرَه وردَّه، فهولاء هم الذين كفروا وكذَّبوا بآياتنا، والتكذيب؛ أن يُقال للصدق هذا كذب، فآيات الله -تبارك وتعالى-؛ آياته المقروءة المُنزَلة من عنده، وآياته -سبحانه وتعالى- المنظروة، كذَّبوا بآيات الله -تبارك وتعالى-؛ ردُّوها، فأما آياته المنظروة فلم ينظروا إليها، {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}[يوسف:105]، وآياته المقروءة ردَّوها وكذَّبوها، ونسبوا للنبي -صل الله عليه وسلم- السحر، والكهانة، وأنه افترى هذا، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ........}[التغابن:10]، أصحابها؛ الصُحبة هي المُلازمَة الطويلة، وملازمة أهل النار للنار مُلازمة لا تنقطع، فهم أصحابها يعني مُلازِموها والباقون فيها -عياذًا بالله-، {خَالِدِينَ فِيهَا}، باقين فيها بقاءً لا ينقطع؛ خلود فيها، الخلود هو المُكث الطويل، وقد أخبر -سبحانه وتعالى- أن خلودهم في النار لا ينقطع؛ وأن هذا الأمر ليست له نهاية، وأنهم باقون فيها أبدًا، {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}، قول مالك خازن النار لأهلها عندما يقولوا {........ يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}[الزخرف:77]، باقون، {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف:78]، قال -جل وعلا- {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، بئس؛ هذا فعل إنشاء الذم، يعني لا مصير أبئس ولا أسوأ من هذاالمصير، أن يكون مصير الإنسان ومآله ونهايته إلى نار يبقى فيها بقاءً سرمديًا أبديًا؛ ما ينقطع، بقاء أبدي سرمدي؛ مُتصِل أبدًا ما ينقطع، فلا أبئس ولا أسوأ من هذا المصير -عياذًا بالله-، {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا}[طه:74]، فلا يموت في هذه النار موتًا يستريح به من النار ومن العذاب ولا يحيى حياة تنفعه؛ وإنما يبقى مُعذَّب -عياذًا بالله- فيها أبدًا.

ثم قال -جل وعلا-  {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، أمر عظيم يُبيِّنه الله -تبارك وتعالى- لعباده بأن كل ما يقع في الأرض من مصيبة تُصيب العبد إلا وهي بإذن الله؛ يعني بمشيئته وسماحه -سبحانه وتعالى-، هو الذي شاء هذا وهو الذي أراده -سبحانه وتعالى- إرادة كونية قدرية، فلا يمكن أن تقع مصيبة بغير إذنه، وبغير أمره، وبغير مشيئته، تعالى الله -تبارك وتعالى- أن يقع في مُلكِه ما لا يُريد، {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}، بمشيئته -سبحانه وتعالى- وأمره الكوني القدري، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، مَن يؤمن بالله -سبحانه وتعالى- وتقع عليه مصيبة من هذه المصائب التي قضاها الله -تبارك وتعالى- وقدَّرها؛ فإنه يهدي قلبه لليقين، والإيمان، والتثبيت، والصبر، وهذا هو الحال المطلوب من المؤمن عند وقوع المصيبة، وقد أخبر -سبحانه وتعالى- أنه يُصيب عباده بما شاء -سبحانه وتعالى-؛ وأن المؤمن لابد أن يبتلى بأنواع من المصائب، كما قال -تبارك وتعالى- لأهل الإيمان {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة:155] {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة:156] {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة:157]، فهذا هو المطلوب من المؤمن حال المصيبة، والله قال {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ}، بالتأكيد، {بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ}، الخوف من العدو الذي قد يُسلَّط عليهم، {........ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة:155]، بُشرى من الله -تبارك وتعالى-، والصبر؛ حبس النفس على المكروه، وعدم التململ، وعدم السُخْط على الله -تبارك وتعالى-، الصبر بكف اللسان أن يسخط على قضاء الله -تبارك وتعالى-؛ وكف القلب أن يتذمَّر من المصيبة، وإنما يصبر عليها ويحبس نفسه على هذا راجيًا ثواب ذلك عند الله.

