الثلاثاء 07 ذو القعدة 1445 . 14 مايو 2024

الحلقة (729) - سورة الملك 8-12

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ}[الملك:5] {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الملك:6] {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}[الملك:7] {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك:8] {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ}[الملك:9] {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10] {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:11] {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك:12] {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الملك:13] {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14]، في سورة تبارك التي بدأها الله -تبارك وتعالى- بحمْد نفسه -سبحانه وتعالى-، فهو الرب الإله العظيم الذي عظُمَ خيره، وبركاته، وإفضاله، وإنعامه، كل ما سوى الله إنما هو خلْقُه وإبداعه -سبحانه وتعالى-، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الملك:1] {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}[الملك:2] {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}[الملك:3]، هل هناك شقوق في هذه السماء التي فوقنا؟ {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك:4]، لا يصِل إلى البُعْد النهائي لهذه السماوات.

ثم قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}، وهي هذه النجوم، والشموس، والأقمار، جعلها جمال لها، {........ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ}[الملك:5]، للشياطين، {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}، معهم؛ مع الشياطين، {........ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الملك:6]، ثم وصَفَ الله -تبارك وتعالى- النار بأوصاف عظيمة جدًا؛ يُبشِّع بها النار ويُبيِّنها، حتى ينفِرَ العباد منها ويعودوا إلى ربهم -سبحانه وتعالى- ويعملوا أنهم لم يُخلَقوا هنا عبثًا؛ وإنما خُلِقوا لإحسان العمل، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، ولا يكون العمل حسَن إلا بالسير في طريق الله -تبارك وتعالى-؛ فهو الذي يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء، والمُنكَر، والبغي، فإحسان العمل هو طريق الرب -سبحانه وتعالى-؛ صراطه المستقيم، فالله يصِف ويقول عن هذه النار {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا}، الكفار، {........ سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ}[الملك:7] {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}، عليهم؛ على الكفار، مُشتاقة إليهم، تُريد أن تفعل بهم وتفعل، فإن لها إدراكها، فكل جماد له إدراكه، فهي تعلم أن هؤلاء كفار وهي على هذا النحو مُسخَّرة بأمر الله -تبارك وتعالى-، {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ........}[الملك:8]، يعني جماعة مجتمعة يُلقَون فيها، كما قال -تبارك وتعالى- {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}، زُمَرًا؛ جماعات جماعات، يأتيها فوج فوج، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ}، ألقاهم الملائكة دزًّا ودفعًا أو سحبًا على وجوههم إلى النار.

{سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا}، تبكيتًا وتقريعًا لهم، خَزَنَة النار؛ ملائكتها، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}، فيُبيكِّتونهم ويُقرِّعونهم، سؤال يُراد به التبكيت، والتقريع، والإهانة، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}، نذير يعني يُخوِّفكم من هذه النار؛ يذكر لكم هذه النار ويُخوِّفكم منها، وكل رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- إنما جعله الله مُنذِرًا؛ مُحذِّرًا هذا العذاب، وأول خُطبة خَطَبَها النبي -صل الله عليه وسلم- في قريش قال لهم «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، قال لهم «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا وراء هذا الوادي تُريد أن تُغير عليكم؛ أكنتم مُصدِّقي؟»، وهذا يعني يكون مُنذِر، يعني إذا أنذرهم بخطر قريب سهل من أخطار الدنيا؛ عدو يُريد أن يأتيكم، «أكنتم مُصدِّقي؟ قالوا ما جرَّبنا عليك كذبًا، قال فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديد»، أنا نذير لكم بشيء أكبر من هذا؛ عذاب شديد ينتظر المُكذِّبين، فقال بعضهم ما قال، «قالوا تبًا لك سائر اليوم؛ ألِهذا جمعتنا؟»، فكل رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- حذَّرَ قومه من هذا، لكن يقول النبي «عَجِبتُ للنار؛ كيف نام هاربها؟»، هذا مَن يؤمن بها، وهؤلاء الكفار لم يؤمنوا بهذا ولم يستمعوا له، فيقول الرب -تبارك وتعالى- أن ملائكته خَزَنَة النار يقولون لأهلها {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}.

