الثلاثاء 07 ذو القعدة 1445 . 14 مايو 2024

الحلقة (734) - سورة القلم 33-44

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[القلم:33] {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[القلم:34] {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:35] {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:36] {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم:37] {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ}[القلم:38] {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}[القلم:39] {سَلْهُم أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم:40] {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}[القلم:41] {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:42] {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:43] {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44] {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[القلم:45]، بعد أن ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة؛ سورة القلم، ما ابتلى الله -تبارك وتعالى- به أصحاب الجنة؛ يعني أصحاب البستان، جنة من جِنان الدنيا كانت لإخوة خالفوا سيرة أبيهم في هذه الجنة؛ في هذا البستان، الذي كان يؤدي زكاته وكان موفَّقًا فيه، فلمَّا أتى هؤلاء الأبناء عزموا على أن يمنعوا حق الفقراء والمساكين، وصوَّر الله -تبارك وتعالى- تآمرهم على هذا بأنهم تعاقدوا وقالوا على جنتهم ليصرمُنَّها مُصبِحين؛ ولم يقولوا إن شاء الله، يقول الله -تبارك وتعالى- {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ ........}[القلم:25]، حرد؛ منع الفقراء حقهم، {قَادِرِينَ}، وكان الله -تبارك وتعالى- قد حرقها في هذه الليلة التي صبيحتها سيقطعوا ثمارها.

قال -تبارك وتعالى- {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ}[القلم:19] {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}[القلم:20] {فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ}[القلم:21]، انظر غفلتهم وانظر صنيع الله -تبارك وتعالى- ونزول العقوبة عليهم وهم في هذه الغفلة، وهم الآن عازمون في الصباح أن يجمعوا ثمار جنتهم، {فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ}[القلم:21] {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ}[القلم:22] {فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ}[القلم:23] {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}[القلم:24] {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ}[القلم:25] {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ}[القلم:26] {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}[القلم:27] {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ}[القلم:28] {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}[القلم:29] {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ}[القلم:30] {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ}[القلم:31]، اعترفوا بذنبهم، {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ}[القلم:32]، عقَّبَ -سبحانه وتعالى- على هذا؛ على صنيعه -سبحانه وتعالى-، وعلى عقوبته لهؤلاء العقوبة العاجلة السريعة، قال {كَذَلِكَ الْعَذَابُ}، يأتي من الله -تبارك وتعالى- أحيانًا في إثر الذنب، فانظر هؤلاء لمَّا عقدوا العزم على منع حق الله –تبارك وتعالى-؛ وعلى منع حق المساكين والفقراء، انظر كيف عاقبهم الله -تبارك وتعالى-؟ لكن هؤلاء رجعوا إلى الله -تبارك وتعالى- وطلبوا ما عنده -جل وعلا-، الله يقول {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[القلم:33]، عذاب الله -تبارك وتعالى- للمُكذِّبين والمُعاندين في الآخرة أكبر من العذاب الذي يُرسِله -سبحانه وتعالى- على مَن يُرسِله من الظَلَمَة في الدنيا.