هنا يقول الله -تبارك وتعالى- {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، لليقين، أولًا يُصبِّره، يحصل له اليقين، يحصل له الرضا بأمره -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، بُشرى من الله -تبارك وتعالى- بأنه عليم بكل أحوال عباده -سبحانه وتعالى-، وهذه المصائب بالنسبة للعبد المؤمن خير، لا يقضي الله -تبارك وتعالى- قضاءً للعبد المؤمن إلا وهو خير له، فإن قضى له بخير فهي نعمة مُعجَّلة، كما قال النبي «عجبًا لأمر المؤمن؛ إن امره كله له خير، إن أصابته سرَّاء فشكر كان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء فصبر كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن»، وقال -صل الله عليه وسلم- «ما من عبد مؤمن يُصاب بمصيبة؛ شوكة فما فوقها»، فما فوق الشوكة من المصائب، «إلا كفَّرَ الله –تبارك وتعالى- بها عن خطاياه»، وقال -صل الله عليه وسلم- «مَن يُرِد الله به خيرًا يُصِب منه»، الذي يُريد الله به الخير يُصِب منه، «أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى المرء على قدْر دينه»، وإذا نظرنا في سيرة الأنبياء والمُرسَلين نجد أن حياتهم سلسلة من الابتلاءات، سلسلة متواصلة فهي أبدًا؛ ابتلاء وراء ابتلاء، وراء ابتلاء، وراء ابتلاء ...، فهم أشد الناس بلاءًا، وكذلك الأمثل فالأمثل من الناس يبتليهم الله كما قال النبي «أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى المرء على قدْر دينه؛ فإن كان في دينه شدة زيد له في البلاء»، يعني إن كان في دينه شدة؛ رجل متين الدين، فإن البلاء يكون له أعظم وهذا خير له؛ لأن بهذا البلاء وبهذه المصائب أولًا حطٌ للسيئات، ثم رفع للدرجات، ثم أجر عظيم منه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، يعني بغير عد، فإن الله -تبارك وتعالى- جعل لكل عمل صالح أجر محسوب، لكن الصبر لا أجر محسوب له وإنما أجرٌ بغير عد، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، عطاء جزيل من الله -تبارك وتعالى- بلا عد جزاء صبرهم؛ فهذا أمر عظيم، {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، فيكون عند المصيبة مستقر القلب، وصاحب يقين، وصاحب صدر، وصاحب رضا؛ فهذا أمر عظيم جدًا، {يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، فإذا كان هناك ولو صبَرَ المؤمن على أي نوع من الأذى فالله عليم به -سبحانه وتعالى-؛ وسيُنيله ويُثيبه أجر ذلك، إذن ما الذي يخسره المؤمن؟ المؤمن لا يخسر شيء، {........ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التغابن:9]، فهذا الذي له في الآخرة، وإذا وقع عليه أي مصيبة هنا فكذلك له ثوابها؛ ما يضيع عليه شيء، ما يضيع عليه حتى شوكة شاكته وآذته هذه الشوكة وصبر على هذا؛ له بها أجر عند الله -تبارك وتعالى-، فالمؤمن لا شك أنه حقًا ولي لله -تبارك وتعالى-؛ وفي رضوان الله -تبارك وتعالى-، وفي عنايته وكلائته في هذه الدنيا لإيمانه، انظر كيف يكلأه الله –تبارك وتعالى- ويرعاه؛ فيجعل كل أعماله له خير، يُصيبه بمصيبة قليلة فيُعطيه الثواب الجزيل، ثم ادخر له ما ادخر -سبحانه وتعالى- مما عنده؛ شيء عظيم جدًا.