{قَالُوا بَلَى}، وبلى تأتي في السؤال المُتضمِّن للنفي فتنفي؛ ونفي النفي إثبات، {قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ}، فيُقِرون على أنفسهم أنه قد جائهم نذير؛ رُسُل الله -تبارك وتعالى- وأنبيائه، {فَكَذَّبْنَا}، والتكذيب؛ رد الحق، يعني أنهم علموا أن ما تقوله الرُسُل حق لكنهم كذَّبوهم فيه، {فَكَذَّبْنَا}، الحق عرفناه ولكن رددناه، {وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ}، افتروا هم وقالوا ما نزَّلَ الله من شيء، فجعلوا الذي نزَلَ على رُسُل الله -تبارك وتعالى- أن هذا لم ينزل، فكذَّبوا الرُسُل وردوا المُنزَل من الله -تبارك وتعالى- عليهم، {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ}، يعني مقالتهم لرُسُلهم أنهم قالوا لهم إن أنتم؛ يعني أيها الرُسُل إلا في ضلال كبير، كما قال قوم نوح له {........ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}[الأعراف:66] {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:67] {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}[الأعراف:68]، ومقالة هود -عليه السلام-، فكلهم نسبوا رُسُلَهم إلى الضلالة، وإلى السفاهة، وإلى الكذب، فقد قالوا هنا كذَّبنا؛ قُلنا للرُسُل أنتم كذَّابين، ما أرسلكم الله -تبارك وتعالى- وما أعطاكم هذا الذي تزعمون أنه وحي لكم؛ لم يكن، عِلمًا أنهم يعلمون أن هذا هو الحق، {وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ}، يعني أيها الرُسُل، {إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ}، مقالة الكفار لرُسُل الله، فإذن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بالفعل قد عرفوا الحق وردوه واتهموا أهله؛ أهل الحق، بالكذب، والزور، وردوا مقالة الله -تبارك وتعالى- مع عِلمهم أنها من الله -تبارك وتعالى-.

{وَقَالُوا}، أي هؤلاء أهل النار بعد ذلك وهم في النار، {........ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10]، وقالوا مُتحسِّفين ومتأسِّفين على ما سبق منهم في الدنيا ولكن في وقت لا تنفع الحسافة ولا الندم مرة ثانية، {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ}، يعني لو كان عندنا سمْع؛ سمِعنا سمْع فهم، أو نعقِل؛ عندنا عقل، {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، فلو سمِعنا كلام الرُسُل؛ ولم نردَّه، ولم نُسفِّه، وعقلنا أن هؤلاء الرُسُل صادقون وأنهم جائوا بكلام عظيم من الله -تبارك وتعالى- وأن وراء التكذيب بهم أمر كبير جدًا؛ وراء التكذيب بهم نار هم وصفوها بهذه المواصفات، ووراء الإيمان بهم دخول جنة الله -تبارك وتعالى-، ما كان عندنا عقول نُميِّز هذا ونُقدِّر هذا الكلام، {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10]، ما كُنَّا؛ ما صِرنا إلى ما صِرنا إليه وأن نكون في أصحاب السعير، أصحابه يعني المُلازِمون له أو كأنهم مالِكوه، السعير، النار المُستعِرة المشتعلة، يعني ما كُنَّا مُلازِمين لهذه النار وباقين فيها لو كان عندنا في الدنيا سمْعٌ أو عقل.