ثم قال -تبارك وتعالى- {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[القلم:34]، أولًا بيَّن الله عقوبته في الظالمين؛ ممكن يكون عذاب دنيوي ويكون عذاب سريع وأسرع مما يتوقَّع، وادخر الله -تبارك وتعالى- لهم العذاب الأليم في الآخرة، أما الجهة المُقابِلة هم أهل التقوى فقال -جل وعلا- {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[القلم:34]، هذا جزاء أهل التقوى، {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ}، المتقين؛ المُتقي هو الخائف من الله –تبارك وتعالى-، والخوف من الله -تبارك وتعالى- يدفع صاحبه إلى أن يسير في الطريق الذي يحبه الله -تبارك وتعالى-؛ فيأتي بما أمَرَ الله -عز وجل- به خائفًا من الله -تبارك وتعالى-، وكذلك يجتنب ما نهى الله -تبارك وتعالى- عنه خوفًا من الله -تبارك وتعالى- مع إيمانه بوَعْد الله -تبارك وتعالى- ووعيده، هذي التقوى وهي غاية العبادة، يعني غاية العبادة كلها ومؤدَّى العبادة أن يُنشأ العبد التقي؛ الخائف من الله -تبارك وتعالى-، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:21]، تكونوا من أهل التقوى فتحموا أنفسكم من عقوبة الله -تبارك وتعالى-، والنبي لمَّا أراد أن يُبيِّن أنه خير الأمة قال «إن أعلمكم بالله وأتقاكم لله أنا»، فالتقي؛ الخائف من الله -تبارك وتعالى-، الذي يؤدي ما أمَرَ الله –جل وعلا-، إن للمتقين بهذه المواصفات عند ربهم؛ وقول الله -تبارك وتعالى- {عِنْدَ رَبِّهِمْ}، يدل على ثبوت هذا ثم أنه ربهم -سبحانه وتعالى-، {جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، البساتين التي يتنعَّموا فيها هذه جنات الآخرة، والله -تبارك وتعالى- أخبر بأنها جنات لأن الجنة جنات، الجنة اسم واحد لها ولكنها جنات وجِنان طبقات بعضها فوق بعض أعلاها الفردوس؛ جنة الفردوس أعلى درجات الجنة وأعلى طبقاتها، {جَنَّاتِ النَّعِيمِ}، التي يتنعَّموا فيها بكل صنوف النِعَم العظيمة التي أنعم الله -تبارك وتعالى- بها على أهلها.

ثم قال -جل وعلا- بعد أن بيَّن صنيعه -سبحانه وتعالى- وفعله في المعاندين المُكذِّبين؛ وصنيعه -سبحانه وتعالى- بأهل طاعته من المُتقين، قال -جل وعلا- {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:35]، سؤال يُراد به الإنكار على هؤلاء الكفار الذين زعموا أن الله -تبارك وتعالى- يُسوِّي في النهاية بين المسلم والمجرم؛ لأنهم اعتقدوا أن لا آخرة، ما في آخرة، ما في حساب، ما في بعث، ما في نشور، فبالتالي إذا لم يكن هناك بعث ونشور فيكون حياة المجرم والمؤمن سواء، يعيشوا في هذه الدنيا ويكون المجرم أوفر حظًّا من المُتقي، لأن المجرم لن يردعه رادع أن يفعل ما يشاء؛ أن يأكل مال هذا، أن يقتل هذا، أن يسير في شهواته كما يشاء، فيكون هو الأوفر حظًّا ويكون في الآخرة مادام أن الله -تبارك وتعالى- عندهم لن يُجازي أهل طاعته ويُثيبهم؛ ولن يُعاقِبَ أهل معصيته ويُعاقِبهم، فيكون هم سواء وبالتالي يُخلِّيهم الله -تبارك وتعالى- ويكون مآل الناس مآلٌ واحد، تعالى الله -تبارك وتعالى- عن ذلك، يقول -جل وعلا- {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:35]، نُعامِل هؤلاء وهؤلاء بأمر واحد، {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:21]، ساء ما يحكمون أن يجعل الله -تبارك وتعالى- هذا مثل هذا، وإذا لم تكن هناك آخرة فإن الله يجعل المجرم كالمُتقي؛ وتعالى الله عن ذلك، بل الله –تبارك وتعالى- هو الحَكَم العدل -سبحانه وتعالى-، فالذي اتقاه وسار في طاعته الله -تبارك وتعالى- يُعامِله مُعاملة حسنة؛ أولًا في الدنيا هو في مجال حِفظه، وعنايته، ورعايته، يهديه سبيله، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، يُحيه الحياة الطيبة، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ........}[النحل:97]، الحياة الطيبة اللي هي الحياة النظيفة البعيدة عن الآثام والشرور؛ النقية، التي يتعلَّق فيها القلب بالله -تبارك وتعالى-، الذي يسير فيها الإنسان في مجال العدل والإحسان، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}، هذي الحياة الطيبة، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:97]، فهذا صنيع الرب -تبارك وتعالى- في أهل طاعته في الدنيا وفي الآخرة، وأما صنيعه -سبحانه وتعالى- بأهل معصيته فإنهم تحت عقوبة الله -تبارك وتعالى- في الدنيا {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ}، {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[السجدة:21]، فلهم عذابهم في الدنيا المُقدَّم وادخر الله -تبارك وتعالى- لهم العذاب الأكبر يوم القيامة.

