الثلاثاء 07 ذو القعدة 1445 . 14 مايو 2024

الحلقة (771) - سورة المطففين 25-36

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}[المطففين:22] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:23] {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}[المطففين:24] {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}[المطففين:25] {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:26] {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}[المطففين:27] {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:28] {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29] {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}[المطففين:30] {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31] {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32] {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:33] {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:35] {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين:36]، هذه الآيات الأخيرة من سورة المُطفِّفين وفيها يخبر الله -تبارك وتعالى- بعد أن بيَّن -سبحانه وتعالى- قسمة الناس قال {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}[المطففين:7] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}[المطففين:8] {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}[المطففين:9]، قد سُجِّلَت فيه أسمائهم، {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}[المطففين:10]، جدد الله -تبارك وتعالى- تهديده ووعيده للمُكذِّبين بهذا القرآن؛ المُكذِّبين بالبعث وبالنشور، المُكذِّبين الرادين على النبي -صل الله عليه وسلم- خبره الذي جائه من السماء من الله -تبارك وتعالى-، {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ}[المطففين:11]، قال -جل وعلا- {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ}[المطففين:12] {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}[المطففين:13].

ثم أخبر -سبحانه وتعالى- السبب في ظلمة قلوبهم على هذا النحو؛ وكيف يخفى الحق الذي جاء به الرسول -صل الله عليه وسلم-؟ يخفى أمر هذا النبي -صل الله عليه وسلم- ويُتهَم بما يُتهَم به؛ بأنه مجنون، وأنه ساحر، قال {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين:14]، بسبب كسبانهم من المعاصي؛ والذنوب، والبُعْد عن الله -تبارك وتعالى-، فإنها غطَّت قلوبهم فلا ينفُذ إليها الهُدى، {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]، كما حُجِبوا في هذه الدنيا عن الإيمان بربهم -سبحانه وتعالى- وعن طريقه فإن الله يحجُبُهم -سبحانه وتعالى- عن رحمته يوم القيامة، {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]، فلا يرَونَه، ومن هذه الآية استدل أهل السُّنَّة على أن المؤمنين يرَوا ربهم -سبحانه وتعالى-، فكما أنه قد حُجِبَ الكفار عن الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة فإن المؤمنين يرَون ربهم كما جاء بهذا القرآن والحديث «إنكم ستَرَون ربكم كما ترَون الشمس ليس دونها سحاب أو حجاب»، أما الكفار فإنهم محجُوبون؛ لا يرَون ربهم -سبحانه وتعالى-، وكذلك يُحجَبوا عن رحمته وعن إحسانه في الآخرة -جل وعلا-، {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15] {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ}[المطففين:16]، لصالوها؛ لذاقوا حرِّها مُحترِقون به، {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}[المطففين:17].

الطائفة الثانية قال -جل وعلا- {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}[المطففين:18]، كتابهم؛ الذي رُقِمَ فيه وسُجِّلَت فيه أسمائهم، الأبرار؛ أهل البِر، فاعلوا البِر، المؤمنون بالله -تبارك وتعالى- والذين فعلوا الخير الذي أمَرَهم الله به، لفي عِليِّين؛ في السماء العُليا، فإن الجنة في أعلى الخلْق؛ أعلى الوجود وفوقها عرش الرحمن -سبحانه وتعالى-، والنار في الأرض السُفلى؛ في أسفل الوجود، {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}[المطففين:18] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}[المطففين:19]، تهويل، وتعظيم، وتفخيم لأمر الجنة، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ}[المطففين:19] {كِتَابٌ مَرْقُومٌ}[المطففين:20] {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:21]، ثم قال -جل وعلا- واصفًا جانب من نعيم هؤلاء الأبرار فقال {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}[المطففين:22]، وكونهم في النعيم يعني أنهم يُحيط بهم هذا النعيم من كل النواحي ومن كل جوانبهم؛ فهو من أمامهم، ومن خلفهم، وعن يمينهم، وعن شِمالهم، ومن فوقهم، ومن تحتهم، فهم في جنات النعيم؛ يعني هم في هذا نعيم الجنة نهر مُطَّرِد، وغادة حسناء، وشجرة مُثمِرَة، وصَحبٌ كرام، {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا}[الواقعة:25] {إِلَّا قِيلًا سَلامًا ........}[الواقعة:26]، وحياة أبدية، وسرور دائم لا يُعكِّره أدنى شيء؛ يُعَكِّر سرورهم أي غمٍّ، ولا أي همٍّ، ولا أي حُزنٍ، لا أحزان ولا كرب عليهم قط.

{إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}[المطففين:22] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:23]، الأرائك؛ الأريكة هي المقعد المُتسِع بالمفارش الجميلة، ينظرون؛ ينظرون دون تحديد ما ينظرون إليه، وليسرح الفكر، والنظر، والعقل في ما ينظرون إليه، ينظرون إلى كل ما زخَرَه الله -تبارك وتعالى- لهم في هذه الجنة من النعيم، فالمؤمن ينظر إلى آخر مُلْكِه كما ينظر إلى أوَلِه؛ لا يحتاج لأن ينظر لآخر مُلْكِه أن ينتقل كما هو الشأن في الدنيا، إن للنظر في الدنيا حَد ينتهي إليه ثم إذا أراد إنسان أن ينظر بعد هذا الحَد لابد أن ينتقِل إليه، أما في الجنة فإن المؤمن يرى آخر مُلْكِه كما يرى أوَل مُلْكِه، ومُلْكُه مُلْكٌ عظيم؛ قصوره، دوره، خيامه، أرضه، جِنانه، ثماره، ما بثَّه الله -تبارك وتعالى- من كل أنواع الراحة؛ والحبور، والسرور، فهم على الأرائك لا عمل عندهم؛ لا شغل يشغلهم من شغل الدنيا ولا كَدح، الجنة لا يُعالِج المؤمن المُنعَّم فيها أي شيء؛ ما في شيء يأتي بعلاج، فطعام المؤمن، وشرابه، ولِباسه؛ ما في علاج، لا يبني المؤمن بيته، ولا يخيط ثوبَه، ولا يُعالِج طبخ طعامه، ولا يُعالِج الأمر لينتقل ويأتي بثمرة، بل كل شيء فيها حاضرٌ مُذَلَّل؛ لا علاج لأي شيء، فكل ما تشتهيه نفسه موجود؛ وكله حاضر، وكله مُسَخَّر مُذَلَّل، فهم {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:23]، وكونهم على الأرائك فلا عمل عندهم ولا شغل يشغلهم.

{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}[المطففين:24]، تجري نضارة النعيم؛ إشراقة النعيم تجري في وجوههم، إشراقته، وبهائه، وبياضه من السرور الذي هم فيه، فنضرة النعيم؛ نضارته وبهائه ظاهرًا يعلوا وجوههم، {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}[المطففين:24] {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}[المطففين:25]، شراب من أشربة الجنة؛ هذا خمر الجنة، {........ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ}[المطففين:25] {خِتَامُهُ مِسْكٌ}، معنى أن يكون مختوم يعني أن هذا شراب قد خُتِمَ لهم؛ فيُفتَح لهم عند شرابهم، أو مختوم قال ابن عباس مختوم ختامه مِسك يعني خِتامه في الشُّرب مِسك وليس كرائحة المِسك، وليس كشراب خمر الدنيا التي هي رائحته خمر؛ مُنتِنَة، يعني لابد من نتَنِها، فشار الخمر لابد أن تخرج بعد ذلك الخمر في أنفاسه وفي عَرَقه، أما هذا فخِتامه مِسك؛ خِتام شرابهم مِسك، فإنما تفوح منهم رائحة المِسك بعد الشراب، يقول الله -تبارك وتعالى- {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:26]، في ذلك؛ للوصول إلى هذا المكان الذي لا أسمى ولا أشرف منه ولا أنعم منه مما جعله الله –تبارك وتعالى- لأهل الإيمان، {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، هذا ميدان السباق، يعني إن كان ثمَّة شيء يُتسابَق إليه من الفضل، من الإحسان، من النعيم؛ فهذا هو، لا يُقارَن هذا أبدًا بأي أمر يتنافَس فيه الناس في هذه الدنيا، الناس يتنافسون في هذه الدنيا للوصول إلى المال؛ إلى النقود، إلى النساء، إلى المُتَع، إلى السرور، إلى السفر، إلى غيره، لكن أين متاع الدنيا من هذا المتاع الذي هيَّأه الله -تبارك وتعالى- لعباده الصالحين في الآخرة؟ لا مجال للمُقارَنة بين متاع الدنيا ومتاع الآخرة {........ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:26]، والتنافُس هو أن يسعى الإنسان لنفسه؛ ويُقدِّم نفسه هنا على غيره، يعني هنا تقديم النفس على الغير في مجال السباق، وقد دعى الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين هذا، والسباق في هذا خير ولا يأتي بضرر بل يأتي بخير، فإن السباق إلى الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد في سبيل الله، والمُسارَعَة في الخيرات؛ تؤدي إلى محبة أهل الإيمان بعضهم مع بعض، يعني عاقبتها المحبة وليست عاقبتها كما التنافُس في الدنيا، فإن التنافُس في الدنيا يؤدي إلى التباغُض والتدابُر، لكن التنافس في الآخرة... لا؛ يؤدي إلى الخير، وقد دعانا -تبارك وتعالى- في آيات كثيرة كما قال -تبارك وتعالى- {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ........}[آل عمران:133]، وقال -سبحانه وتعالى- {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ........}[الحديد:21]، قال هنا -سبحانه وتعالى- {........ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:26].