قال -جل وعلا- {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}، هذا اعتراف منهم بذنوبهم، والاعتراف هو أعظم الأدلة، سيد الأدلة أن يعترف المجرم بجريمته، فهؤلاء اعترفوا بجريمتهم، لكن اعترافهم بهذا الإجرام لا ينفعهم؛ وقت الآن ما عاد ينفع، لو أنهم اعترفوا بهذا في الدنيا؛ أنهم كانوا مُكذِّبين، وطلبوا من الله الإقالة، واستغفروه -سبحانه وتعالى- لغفر لهم بمجرد رجوعهم إليه في الدنيا، لكن اعترافهم بهذا الذنب وهم في النار لا يُفيدهم، قال -جل وعلا- {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}، اعترفوا بذنبهم أولًا قد جائهم نذير، وأنهم كذَّبوا هؤلاء الرُسُل، وأنهم قالوا ما نزَّلَ الله من شيء، وأنهم قالوا للرُسُل إن أنتم يعني يا أيها الرُسُل إلا في ضلالٍ كبير، فاعترفوا بكل هذا؛ كل هذا قالوه، وكذلك اعترفوا {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:10]، فاعترفوا بأنهم كذلك لم يسمعوا كلام الرُسُل ولم يعقِلوه، ومعنى أنهم لم يعقِلوه لم يُقدِّروه وإلا فقد فهموه وكانت لهم عقول تعيه، لكنهم لم يُقدِّروا هذا الأمر؛ ولم يأخذوا له عُدَّة، يعني أُلغيَت عقولهم؛ كيف نُكذِّب الرُسُل وهم صادقون؟ يعلمون أنهم صادقين ووراء التكذيب ما ورائه من هذا العذاب، والنكال، والدمار، قال -جل وعلا- {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}، ثم قال -جل وعلا- {........ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:11]، سُحقًا؛ بُعدًا، الأمر السحيق اللي هو البعيد، ومنه قول العرب ((بئرٌ سحوق)) اللي هي البئر التي بَعُدَ مائها جدًا في العُمق، فسُحقًا يعني فبُعدًا لهم، يعني بُعدًا لهم عن رحمة الله -تبارك وتعالى-، وعن أن يُسمَع صراخهم؛ يُسمَع عويلهم، تُستجاب دعوتهم مها استعطفوا وطلبوا الصفح ما يُقبَل، {........ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك:11]، أصبحوا أصحابه، أصبحوا كأنهم مُلَّاكه، والملازِمون له، والمُصاحِبون له، أصحاب النار فسُحقًا لهم يعني بُعدًا لهم وهلاكًا لهم عن أن تنالهم رحمة من الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك.

ثم قال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك:12]، هذا القِسم الأخر من عباد الله -تبارك وتعالى-؛ هؤلاء عباد الله المتقين، قال -جل وعلا- إن؛ بالتأكيد، {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}، الخشية؛ خوف وتعظيم، يعني يخافونه ويُعظِّمونه -سبحانه وتعالى- ويعلمون أن ما حذَّر عباده منه حق وواقع، فيخافون الله -تبارك وتعالى- تعظيمًا له ويخافون منه، ربهم؛ إلههم، وخالقهم، ومولاهم، وآمرهم -سبحانه وتعالى-، وملِكَهم، بالغيب؛ الله بالغيب لأن الله مُحتجِبٌ -سبحانه وتعالى- أن تُدرِكَه الأبصار وأن يراه الخلْق، فالله غيب بالنسبة للؤمنين؛ لا يرونه لكنهم يؤمنون به -سبحانه وتعالى-، يؤمنون به؛ بإخباره -سبحانه وتعالى- عن نفسه، ووحيه من لرُسُله، وأن هؤلاء الرُسُل جائوا من الله -تبارك وتعالى- يخبرون عن الرب -تبارك وتعالى- الخبر الصادق اليقين، وكذلك يؤمنون به بدلائل عظمته وقُدرته -سبحانه وتعالى-؛ وهي خلْقُهم، فإن هذا الخلْق كله دال على الله -تبارك وتعالى-، كل ذرَّة في هذا الوجود تدل على الله -تبارك وتعالى-؛ هي دالة على الله، أولًا شاهدة بأن ربها الله -تبارك وتعالى-؛ أن الله خالقها، لأن لا يمكن لذرَّة أن تخلُقَ نفسها وأن توجِدَ نفسها، فمن الذرَّة الصغيرة إلى المجرة الكبيرة إلى كل مخلوق؛ نملة، ذبابة، فيل، كل مخلوق؛ شجرة، ثمرة، كل مخلوق في هذا الوجود إنما هو شاهد على عظمة الرب وجلاله -سبحانه وتعالى-؛ وأنه موجِد هذا الخلْق، ومُسيِّره، ومُدبِّره -سبحانه وتعالى-، فهؤلاء الذين آمنوا بربهم؛ آمنوا بربهم بما شاهدوه من آياته المنظورة، وكذلك ما شهِدوه من آياته المتلوة -سبحانه وتعالى-، فالله -سبحانه وتعالى- بذاته غيب ولكنه -سبحانه وتعالى- أقام كل هذه الشواهد عليه -سبحانه وتعالى-؛ تشهد له، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران:18]، فشهادته لنفسه -سبحانه وتعالى- بوحيه؛ وكذلك إخباره عن شهادة ملائكته، وكذلك إخباره بأن كل هذه المخلوقات شاهدة له، قال -جل وعلا- {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة:163] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة:164]، فهذه آيات دالة على الله -تبارك وتعالى-.