{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:35]، سؤال للإنكار؛ إنكار على هؤلاء الكفار في اعتقادهم في أنه لا بعث ولا نشور، وأن الأمر سينتهي عند هذه الدنيا، وأن مَن أعطاه الله في الدنيا فقد أعطاه لأنه يحبه ومَن حرَمَه حرَمَه، وبالتالي عندهم أن عطاء الرب ومنعه إنما هو في هذه الدنيا؛ ولا ثواب في الآخرة، ولا عقوبة في الآخرة، قال -جل وعلا- {مَا لَكُمْ}، يعني ما الذي دهاكم؟ كيف تعتقدون في الله -تبارك وتعالى- هذا؟ {........ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:36]، كيف تحكمون هذا الحُكْم على الله -تبارك وتعالى-؟ كما قال -تبارك وتعالى- {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ}[التين:7] {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}[التين:8]، الله هو أحكم الحاكمين -سبحانه وتعالى- ويضع كل أمرٍ في نِصابه، فكيف يجعل الله -تبارك وتعالى- المُتقي كالفاجر ويكون المآل واحد؟ كيف تحكمون على الله -تبارك وتعالى- بهذا الحُكْم الذي به تُخرِجون الله -تبارك وتعالى- عن الحكمة؟ وعن أنه الرب الحكيم الذي يضع كل أمر في نِصابه -سبحانه وتعالى-؛ الذي يُجازي بالإحسان إحسانًا وكذلك بالإساءة إساءة، فإنه يُعاقِب أهل الإساءة بما يستحقوا هذه العقوبة؛ فهذا الرب -سبحانه وتعالى-، أما أن يكون الله -تبارك وتعالى- لا يُثيب طائعًا ولا يُعاقِب عاصيًا فإذن يصبح هذا الكون كله وخلْق الله -تبارك وتعالى- سُدىً، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115] {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:116]، {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:36].

{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم:37]، هذه أسئلة يُراد بها الاستهزاء بهؤلاء الكفار؛ وبيان أنهم في اعتقادتهم هذه لا يستندون إلى أمر، {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم:37]، يعني هل لكم كتاب نزل من الله -تبارك وتعالى- تدرسونه؛ هو الذي أوحى لكم وكُتِبَ لكم فيه بهذه الاعتقادات التي تعتقدونها؟ وجملة اعتقادات الكفار أن الله هو خالق هذا الكون؛ الملائكة بناته، يُتوسَّل إليه في هذه الدنيا ليُثيب مَن يسأله في هذه الدنيا، ثم يكون في النهاية موت ولا بعث ولا نشور، هل لكم كتاب فيه تدرسون؟ والحال أنهم ليس عندهم كتاب من الله -تبارك وتعالى-؛ ولا عندهم عِلم ولا آثارة عِلم في هذا، وإنما هي الظنون والتخمين؛ ظن، وتخمين، وحُكْم جائر كافر يحكمون به على ربهم الإله القوي العزيز -سبحانه وتعالى-؛ الذي خلَقَ هذا الخلْق، ووضع كل أمرٍ في نِصابه -سبحانه وتعالى-، كيف يمكن من الإله العزيز الحكيم -سبحانه وتعالى- أن يترك خلْقَه عبثًا على هذا النحو؟ {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}[القلم:37] {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ}[القلم:38]، إن لكم فيه؛ يعني لو كان لكم الكتاب هذا، لَمَا تخيَّرون؛ ما تختارونه من الأمر، إذن مادام أن هذا الكتاب عندكم فإذن تختاروا ما تشائوا مما تهواه أنفسكم، {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ}[القلم:38].