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[التغابن:12]، في نهاية هذا بعد أن بيَّن الله -تبارك وتعالى- هذا الجزاء للمؤمن والكافر قال -جل وعلا- {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، هذا أمره -سبحانه وتعالى-؛ أمره ليُطاع، يأمر الله -تبارك وتعالى- عباده بأن يُطيعوه وحده لا شريك له؛ وهذا حق عليهم، وهذا حقٌ لله -تبارك وتعالى- على العباد أن يُطيعوا الله –تبارك وتعالى- لأنه هو ربهم وخالقهم -سبحانه وتعالى-؛ وهو المُتصرِّف في شئونهم، وهو المتوكِّل بأمرهم -جل وعلا-، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، هذا رسول الله لأن الله -تبارك وتعالى- أقامه ليدل عليه؛ وليُرشِدَ العباد إلى طريقه، وليأمر بأمره، وينهى عن نهيه، وهذا اختيار الله -تبارك وتعالى-، والرسول وحده هو الذي اختاره الله -تبارك وتعالى- لهذه المهمة، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ}، هذه طاعة مُطلقَة، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، طاعة مُطلقَة لأنه لا يأمر من عند نفسه وإنما يأمر بأمر الله –تبارك وتعالى-، {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}، أي عن طاعة الله وطاعة رسوله، {فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}، يعني الذي كلَّفَ الله -تبارك وتعالى- به رسوله هو أن يُبلِّغكم البلاغ المبين؛ الواضح البيِّن، الذي لا لبس فيه، وأما أن يأخذكم بالجبر، أو بالقوة، أو بالسلطان؛ ويُجبِركم على هذه... لا، فإن الرسول -صل الله عليه وسلم- الذي كلَّفه الله -تبارك وتعالى- به هو أن يُبلِّغ فقط، فإذا بلَّغ انتهت مهمته ويبقى الإنسان أمام مسئولياته، يبقى كل مَن وصله البلاغ أمام مسئولياته، {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[النور:54]، وقال -سبحانه وتعالى- هنا {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[التغابن:12]، وفي الآية الأخرى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}[المائدة:92]، فقط ليُبلِّغكم ومَن نكَلَ منكم ومن أعرض عن الفعل فعقوبته إلى الله -تبارك وتعالى-.

{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[التغابن:13]، الذي يأمركم بهذا {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، يعني هذه الأوامر من الله، والذي رتَّب الجزاء على هذا مَن هو؟ يُعرِّف الله -تبارك وتعالى- العباد فنفسه فيقول لهم {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، الله؛ الإله الحق -سبحانه وتعالى-، الله؛ اسم الله الأعظم عَلَم على ذات الرب، اسم الله الأعظم وكل أسماء الله -تبارك وتعالى- هي راجعة بعد ذلك إلى هذا الاسم؛ مشتقة من الأٌلوهية ومن الإلهة؛ والإلهة هي العبادة، فهو المألوه -سبحانه وتعالى-؛ المعبود الذي لا إله إلا هو، وكل مَن ادُّعيَت له الأُلوهية غيره فباطل وكذب؛ لا إله إلا هو، فمَن ادَّعى لنفسه أنه إله من دونه فهذا مجرم قد افترى على الله -تبارك وتعالى- وكذب عليه، كما قال فرعون {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وكما ادَّعى أي طاغوت من الطواغيت الذي يدعوا الناس إلى عبادة نفسه، لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى- وكل ما ادُّعيَت له الإلهية غيره فباطل، ادُّعيَت الإلهية للشمس؛ قيل الشمس الإلهة التي تُعبَد، وهذا باطل وذلك لأنها ليست إلهة وإنما هذه مخلوقة؛ خلَقَها الله -تبارك وتعالى- وفيها هذا النفع العظيم للعباد، ليعبد الناس خالقها ومُسخِّرها -سبحانه وتعالى-، عُبِدَ القمر؛ والقمر ليس إلهًا من دون الله -تبارك وتعالى-، وإنما هو مخلوق مربوب؛ خلَقَه الله -تبارك وتعالى- ووضع فيه ما وضع من النفع العظيم للعباد، قال -تبارك وتعالى- {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37]، وكذلك سائر ما في الكون مما عُبِدَ من دون الله؛ عُبِدَت الأشجار، والأحجار، والنجوم، وعُبِدَت حيوانات، وعُبِدَت الأنهار، كل هذا باطل.

