الخميس 20 جمادى الأولى 1446 . 21 نوفمبر 2024

الحلقة (768) - سورة التكوير 20-29

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ}[التكوير:15] {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}[التكوير:16] {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير:17] {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}[التكوير:18] {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}[التكوير:19] {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[التكوير:20] {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}[التكوير:21] {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}[التكوير:22] {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}[التكوير:23] {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير:24] {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}[التكوير:25] {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}[التكوير:26] {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[التكوير:27] {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[التكوير:28] {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:29]، هذه سورة التكوير والتي بدأها الله -تبارك وتعالى- ببيان مجموعة من الأحداث العِظام التي تكون في يوم القيامة فقال -جل وعلا- {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير:1]، لُفَّت؛ ضُمَّ بعضها إلى بعض وذهب ضوئها ونورها وهذا عند النفخة الأولى في الصور، {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}[التكوير:2]، ذهب ضوئها وذهب لمعانها، {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}[التكوير:3]، حيث ينسِفها الله -تبارك وتعالى- نسفًا، ثم تكون كالكثيب المَهيل، ثم تكون كالعِهن المنفوش، ثم تكون سرابًا يُذهِبُها الله -تبارك وتعالى- حيث شاء؛ يُسيِّرُها الله، {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}[التكوير:4]، أنفس الأموال عن العرب وهي الناقة العُشَراء التي مضى على حَمْلِها عشرة أشهر؛ وتُسمَّى عُشَراء إلى أن تلِد، هذه أنفس الأموال عندهم تُعطَّل؛ بمعنى أنها تُترَك وتُهمَل.

{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:5]، ليوم القيامة، فإن كل ما خلَقَه الله -تبارك وتعالى- من دابة محشور يوم القيامة، كما قال -سبحانه وتعالى- {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام:38]، ثم إلى ربهم يُحشَرون كلهم، ويقول ابن عباس يُحشَر كل شيء حتى الذُّباب فإنه يُحشَر ليوم القيامة، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير:6]، اشتعلت نارًا، {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[التكوير:7]، كل مجموعة من البشر إنما ستلتحِق بأشباهها وأشكالها، كما قال -تبارك وتعالى- {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}[الواقعة:7]، وكنتم أيها الناس أزواجًا ثلاثة؛ أصناف ثلاثة، {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}[الواقعة:8] {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:9] {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:10] {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}[الواقعة:11]، فهذا تصنيف للناس بحسب أعمالهم؛ فأهل الإيمان مع أهل الإيمان، وأهل الكفران مع أهل الكفر، {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[التكوير:7] {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}[التكوير:8] {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير:9]، تبكيت لِمَن قتَلَها؛ وأنه قتَلَها بغير ذنب، {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}[التكوير:10]، تطايرت، آخِذٌ بيمينه وآخذٌ بشِماله، فالذي أخذ بيمينه ها دول أهل الإيمان يأخذون صحائفهم بأيمانهم؛ ويفرَحون عندما يقرأونها، فقد دوِّنَ لهم كل عملهم الصالح الذي يستبشِرون به، وأما أهل الكفران فإنه يأخذ كتاب بشِماله ومن وراء ظهره فيسوَد وجهه سوادًا على سواد، {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}[التكوير:10] {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}[التكوير:11]، كشطُها؛ إزالتها، وهذا في النفخ الأول من الصور، {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}[التكوير:12]، أُشعِلَت بما فيها من وقود الحجارة، وأُشعِلَت بأجساد داخليها -عياذًا بالله-، {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ}[التكوير:13]، قُرِّبَت لأهلها.