{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}[القلم:39]، هل لكم أيمان على الله -تبارك وتعالى- بالغة إلى يوم القيامة؟ يعني لكم أيمان تُقسِمونها أو أخذتم ضمانها وتحقيقها من الله -تبارك وتعالى-، {........ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}[القلم:39]، إذا كان الأمر لكم على هذا النحو؛ وأنكم أقسمتم على الله أن يفعل لكم ما تشائون، فعند ذلك يكون لكم الحُكْم في هذا، والحال أنه لا عهد بينهم وبين الله ولا أيمان لهم على الله -تبارك وتعالى-، وإنما هم خارجون عن أمره وخارجون عن طاعته بردِّهم أمر الله -تبارك وتعالى-؛ بل بسبِّهم لرسوله -صل الله عليه وسلم-، واتهامه بالجنون، واتهامه بما اتهموه به؛ بالسحر، والكهانة، وأنه أتى بهذا الأمر من عند نفسه وليس من عند الله -تبارك وتعالى-، {سَلْهُم أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم:40]، {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ}[القلم:39]، يعني لو كان لكم هذه الأيمان، سَلهُم؛ اسألهم، {........ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم:40]، أيهم بذلك كفيل؟ بأنهم قد أخذوا على الله -تبارك وتعالى- وأقسموا عليه أنهم في الدنيا هم من أهله؛ ومن أهل طاعته، وأن رزقهم وما يؤتيهم الله -تبارك وتعالى- به هم جديرون به وهم يستحقونه، فسَلهُم أيهم الذي يزعم هذا الزعم ويقول هذا القول بأن عندهم كتاب؛ أو عندهم آثارة عِلم، أو لهم أيمان على الله -تبارك وتعالى-، أو أن عقائدهم هذه التي يقولونها إنما تستند إلى دليل أو برهان، يقول هاتوا لي مَن يزعم هذه المزاعم ومَن يتكفَّل بهذه العقائد الباطلة التي هم يعتقدونها، {سَلْهُم أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم:40].

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}[القلم:41]، أم لهم شركاء؛ يعني مع الله، لهم؛ اتخذوا، شركاء يُشارِكون الله -تبارك وتعالى-؛ في أمره، في حُمْكمه، في قضائه، في قدَرِه، في العبادة، يُعبَدون مع الله -تبارك وتعالى-، قُل فليأتوا بشركائهم؛ فليأتوا بهؤلاء الشركاء، يُسمُّوهم؛ مَن هم هؤلاء الشركاء الذين لهم شركة مع الله -تبارك وتعالى-؟ والحال أنه لا شريك لله -تبارك وتعالى-؛ لا في الخلْق، ولا في الرزق، ولا في الأمر، ولا في القضاء، وبالتالي ليس له شريك في حق من حقوقه -سبحانه وتعالى- في العبادة، بل كل هؤلاء الشركاء الذي زُعِموا مع الله -تبارك وتعالى- كذب وزور؛ كله بالكذب والزور، فالملائكة الذين زعمهم الكفار أنهم بنات الله وأن لهم شركة مع الله؛ شركة في العبادة، فهذا كذب، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء:26] {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27] {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28]، فهم عبيده، مَن؟ الشمس؟ الشمس إنما هي خلْق الله -تبارك وتعالى-، وتسخيره، وآية من آياته -سبحانه وتعالى- سخَّرها لعباده، {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37]، هل هناك من شريك لله -تبارك وتعالى-؟ فكل مَن عبَدَ معبودًا وإلهًا مع الله -تبارك وتعالى- وزعم أن له شركة مع الله فليُسمِّي هذا الشريك؛ وليأتي ببرهان على أن إلهه هذا شريك مع الله -تبارك وتعالى-، وتعالى الله -تبارك وتعالى- أن يكون له شريك؛ شريك في أنه خلَقَ شيء، فالله -تبارك وتعالى- خالق كل شيء، شريك في التصريف؛ فالتصريف كله لله، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر:62]، فلا يوجد مخلوق يملِك لنفسه نفع ولا ضر إلا ما شاء الله؛ لا مَلَك، ولا إنس، ولا جِن، لا يوجد مخلوق مما خلَقَ الله -تبارك وتعالى- يملك لنفسه نفعًا ولا ضر إلا ما شاء الله -تبارك وتعالى-، فالله هو الرب الإله؛ الخالق لكل شيء، المُهيمن على كل شيء، المُتصرِّف في كل شيء، فأين هؤلاء الشركاء؟ {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}[القلم:41]، إن كانوا صادقين في ما يزعمونه من عبادة ما يعبدونه، بالنسبة للكفار؛ الملائكة، هُبَل، الَّات، العُزَّى، مَناة، هذه الأصنام المُتفرِّقة، هل لهذه المعبودات شركة مع الله -تبارك وتعالى-؟ وهل يستحق شيء منها أن يُعبَد مع الله الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-؟.