فالله -تبارك وتعالى- هو أعظم معلوم وأعظم الوجود كله -سبحانه وتعالى-، وظهور الله -تبارك وتعالى- أكبر من ظهور كل أمر ظاهر، فكل هذه المخلوقات شاهدة لربها -سبحانه وتعالى-؛ شاهدة بوحدانيته، ثم جائت شهادة الرُسُل، ثم شهادة الله -تبارك وتعالى- لنفسه بما أنزله على ألسنة الرُسُل، فهذا القرآن أعظم دلالة على الله -تبارك وتعالى- وحديث عن الرب كله -جل وعلا-؛ عن أسمائه، وصفاته، وأفعاله، وإكرامه، وأمره، ونهيه -سبحانه وتعالى-، فالله غيب لكن كل هذه المخلوقات دالة عليه -سبحانه وتعالى-، فهؤلاء الذين يخشون ربهم بالغيب قال -جل وعلا- {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}، أما الذين يخشون ربهم بعد أن شاهدوا عذابه فإن ههؤلاء أصبح الأمر بالنسبة إليهم مُعاينة؛ بعد أن شاهدوا العذاب، {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ........}[الملك:12]، لذنوبهم، بُشرى من الله -تبارك وتعالى- أن ما ارتكبوه من الذنوب فإن الله -تبارك وتعالى- يغفره؛ يستره -سبحانه وتعالى-، فإن كان قبل الإسلام وأسلموا يغفره الله -تبارك وتعالى-، وإن كان بعد الإسلام مما ارتكبوه فإنهم بتوبتهم ورجوعهم إلى الله -تبارك وتعالى- يغفره الله -تبارك وتعالى-، وإن ماتوا موحِّدين وكانت لهم ذنوب فإن شاء الله -تبارك وتعالى- أن يغفرها لهم غفرها، وإن شاء أن يُعذِّبهم عذابًا دون عذاب الكفار ثم يُخرِجهم من النار كان هذا له -سبحانه وتعالى-، لكن أهل خشية الله هم أهل تقوى؛ يخافون الله -تبارك وتعالى-، ولذلك يتقون محارمه -سبحانه وتعالى-، فهولاء لهم مغفرة لذنوبهم وأجرٌ كبير؛ الجنة، أجر؛ ثمن لكل عمل عملوه ولو مثقال ذرَّة.

قد أخبر -سبحانه وتعالى- أن سيأجر عباده المؤمنين بكل فعل خير فعلوه ولو كانت نيَّة وقصد فقط، يعني لو كان أنه مجرد نوى نيَّة من الخير وإن لم يعملها فإن الله يكتبها له حسنة كاملة، كما في الحديث «إن الله -تبارك وتعالى- كتَبَ الحسنات والسيئات، ثم قال الله لملائكته فمَن همَّ بحسنة ولم يعملها فاكتبوها له حسنة كاملة، فإذا عملها فاكتبوها له عشر حسنات؛ إلى سبعمائة ضِعف، إلى أضعاف كثيرة، ومَن همَّ بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة كاملة»، إذا همَّ بالسيئة لكن رجع عنها فهذا له حسنة بالرجوع، وإن كان رجوع عن الشر وهو عمل كما يُقال عمل سلبي؛ لكن بمجرد رجوعه عن الشر يصبح عمل إيجابي، وخير، وتُكتَب له حسنة كاملة، قال الله «إنما تركها من جرَّاي»، فإن تركها مخافة الله -تبارك وتعالى- فتُكتَب له حسنة كاملة، «فإن عملها فاكتبوها له سيئة واحدة»، فإذا نوى السيئة وعملها تُكتَب عليه واحدة ولا تُضاعَف السيئات؛ فهذا أمر الله -تبارك وتعالى-، ويأجر الله -تبارك وتعالى- عبده المؤمن على كل فعل فعله ولو كان مثقال ذرَّة من الخير، {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:40]، فهذا من كتابة الحسنة أما الأجر عليها فهذا أمر لا مُناسبة بين العمل وبين الأجر، لا يوجد مناسبة إلا أن هذا فضل من الله وإحسان، وإلا فما عمل العامل؟ عمل العامل أنه يعمل كم ساعة في اليوم؟ يعمل أربع ساعات أو خمس ساعات، كل أعمال الدين ممكن أن يؤديها الإنسان في ساعة في اليوم والليلة؛ كالصلوات الخمس، وما أمَرَ الله -تبارك وتعالى- به أن يؤدّى بعد ذلك، لكن أن الإنسان يقوم مثلًا يُسبِّح تسبيحة؛ سبحان الله، كلمة سهلة على اللسان فيُعطيه الله -تبارك وتعالى- في الجنة ما يُعطيه؛ نخلة في الجنة، يقول النبي «موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها»، أفضل من كل الدنيا، فلو أن إنسا قيل له اشتغل ساعة؛ ساعة واحدة اعملها في عمل، وسنُعطيك مُلك ملِك من ملوك الدنيا؛ كل ما يملكه من أرض، ومال، ومتاع، وذهب، وفضة، لكان يقول ما هذه الساعة التي في مقابلها هذا؟ أجر الله أعظم من هذا المثَل؛ من أن إنسان يعمل ساعة وهكذا، إنسان يعمل دقيقة وأقل من دقيقة فيأخذ أكثر من هذا الأجر؛ أكثر من أن يُعطى الدنيا كلها وما فيها، فهذا أمر عظيم والجنة هذه ثواب كبير.