ثم عُبِدَ ما هو دون ذلك من الخيالات التي لا حقيقة لها؛ آلهة تُختَرَع، يخترعها مَن يخترها في الذهن ثم يُصوِّر لها صور؛ أن هناك إله موجود على هذه الصورة، فإنه يخترع هذا من اختراعه ويضع له بعد ذلك صنم أو تمثال أو غير ذلك؛ هذا كذلك كذب وافتراء، أو من البشر الذين يكون لهم منزلة عند الله -تبارك وتعالى-؛ كالأنبياء، والمُرسَلين، والصالحين، فإن أول ما وقع الشرك وعُبِدَ غير الله -تبارك وتعالى- عُبِدَ في الصالحين من قوم نوح، فإنهم لمَّا مات منهم خمسة من الصالحين؛ ود، ويسوع، ويعوق، ويغوث، ونسر، جاء الشيطان فأوهمهم وقال لهم صوِّروا لهم تصاوير حتى إذا رأيتموها اشتقتم إلى عبادة الله، شوف هذا الرجل الصالح الذي كان كذا وكان كذا فإذا رأيتم الصورة يكون هذا مُذكِّر لكم بعبادة الله، لكن بعد أن صوَّروا هذه التصاوير بعد ذلك عُبِدَت من دون الله، فكانوا يستسقون بها؛ يطلبون بها السُقية، يدعونها من دون الله -تبارك وتعالى- فعبدوها، وجاء نوح يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة هذه الأصنام؛ التي هي تماثيل لرجال صالحين كانوا بين آدم ونوح، كما في حديث ابن عباس كان ود، ويسوع، ويغوث، ويعوق، ونسر؛ رجالًا صالحين بين آدم ونوح، وأنهم صوَّروا لهم صور، ثم لمَّا تقادم العهد عُبِدَت هذه الصور من دون الله -تبارك وتعالى-، فعبادة الصالحين كفر بالله -تبارك وتعالى-، وفي حديث الصحيحين «أن أم حبيبة وأم سَلَمَة -رضي الله تعالى عنهما- وكانتا من الذين هاجروا إلى الحبشة، أخبرتا النبي –صلوات الله والسلام عليه- عن كنيسة رأتاها بأرض الحبشة»، قالوا الكنيسة فيها صور، «فقال لهم النبي -صل الله عليه وسلم- أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره هذه الكنائس ووضعوا هذه الصور؛ أولئك شِرار الخلْق عند الله يوم القيامة»، ها دول أشر الخلْق عند الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة بشركهم؛ بعبادتهم غير الله -تبارك وتعالى-، وعبادتهم هذه الصور وإن كانت لرجال صالحين.

كذلك العرب المشركين الذين اتخذوا الملائكة في زعمهم أنهم بنات الله واتخذوهم آلهة؛ يعبدونهم من دون الله -تبارك وتعالى-، ويتوسلون لهم ليشفعوا لهم في زعمهم عند الله -تبارك وتعالى-، كل هذا باطل؛ كذب، كل مَن ادَّعى أن هناك إله مع الله -تبارك وتعالى- فهو مفتري كذَّاب، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء:26] {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27] {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28] {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:29]، وهذا عيسى أكثر بشر كان له مَن يعبده؛ ويدَّعي فيه الأُلوهية والربوبية، وأن ذاته ذات الرب -تبارك وتعالى- وصفاته صفاته؛ هذا من أكبر الكذب، {........ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:5]، قال -تبارك وتعالى- {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}[المائدة:72]، فهذا كذب وافتراء على الله -تبارك وتعالى-، {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المائدة:75]، قال -جل وعلا- {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:79]، يستحيل أن يأتي بشر والله يُعلِّمه الكتاب، والحُكم، والنبوَّة، ويكون نبي، ثم يقول للناس اعبدوني من دون الله، {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[التغابن:13].

سنعود إلى هذه الآية -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.