ثم قال -جل وعلا- {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:42]، هنا ينقل الله -تبارك وتعالى- العباد إلى يوم القيامة؛ ويُريهم صورة ومشهد من المشاهد العظيمة في هذا اليوم العظيم، الذي يتبدَّى لكل الخلْق عظَمَة الرب -تبارك وتعالى-؛ وأنه الله الواحد القهَّار، الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، في الصحيحين يقول النبي -صلوات الله والسلام عليه- «يكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة فيسجد له كل مَن كان يسجد لله طواعية، ويأتي المنافق ليسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا»، يصبح ظهره كظهر البقرة؛ طبقة واحدة ما ينثني، والمنافقين هؤلاء تأخذهم الملائكة وتُلقيهم في النار، فمن عظَمَة الرب -تبارك وتعالى-، ونسبة الساق إلى الله -تبارك وتعالى- كنسبة سائر الصفات هي لائقة بذاته -سبحانه وتعالى-، كالقدم كما جاء في الحديث «ولا تزال النار تقول هل من مزيد حتى يضع رب العِزَّة قدمه فيها؛ فيتداخل بعضها في بعض وتقول قَطِن قَطِن أو قَطني قَطني»، وكاليد في قول الله -تبارك وتعالى- لإبليس {........ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ}[ص:75]، وقول النبي «أُناس على يمين الرحمن وكِلتا يديه يمين»، فاليد، والساق، والوجه، والقدم؛ كل هذه الصفات إنما تُفهَم بأنها صفة من صفة الرب -تبارك وتعالى- ولا يُعرَف كيفياتها، لأن كيفية ذات الرب -تبارك وتعالى- غير معلومة لنا فنؤمن بها كما أخبرنا -تبارك وتعالى-؛ دون تحريف ودون تأويل باطل لها.

{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}، فسَّرَ النبي «يكشف ربنا عن ساقه يوم القيامة فيسجد له كل مَن كان يسجد»، كل مَن كان يسجد طواعية لله -تبارك وتعالى- يسجد لله في هذا اليوم العظيم، فالذين وفِّقوا للسجود لله -تبارك وتعالى- في الدنيا وأطاعوا ربهم -سبحانه وتعالى- يوَفَّقوا كذلك للسجود عظَمَةً للرب -تبارك وتعالى- يوم القيامة، ثم بعد ذلك الذي لم يكونوا يسجدوا إذا أرادوا أن يُقلِّدوا المؤمنين ويسجدوا مع المؤمنين كما كان حال المنافقين؛ فإن الله -تبارك وتعالى- يحرمهم من السجود له، يعود ظهر المنافق طبقًا واحدًا؛ فيقع لظهره، فتأخذه الملائكة وتُلقيه في النار، {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:42]، يُدعَون إلى أن يسجدوا لربهم -سبحانه وتعالى- فلا يستطيعون؛ يُمنَعون ويُحرَمون، فهذا الرب الإله العظيم الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، وهذه آلهتهم الباطلة التي كانوا يعبدونها؛ ما وزنها؟ ما قيمتها؟ أين هي الآن في هذا اليوم العظيم.

حال هؤلاء الذين كفروا بالله -تبارك وتعالى- في الدنيا؛ وحرَمَهم الله أن يسجدوا لعظَمَته -سبحانه وتعالى- وكبريائه في الآخرة، قال -جل وعلا- حالهم {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ}، حال كونهم {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:43]، الخشوع هو الخضوع والذُّل، أبصارهم يعني أبصارهم إلى الأرض خاشعة؛ لا يستطيعون النظر من الذًّل والقهر الذي أصبح فيهم، {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ}، تعلوهم الذِّلة في وجوههم، تظهر فيهم الذِّلة والخضوع في هذا الوقت والذي لا تنفعهم الآن؛ لا ينفعهم خشوعهم ولا ذِلَّتهم في الآخرة، {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}، قال -جل وعلا- {........ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:43]، قد كانوا في الدنيا يُدعَون إلى السجود وهم سالِمون من هذه الآفة وهذه العِلَّة التي لحِقَتهم يوم القيامة؛ بأن يعود ظهر أحدهم طبقًا واحدًا فلا يستطيع أن يسجد لله -تبارك وتعالى-، فكانوا في الدنيا يُدعَون إلى السجود، كان الرسول يدعوهم إلى أن يعبدوا الله -تبارك وتعالى- وأن يسجدوا لله –جل وعلا-، فالسجود جزء الصلاة ورُكْن الصلاة، وقد أُمِرنا بأن نسجد لله –تبارك وتعالى-؛ يعني أن نقوم في الصلاة ونسجد لله، فقد كانوا يُدعَون إلى أن يُصلُّوا وإلى أن يسجدوا لله -تبارك وتعالى- وهم سالِمون في الدنيا، ولكنهم أنِفوا واستكبروا عن ذلك؛ فهذي حالهم ومآلهم الذي آلوا إليه في الآخرة، {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:42] {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم:43].