{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}[التكوير:14]، صورة كاملة لهذا الانقلاب الكامل في هذا الكون المُشاهَد من السماوات والأرض؛ وهذا حال يوم القيامة عندما يقوم الناس لرب العالمين -سبحانه وتعالى-، عند ذلك تعلَم كل نفس ما قدَّمَت من خير وشر؛ تعلَم حقيقة ما قدَّمَت، عَلِمَت نفسٌ ما أحضرته لهذا اليوم لأن كل عمل قدَّمَه الإنسان هو الذي سيجِدَه حاضِرًا أمامه، {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}[التكوير:14]، ثم قال -جل وعلا- {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ}[التكوير:15]، يُقسِم الله -تبارك وتعالى- بالخُنَّس؛ قيل هي النجوم، التي تظهر ليلًا وتخنَس بمعنى أنها تختفي في النهار، {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}[التكوير:16]، الجوارِ؛ في مساراتها، الكُنَّس؛ تكنِس السماء، {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير:17]، قَسَمٌ جديد يُقسِم الله -تبارك وتعالى- به، آية من آياته -سبحانه وتعالى- الليل إذا أقدَم وغطَّى بسواده مكان النهار، {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}[التكوير:18]، كل شيء في الصباح يتنفَّس؛ يخرج، كأنه يبدأ يومه الجديد؛ الطيور، النباتات، فالصبح إذا تنفَّس بهذه المخلوقات التي يأتيها الصباح فتصحوا كأنها كانت نائمة فتتنفَّس وتخرج، يُقسِم الله -تبارك وتعالى- بهذه الأقسام وهذه آياته -سبحانه وتعالى-؛ آياته في الخلْق، وكل آية منها آية عظيمة تدل على عظَمَة الخالق -سبحانه وتعالى-، فعظَمَة هذا الخالق الذي خلَقَ هذا المخلوق العظيم هو الرب العظيم -سبحانه وتعالى-، والله أعظم من كل مخلوقاته وأكبر من كل مخلوقاته، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:67].

{إِنَّهُ}، هذا القرآن، المُقسَم عليه هذا القرآن، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}[التكوير:19]، جبريل -عليه السلام-؛ رسول الله، سفير من الله -تبارك وتعالى- للرُسُل، هذا هو الرسول المَلَكي والبشري هم الرُسُل الذي اختارهم الله -تبارك وتعالى- من البشر إلى أقوامهم، فالقرآن قوله وذلك أنه سَمِعَ هذا القول من الله -تبارك وتعالى-؛ وأدَّاه كما سَمِعَه من الله -تبارك وتعالى- إلى الرُسُل، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}[التكوير:19]، الكرم؛ نفاسة، ومكانة، ومنزِلَة، وخُلُق، وخَلْق، {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}[التكوير:19]، جبريل -عليه السلام-، ذي قوة؛ صاحب قوة، وصَفَه الله -تبارك وتعالى- بالقوة الشديدة، وقد أبان الله -تبارك وتعالى- لنا بعض قوته في نتقِهِ جبل على بني إسرائيل، في قلبه قُرى لوط على أهلها، {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[التكوير:20]، صاحب العرش الله -سبحانه وتعالى-، مكين؛ مُمكَّن، فإن الله -تبارك وتعالى- هذا سفيره؛ رسوله، أمينه على وحيه، المُمكَّن في السماء، {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[التكوير:20]، وكل هذا في تعظيم الكتاب المُنزَل من الله -تبارك وتعالى-؛ والذي نزَلَ به هذا المَلَك الكريم؛ القوي، المتين، المُمكَّن عند الله -تبارك وتعالى-، ذو المكانة عند الرب -سبحانه وتعالى-، عند الرب مَن؟ صاحب العرش، العرش سقف المخلوقات كلها والله -سبحانه وتعالى- هو المُستوي على عرشه -جل وعلا-؛ القاهر فوق عباده -جل وعلا-.