قال -جل وعلا- {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}، من الله، كبير بكل معاني الكِبَر والعِظَم، فإن جنة الله -تبارك وتعالى- يُعطى الإنسان فيها، كلما عمل عملًا يأخذ نصيب أوسع من الجنة؛ قصور أوسع، مكان أفسح، متاع أكبر، وأهل الجنة يتفاوتون في الدرجات، فأهل الجنة يرون مَن فوقهم كما نرى نحن النجم الغابر في الأفُق من بُعْد ما بين الدرجتين، تفاضل عظيم جدًا بين هذا وهذا؛ والتفاضل إنما هو بالعمل، فمعنى ذلك أن كل عامل يأخذ من الأجر والثواب بمقدار عمله أمر متفاوت؛ عظم التفاوت جدًا، ثم يبقى فيه بقاءً سرمديًا لا ينقطع ولا ينتهي؛ هذا أجر عظيم جدًا، هذا أجرٌ كبير، {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك:12]، الجنة أعظم أجر وليست هي مكافئة ولا مساوية للعمل قط، بل هذه الأعمال التي يعملها الإنسان لا تُكافئ ما أنعَم الله -تبارك وتعالى- عليه من نِعَم في الدنيا؛ فنِعَم الدنيا أعظم من العمل الذي يقوم به العبد في هذه الدنيا، فصلاته، وصيامه، وزكاته، وحجُّه؛ لا تُكافئ النِعَم التي أنعم الله -تبارك وتعالى- بها، لا تُكافئ نعمة واحدة وهي نعمة البصر؛ فكيف بالسمْع؟ كيف بالقوة؟ كيف بالرزق؟ كيف بهذا الإنعام العظيم جدًا الذي أنعم الله -تبارك وتعالى- به على العبد في الدنيا؟ لكن الله -تبارك وتعالى- هو المُتفضِّل الكريم -سبحانه وتعالى-، وقد أخبر -سبحانه وتعالى- بأن هؤلاء كتَبَ الله -عز وجل- لأهل الإيمان الأجر عليه؛ والأجر اللي هو عِظَمه من عِظَم الرب، لأن الرب عظيم -سبحانه وتعالى-، وغني، وواسع، وعليم، فإنه يُعطي هذا العطاء الكبير الذي هو يتناسب مع عظمة الله -تبارك وتعالى-، ومع إفضاله، وإنعامه، وإحسانه، وهذا إفضاله لأهل طاعته، لذلك المحروم هو من حُرِمَ فضل الرب -سبحانه وتعالى-، هذا الكافر حُرِمَ فضل الرب العظيم -سبحانه وتعالى-؛ فهذا هو المحروم بالفعل، {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك:12].