ثم قال -جل وعلا- {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44] {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[القلم:45]، ذَرني؛ اتركني، يعني الله -تبارك وتعالى- يأمر نبيه بأن يترك عقوبة ومُجازاة هؤلاء الكفار له؛ لله -تبارك وتعالى-، وهذه الآيات جائت هنا في سياق رد الله -تبارك وتعالى- عن مقالة هؤلاء المجرمين؛ الذي قالوا ووصفوا رسول الله بالجنون، {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}[القلم:1] {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}[القلم:2]، فهذا كان وصْف الكفار للنبي -صلوات الله عليه وسلم-؛ والنبي هو رسول الله المُختار، هو الذي اختاره الله -تبارك وتعالى- ليكون رسولًا منه -سبحانه وتعالى- إلى العالمين؛ يُبلِّغ الناس رسالة ربه -سبحانه وتعالى-، ثم يصِفوا هذا الرسول بالجنون، انظر الجريمة الكبرى؛ هذي أكبر جريمة، رسول الملِك؛ ملِك السماوات والأرض، إله العالمين -سبحانه وتعالى-، رب العالمين يختار رسول يُرسِله ثم يُقابِله هؤلاء المجرمين ويقولوا له أنت مجنون؛ أنت مجنون ويردُّون مقالته، فالله -تبارك وتعالى- يقول له ذَرني؛ يقول لرسوله ذَرني ومَن يُكذِّب بهذا الحديث، يعني اترك عقوبة هؤلاء وحساب هؤلاء غلى الله -تبارك وتعالى-، {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ........}[القلم:44]، هذا الحديث المُنزَل من الله؛ كتاب الله، القرآن المُنزَل من الله -تبارك وتعالى-، كلام الله المُنزَل على قلب رسوله -صل الله عليه وسلم-، قال -جل وعلا- {........ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44]، هذا صنيع الله -تبارك وتعالى- بهم والمعاملة التي سيُعامِلهم الله بها، قال {........ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44]، استدراجهم يعني استمالتهم إلى الشر؛ أخذهم إلى حتفهم وإلى هلاكهم بأرجلهم، يخلِّيه يدرُج إلى حتفه وإلى النار برجليه، يسير وهو في غفلة عن هذا المسير، المُستدرَج هو الذي يُغَر به فيأخذه العدو إلى حتفه ولكن يأخذه برجليه، فهؤلاء صنيع الله -تبارك وتعالى- بهم يُعطيهم من الصحة، والأرزاق، والقوة، ويتقلَّبون في النِعَم، فيظنون بهذا أنهم من أوليائه ومن أحبابه؛ وأن الله راضي عن فعلهم هذا، وأنهم هم الذي على الحق والصواب، وأن رسوله ليس صادقًا في هذا فيغتروا بما هم عليه، فإذا أنعم الله -تبارك وتعالى- عليهم من النِعَم وفتح عليهم بهذا اغتروا بما هم عليه؛ ويظلوا على حالهم هذا حتى يُلاقوا مصيرهم الأسود الذي ينتظرهم، {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44]، من حيث لا يعلمون ما ينتظرهم من العقوبة عند الله -تبارك وتعالى-، ولكنه يسير فيذهب إلى النار وهو يضحك؛ وهو مُبتسِم، وهو مغرور، يظن أنه هو الذي يسير في طريق الحق والخير؛ والحال أنه يسير إلى عذابه لكن بقدميه.

نقف هنا -إن شاء الله- نُكمِل في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.