{مُطَاعٍ}، يعني أن جبريل -عليه السلام- مُطاع في الملائكة، كأنه رئيس الملائكة فهو مُطاعٌ فيهم؛ أمرُه مُطاعٌ فيهم، {........ ثَمَّ أَمِينٍ}[التكوير:21]، وكذلك هو أمين الله -تبارك وتعالى-؛ أمين الله -جل وعلا- على وحيه، هذا إشادة للقرآن وإشادة من الله -تبارك وتعالى- لرسوله المَلَكي جبريل؛ الذي حمَلَ هذه الرسالة إلى نبينا محمد -صلوات الله والسلام عليه-، إشادة بالقرآن؛ أن الذي حَمَلَه هو هذا المَلَك المُمكَّن عند الله -تبارك وتعالى-، المُكرَّم عنده -سبحانه وتعالى-، ثم قال -جل وعلا- {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}[التكوير:22]، وما صاحبكم؛ محمد -صلوات الله والسلام عليه- هو صاحب القوم، هو الرسول الذي اختاره الله -تبارك وتعالى- إلى هؤلاء، كان هؤلاء المشرِكون من عماية قلوبهم وعماية أبصارهم يتهمون النبي -صل الله عليه وسلم- في ما يتهمونه به بأنه مجنون، والمُفارَقَة هائلة جدًا بين الجنون وبين هذا النبي الذي هو في قمة العقل؛ وقمة الأمانة، وقمة الشرف، وقمة الخُلُق الكريم، كيف يكون مثل هذا مجنونًا؟ لكنه الكفر والعناد، فإنهم اتهموا الرسول -صل الله عليه وسلم- بكل اتهام استطاعوه؛ منه الجنون، والسحر، والكهانة، ومنه أن هذا شيطان تسلَّط على عقله وجاء به، منه الكذب وأنه افترى هذا، منه أنه تعلَّمَه من بعض الناس وقالوا {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}، فهذه اقوال كلها مُتناقِضة؛ يعني بعضها ينقُض بعضًا، لكنهم اعتنقوها كلها وأصبحوا يضربوا في كل مضرب ويكذبوا في كل كذب؛ وإن كان الكذب في ذاته مُتناقِضًا لكنهم قالوه للأسف واعتقدوه.

{وَمَا صَاحِبُكُمْ ........}[التكوير:22]، الرسول -صل الله عليه وسلم- الصادق الأمين، {بِمَجْنُونٍ}، ليس بمجنون كما تقولون بأنه مجنون، بل هو النبي الأمين الصادق باعترافهم هم وبمعرفتهم به أنه الصادق الأمين -صلوات الله والسلام عليه-، ثم قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}[التكوير:23]، ولقد رآه؛ محمد -صل الله عليه وسلم- قد رأى جبريل الذي ينزل عليه بالوحي، بالأٌفُق؛ الأُفُق هو امتداد النظر عند التقاء السماء بالأرض، المُبين؛ البيِّن الواضح، فقد رأى محمد -صل الله عليه وسلم- رؤية بصرية وليست رؤيا قلبية في الأُفُق المُبين أمامه، وكانت هذه أول مرة يراه على صورته التي خلَقَه الله -تبارك وتعالى- عليها، أراه الله -تبارك وتعالى- على صورته التي خلَقَه الله عليها بعد ما جائه كما جائه في صورة بشر، كما جائه في غار حراء فقدَّمَ له رُقعة وقال له اقرأ هذه الكلمات، قال ما أنا بقارئ، يقول «فأخَذَني فضمَّني حتى غتَّني، بلَغَ مِنِّي الجَهْد ثم أرسَلَني فقال لي اقرأ، فقُلت ما أنا بقارئ، ثم أخَذَني الثانية فضمَّني إلى صدره وغَتَّني حتى بلَغَ  مِنِّي الجَهْد»، الجَهْد يعني نهاية التحمُّل، «ثم أرسَلَني فقال لي اقرأ، فقُلت ما أنا بقارئ»، فأخَذَه الثالثة ثم قال له بعد ذلك {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[العلق:2] {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}[العلق:3] {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}[العلق:4] {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق:5]، ثم انطلق بعد ذلك، حَفِظَ هذه النبي -صل الله عليه وسلم- وهو لا يدري مَن هذا الذي جائه، ثم بعد ذلك أرى الله -تبارك وتعالى- عبدَهُ ورسوله محمد جبريل مرة ثانية، وهو نازل من حراء بعد أن انقطَعَ عنه الوحي يقول «رأيت المَلَك الذي جائني في حِراء على كرسي بين السماء والأرض؛ أينما نظرت فإذا هو أمامي، وقال لي يا محمد أنت نبي هذه الأمة»، نبَّأَه وأخبره.

{وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}[التكوير:23]، هذه هي المرة الأولى، أما المرة الثانية ذُكِرَت في آية في سورة النجم، كما قال -تبارك وتعالى- {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى}[النجم:12] {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[النجم:13] {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}[النجم:14] {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}[النجم:15] {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى}[النجم:16] {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى}[النجم:17]، ما زاغ بصر النبي وما طغى، بل قد رآه؛ أراه الله -تبارك وتعالى- جبريل، هذه هي المرة الثانية على الصورة التي خلَقَه الله -تبارك وتعالى- عليها، قال «رأيته وله ستمائة جناح في مكانه في السماء عند سِدرة المُنتهى»، وهي المكان الذي ينتهي إليه مقام جبريل -عليه -لسلام-، فإن لكل مَلَك مقام ينتهي إليه؛ والمقام الذي ينتهي إليه جبريل هو سِدرة المُنتهى، كما قال -تبارك وتعالى- عن الملائكة {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات:164]، وما مِنَّا؛ من الملائكة، إلا له مقام معلوم يقوم فيه؛ فملائكة السماء الأولى في الأولى، والثانية في الثانية، والثالثة في الثالثة، إلى السابعة في السابعة، فكلٌ في مقامه لا يتعدَّاه، فهذا مقام جبريل رآه النبي -صل الله عليه وسلم- مرة ثانية عند سِدرة المُنتهى، فالله -تبارك وتعالى- يخبرهم بأن النبي الذي يُبلِّغَهم هذا القرآن من الله -تبارك وتعالى- قد رأى هذا المَلَك؛ هذا الرسول النازل من الله -تبارك وتعالى- من السماء بهذا القرآن، فكيف يُكذَّب مثل هذا؟ قد رآه بأُم عينه وهو يُخبِرَهم بهم؛ وهو الصادق الأمين -صلوات الله والسلام عليه-، {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}[التكوير:23]، البيَّن ليس فيه غَبَش من غَبَرَة؛ أو سحاب، أو غير ذلك، بل بالأُفُق الساطع الواضح رآه رأي العين؛ وخاطَبَه، وكلَّمَه، {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ}[التكوير:23].

{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير:24]، وما هو؛ الرسول -صل الله عليه وسلم- محمد ابن عبد الله، {........ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير:24]، على الغيب؛ كل ما غاب عنك، بضنين؛ الضَّنين هو البخيل والشحيح، وكذلك قُرِئَت هذه الآيات بظَنين؛ أي ظنوا به السوء، يعني لا يُظَن بالرسول -صل الله عليه وسلم- كذبًا قَط على أمر يُحدِّث عنه من الغيب، الغيب فيه غيبان؛ الغيب الإضافي وهو الغيب الذي يعلمه بعض الخلْق ولا يعلمه أخرين، كما الإنسان يعلم أسراره ولا يعلمها الأخرين؛ فهذا غيب، فسِر الإنسان غيب بالنسبة إلى غيره، والغيب اللي هو الذي لا يعلمه إلا الله -تبارك وتعالى- هو الذي استأثر الله به دون خلْقِه؛ كعِلم الساعة، متى ينزل المطر، ماذا يكون في غَد، أين تموت هذه النفس ومتى تموت، كل هذا من عِلم المُستقبَل هذا كله إلى الله -تبارك وتعالى- لا يعلمه إلا هو –سبحانه وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ........}[لقمان:34]، فهذا الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -تبارك وتعالى-، الله يخبر بأن هذا النبي -صل الله عليه وسلم- ليس على الغيب بضنين، لم يُظهِروا ولم يمسِكوا عليه كذبة قَط -صل الله عليه وسلم- في أي أمر من الأمور التي غابت عنهم إذا حدَّثَهم بها، ولذلك لمَّا قام النبي أول ما قام يُذكِّر قريش ويُذكِّر أهل مكة بأنه رسول الله قال لهم «لو حدَّثتكم أن خيلًا وراء هذا الوادي تُريد أن تُغير عليكم»، هذا من الغيب؛ شيء كأنه رآه هو ولم يرَوه هم، قال لهم «لو حدَّثتكم أن هناك خيلًا وراء هذا الوادي تُريد أن تُغير عليكم؛ أكنتم مُصدِّقي؟ قالوا ما جرَّبنا عليك كذبًا»، فهنا يُقيم عليهم الحُجَّة أنه لو أخبرهم بأي شيء من الغيب؛ حتى بهذا الأمر الذي يُستبعَد وقوعه، يُستبعَد وقوع أن يكون هناك خيل تُريد أن تغزوا قريش في مكانها، والعرب كانت تُعظِّم البيت أصلًا وتُعظِّم قريش؛ ولا يمكن أن تُغير على أهلها في هذا الوادي، مستحيل؛ هذا أمر بعيد جدًا ومُتعَذِّر، لكن النبي أعطاهم هذا الأمر الغريب الذي لا يكاد يقَع مثله في مكة، يقول لو حدَّثتكم بمثل هذا الأمر؛ أتُصدِّقوني؟ قالوا ما جرَّبنا عليك كذبًا، يعني لو حدَّثتنا بمثل هذا ولو كانت فيه غرابة فإننا نُصدِّقُكَ فيه لأننا ما جرَّبنا عليك كذبًا، فقال لهم بهذا الأمر؛ قال لهم «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، أن أُخبِركم بأن هناك بعث؛ وهناك نشور، وأنا نذير لكم من الله -تبارك وتعالى-؛ رسول مُنذِر لكم من الله بين يدي عذاب شديد يتهدَّد وينتظر المُكذِّبين.