ثم قال -جل وعلا- {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ........}[الملك:13]، سواء عند الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، يعني اعلموا أن ربكم أيها الناس وإلهكم -سبحانه وتعالى- وخالقكم رب يعلم كل أسراركم، فلو قُلتم قولكم مُعلنين به ولو أسررتموه سواء، ليس هذا المُعلَن هو أيسر على الله -تبارك وتعالى- سماعه وهذا السر أخفى على الله... لا، بل ما كان سِرًّا وما كان جهرًا سواءٌ عند الله -تبارك وتعالى-، والله يعلم ما هو أكبر من السر وهو ذوات الصدور، {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ........}[الملك:13]، كما قال -تبارك وتعالى- {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ}، يعني سواءٌ عند الله -تبارك وتعالى-؛ فهذا يعلمه وهذا يعلمه -سبحانه وتعالى-، {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}[الرعد:10]، مَن هو مستخفٍ بالليل ممَن هو ظاهر في النهار، ومَن هو سارب بالنهار يعني داخل في السَرَب، مُختفٍ بالنهار كذلك وظاهر بالنهار كله عند الله -تبارك وتعالى- سواء، فكل هذا الوجود تحت سمْع الله -تبارك وتعالى- وبصره لا يغيب عنه -سبحانه وتعالى-؛ عن عِلمه، وسمعه، وبصره، ذرَّة من هذا الكون، {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ ........}[الملك:13]، الرب الإله -سبحانه وتعالى-، {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، قيل أن ذات الصدور يعني مكنوناته ومحفوظاته، والصدر فيه القلب؛ والقلب محِل القرار، ومحِل الفِكْر، ومحِل الهم، ومحِل العقل، فكل هذا الصدر، {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، والإنسان قد يكون له أسرار في قلبه لم يُظهِرها لأحد؛ ما أخرجها على لسانه، وما خاطَبَ بها أحدًا من خاصته، وإنما هو سِرّه المكتوم الدفين؛ الله عليم به -سبحانه وتعالى-، هذا السر الذي كتَمَه صاحبه عن كل أحد ولم يُفصِح به؛ لا كتَبَه كتابة، ولا قاله شِفاهًا، ولا أخبر به أحدًا، الله عليم به -سبحانه وتعالى-، بل تقلُّبات القلب يعني خواطر الإنسان المُتقلِّبة في قلبه؛ وهذا عمل دائم يعلمها الله -تبارك وتعالى-، {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ........}[آل عمران:29]، وقال {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ........}[البقرة:284]، إن تُبدوه؛ تُظهِروه، {........ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:284]، وأسِروا قولكم يعني أيها العباد، {........ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الملك:13].

ثم أتى الله -تبارك وتعالى- بسؤال للتقرير فقال {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14]، ألا؛ سؤال لتقرير الأمر، يعني ما العجب في أن الله -تبارك وتعالى- هو العليم بذات الصدور؟ وأن مَن أسر القول ومَن جهَرَ به بالله يعلمه؟ فيقول الله -تبارك وتعالى- {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ........}[الملك:14]، هو خالق هذا الإنسان، هو الذي خلَقَه؛ فخلَقَ قلبه، فخالق القلب لا شك أنه يعلم عمل هذا القلب؛ ما هو عمله؟ وماذا يرِد عليه؟ وماذا ينتهي منه؟ وماذا يدخل فيه؟ وماذا يخرج منه؟ كل هذا يعمله لأنه هو الذي أوجَدَ هذا الإنسان، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ........}[الملك:14]، يعني ألا يعلم الله مَن خلَق؟ والجواب لا شك بلى، لا شك أن حتى الإنسان لو خلَقَ شيء وصنع شيء يعرف ما في هذه الصنعة، فالله –تبارك وتعالى- هو صانع وهو خالق هذا الخلْق -سبحانه وتعالى-، هو خالق الإنسان ويعلم هذا الإنسان، قال {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:16]، فهو الذي خلَق الإنسان ويعلم -سبحانه وتعالى- ما توسوس به نفس هذا الإنسان، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14]، من لُطفِه -سبحانه وتعالى- أنه العليم بخلْقِه؛ الخبير بكل خلْقِه -سبحانه وتعالى-، فهو في كل الوجود أي سر يعلمه -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

أدركنا الوقت؛ -إن شاء الله- نعود إلى هذه الآية في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.