فالنبي ليس ظنينًا على الغيب، لا يُظَن به إلا الحق -صلوات الله والسلام عليه-؛ وهم كانوا يعتقدون هذا، فالله يُذكِّرهم ويقول لهم {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير:24]، وكذلك بضنين؛ بأنه بخيل، بل أن الله -تبارك وتعالى- قد حدَّثَه بهذه الأمور الغائبة التي غابت عنهم؛ حقيقة صفة الرب -تبارك وتعالى-، وهم كانوا يجهلون صفة الرب على الحقيقة وينسِبون له ما هو مُنزَّهٌ عنه -سبحانه وتعالى-؛ ينسِبون له الولد، ينسِبون له الزواج، ينسِبون له أنه خلَقَهم ولن يُعيدهم مرة ثانية؛ فيستبعِدون عليه أن يُعيدهم -سبحانه وتعالى-، أخبرهم بالغيوب الكثيرة؛ بالجنة، بالنار، بما يكون بعد البعث، فليس النبي بضنين على الغيب؛ بخيل وشحيح، بل إنه باذِلٌ له لأن هذا أمر قد حَمَّله الله -تبارك وتعالى- ليُبلِّغَه؛ فلابد أن يُبلِّغَه كما أمَرَه الله -تبارك وتعالى-، وما هو؛ النبي -صل الله عليه وسلم-، {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}[التكوير:24].

{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}[التكوير:25]، كما تزعمون؛ فقد كانوا يزعمون بأن هذا القرآن إنما أملَته وأوحته الشياطين إلى النبي -صل الله عليه وسلم-، وقالوا مغلوب على عقله؛ قالوا أن النبي غُلِبَ على عقله، كما هم كثير مَن يُصيبهم نوع من اللوثة وتتسلَّط عليه الشياطين فيقوم يقول على لسانه ما يقول؛ تصرَعَه تقول على لسانه ما تشاء هذه الشياطين، وقد يقول هذا الذي تصرَعَه الشياطين؛ يقول شِعرًا، يقول كلامًا، فكان من جُملة ما اتهموا به النبي -صلوات الله والسلام عليه- أنه مغلوب على عقله، ومن ذلك جائه أحد قال له يا محمد إني أُرقي من هذه الرِّياح؛ فإن كان بك شيء أنا أرقيك، فقال له النبي -صل الله عليه وسلم- «إن الحمد لله؛ نحمَده، ونستَعينه، ونستَغفِره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضِل له ومَن يُضلِله فلا هادي له»، فقال له أعِد عليَّ كلامك هذا، فأعاده النبي -صل الله عليه وسلم-، فقال له إن هذه الكلمات التي قُلتُها بلَغَت كذا؛ بمعنى قاموس البعث، ثم إن النبي دعاه إلى الإسلام فأسلَم، فهذا كان من هؤلاء الذين يزعمون أن عنده رُقيَة ويُرقي بها مَن غُلِبَ على عقله؛ وجاء من مكانه مُتطوِّع، وقال يا محمد إني أرقى من هذه الرِّياح؛ فأنا أرقيك لعلَّ الله أن يشفيك من هذا الذي أنت فيه، فقال له النبي هذا وأعطاه خُطبَة الحاجة؛ قال له «إن الحمد لله؛ نحمَده، ونستَعينه، ونستَغفِره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا»، فكان هذا سبب بعد ذلك في أن آمن بالله -تبارك وتعالى-.

فالقول الذي جاء به ما هو بقول شيطان؛ وهل الشيطان يأتي بهذا الكتاب المُحكَم؛ المُبين؟ آيات الله -تبارك وتعالى- المُعجِزة التي هي الهُدى، والنور، والصراط المستقيم، والقول الفصل في كل ما يختلِف فيه العباد، كتاب الله -تبارك وتعالى- الذي يصِف الله -تبارك وتعالى- كما الله -جل وعلا- على الحقيقة؛ وينفى عنه ما ألحَهَه به المجرمون والظالمون من اليهود، ومن النصارى، ومن المُشركين، ويصِف الله -تبارك وتعالى-، هل يمكن أن يأتي شيطان بقول الله -تبارك وتعالى- {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة:255]؟ تأتي الشياطين بــ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1] {اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:2] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:4]، تأتي الشياطين بــ {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا}[الإسراء:22] {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء:23] {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء:24]، تأتي الشياطين بهذا الكتاب المُضيء؛ المنير، السراج الوهَّاج الذي أبان الله -تبارك وتعالى- فيه كل الحقائق؛ ودعى الخلْق -سبحانه وتعالى- إلى طريق ربهم، وأعلمَهم ما في هذا الكون؛ أعلمَهم بصفاته، وملائكته، وجنته، وناره، وأعلمَهم بالأخبار السابقة بدءًا بخلْق أبيهم آدم؛ وكيف أن الله خلَقَه في السماء؟ خلَقَه بيديه، أسجَدَ له ملائكته، ثم أخبرهم بأخبار الأنبياء وقصص الرسالات كلها؛ كل رسول وكيف جاء إلى قومه؟ وكيف دعاهم؟ وكيف ردُّوا عليه؟ وكيف كانت في النهاية سُنَّة الله -تبارك وتعالى- في المُعانِدين؛ وسُنَّتَه -سبحانه وتعالى- في المؤمنين؟ كيف تأتي الشياطين بمثل هذا؟ قوانين العدل التي أنزلها الله -تبارك وتعالى- في هذا الكتاب ليحكم الله -تبارك وتعالى- بالعدل بين كل إنسان وإنسان؛ بين الحاكم والمحكوم، بين البائع والمُشتري، بين المُعاهِد وعهده، والذي يأمر بكل خُلُقٍ فاضل وينهى عن كل خُلُقٍ ذميم، كيف يكون هذا؟ كلام الشياطين معروف، {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ}[الشعراء:221] {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}[الشعراء:222] {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}[الشعراء:223]، هذا كلام الشياطين؛ كلام الشياطين إنما هو كذب، وزور، وبُهتان، هؤلاء مَن تتنزَّل عليهم الشياطين من السَّحَرة والكُهَّان أحوالهم معروفة، تعرف العرب الكُهَّان؛ يعرفون ذمذمتهم، يعرفون أنهم يقولون قولًا من الصدق ثم مائة قول معه يكون من الكذب، يعلمون أنهم من أهل الكذب؛ ومن أهل أكل أموال الناس بالباطل والخيانة، فكيف يكون النبي الأمين؛ الهادي إلى صراط الله -تبارك وتعالى-، المُنزَّل عليه هذا الوحي، الطاهر، المُستقيم، يكون هذا كلام شياطين؟ لكنه الكفر والعناد، قال -جل وعلا- {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}[التكوير:25]، وقول الله -تبارك وتعالى- أن هذا الشيطان رجيم يعني أنه مرجوم؛ مُبعَد من كل خير، وهذا فعل الشيطان كإبليس وأعوانه، {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}[التكوير:25]، رجيم هو مرجوم بمعنى أنه مُبعَد ومضروب بحجارة الرَّجم فبعيد عن رحمة الله -تبارك وتعالى-.

ثم قال لهم الله -عز وجل- {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}[التكوير:26]، أين تذهبون؛ أين تذهب عقولكم، كيف تذهب عقولهم ويتهِموا هذا الرسول بما اتهموه؛ بأن هذا الكلام الذي جاء به أقوال شياطين أو بأنه مجنون؟ ما هذه العقول التي تصِف هذا النبي الأمين؛ الصادق، الذي جاء بهذا الوحي من الله -تبارك وتعالى- الذي يدعوا إلى هذا الدين القويم، يكون هذا مجنون أو أنه قد أخذَه من الشياطين؟ {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}[التكوير:26]، كيف تذهب بكم عقولكم هذه المذاهب البعيدة عن أي عقل وعن أي فَهْم؟ {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[التكوير:27]، إن هو؛ هذا القرآن المُنزَّل من الله -تبارك وتعالى-، إلا ذِكر للعالمين؛ للناس أجمعين، وهذا فيه بيان أن الله -تبارك وتعالى- سينشُره في الأرض كلها؛ في العالمين جميعًا، ثم ذِكر يُذكِّرهم بإلههم؛ وخالقهم، ومولاهم، يُذكِّرهم بنشأتهم؛ بمعادهم، يُذكِّرهم بالجنة؛ بالنار، يُذكِّرهم بما يجب عليهم نحو ربهم؛ وإلههم، وخالقهم -سبحانه وتعالى-، يُذكِّرهم بالطريق الصحيح إلى الله -جل وعلا-، فهو ذِكر بكل معاني الذِّكر التي فيها الرِفعَة؛ والنفع، والسعادة لكل البشر، فهذا ذِكر؛ وذِكرٌ للعالمين.

ثم قال -جل وعلا- {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[التكوير:28]، الذي يُريد أن يستقيم ويسير على الصراط المستقيم فالقرآن جائه لهذا، {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[التكوير:28]، ولا استقامة على الحق وعلى الطريق إلا بهذا الكتاب؛ وكل مَن خَرَجَ عنه خَرَجَ إلى الميل، وإلى الفسق، وإلى الفجور، وإلى الانحراف، وبالتالي إلى الكفر والعناد، كل صفات الذَّم إنما هي في الخروج عن هذا؛ وهذا هو طريق الاستقامة، ثم قال -جل وعلا- {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:29]، لبيان أن مشيئة الله -تبارك وتعالى- هي النافذة في خلْقِه -سبحانه وتعالى-، لا يشاء العبد شيئًا إلا في إطار مشيئة الله -تبارك وتعالى-، فإن الله -سبحانه وتعالى- هو الحَكَم العدل؛ وهو الذي قهر كل شيء وذلَّ له كل شيء -سبحانه وتعالى-، وهو الذي تمضي مشيئته، فمَن شاء الله -تبارك وتعالى- أن يجعله من أهل الهداية هداه، ومَن شاء الله -تبارك وتعالى- أن يجعله من أهل الضلال أضلَّه، وباستحقاق؛ فهذا الذي الذي سار في طريق الحق يُوفِّقَه الله -تبارك وتعالى-، والذي عاند وسار في طريق الضلال أضلَّه الله -تبارك وتعالى-، والأمر كله إليه -سبحانه وتعالى-، {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ}[التكوير:28] {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير:29]، اللهم أدخِلنا يا رب في رحمتك برحمتك يا أرحم الراحمين، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.