ثم قال -جل وعلا- {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}[المطففين:27]، مِزاج هذا الشراب الذي هو الرحيق المختوم يُمزَج من تسنيم، التسنيم هو أعلى شراب الجنة؛ هذا أعلى شرابهم، ولعلَّه في لفظ التسنيم من السنام؛ والسنام هو أرفع شيء في البعير، فسنام الشيء هو ذروته، فهذا التسنيم ذروة شراب أهل الجنة وأعلاه؛ يُمزَج بالرحيق المختوم للأبرار، {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ}[المطففين:27]، لكنه {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:28]، عينًا يعني صِرفًا خالصًا؛ غير ممزوج بشراب أخر، فيشرب المُقرَّبون التسنيم وهو أعلى شراب الجنة صِرفًا؛ أعلى خمر الجنة، {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:28]، والمُقرَّبون هم الطائفة العُليا من أهل الإيمان وهم السابقون، كما قال -تبارك وتعالى- في الآية الأُخرى {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً}[الواقعة:7] {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ}[الواقعة:8] {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:9] {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:10] {أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}[الواقعة:11]، والسَّابقون قيل في وصفهم هم الذي أدوا الواجبات؛ وفعلوا المُستحَبَّات، وانتهوا عن المُحرَّمات، وكذلك تركوا ما لا بأس به خوفًا مما به بأس، وكذلك تنازلوا عن كثير من المُباحات زهادةً ورغبةً في ما عند الله -تبارك وتعالى-، كما كان النبي -صلوات الله والسلام عليه- فإنه ترك كثيرًا مما يُباح زُهدًا في هذه الدنيا؛ ورغبةً في ما عند الله -تبارك وتعالى-، فلم يطلب المسكن الواسع المُريح؛ ولا الأثاث الكثير، ولا الزينة، ولا المتاع، ولم يطلب أن يكون ملِكًا رسولًا، وقد خيَّرَه الله -تبارك وتعالى- بين أن يكون ملِكًا رسولًا وأن يكون عبدًا رسولًا فرضي أن يكون عبدًا رسولًا -صلوات الله والسلام عليه-، وكان يجوع الأيام الكثيرة؛ يجوع، ويشبع، ويأكل ما يُقيت، ويقول «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا»، -صلوات الله والسلام عليه-، ولمَّا جائت نسائه يطلُبنَّ منه أن يوَسِّع عليهِنَّ في النفقة كبقية الناس بعد أن وسَّعَ الله –تبارك وتعالى- عليه أنزل الله -تبارك وتعالى- قوله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:28] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، ولمَّا نزلت هذه الآية خيَّر النبي نسائه بين أن يعِشنَّ على هذه الحياة التي ليس فيها توسُّع في هذه المُباحات وبين الطلاق، فكلُّهنَّ قَبِلنَّ أن يعِشنَّ ويحيينَّ مع النبي -صل الله عليه وسلم- حياته التي ارتضاها لنفسه؛ هذه الحياة التي تخفَّف النبي فيها من كل أمور الدنيا، وكان عُمَر يقول «يا رسول الله ادعوا الله أن يُوَسِّع على أُمَّتِك فيقول ما لي وما للدنيا؛ إنما أنا كراكب استظل تحت ظِل شجرة ثم تركها».

الشاهد من هذا أن المُقرَّبون السَّابقون هم الذي فعلوا الطاعات الواجبة؛ وكان لهم بابٌ عظيم في المُستحبَّات، فهم مُتنافِسون في الخيرات وفي المُستحَبَّات، ثم أنهم كذلك انتهوا عن المُحرَّمات؛ عن ما حرَّمَه الله -تبارك وتعالى-، ثم بعد ذلك تركوا ما لا بأس به، ثم تركوا كثيرًا من المُباحات زهادةً ورغبةً في ما عند الله -تبارك وتعالى-، ما دونهم من الأبرار قيل أنهم هم الذي أدوا الواجبات؛ وانتهوا عن المُحرَّمات، وكان لهم نصيب قليل في بعض المُستحبَّات، ويدخل فيهم كذلك الظالم لنفسه وهو الذي قصَّرَ في بعض الواجبات أو قصَّرَ في بعض الطاعات؛ فإن الله -تبارك وتعالى- قد تجاوز لهؤلاء، كما قال –جل وعلا- {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر:32]، فالسَّابِق بالخيرات هذا هو الذي من أهل السَّبْق؛ من المُقرَّبين، والمُقتصِد هو الذي أدى الواجبات وانتهى عن المُحرَّمات، والظالم لنفسه هو الذي عنده تقصير إما في بعض الواجبات أو إتيان بعض المُحرَّمات؛ لكن الله تجاوز لهؤلاء، لكن هؤلاء درجات، الله -تبارك وتعالى- هنا جعلهم درجتين؛ درجة المُقرَّبين والسابقين، والدرجة التي دونَهم من الأبرار وعموم المؤمنين، فهؤلاء يشربون شرابًا، ويتمتَّعون مُتَعًا، وينزلون منازل في الجنة غير منازل مَن دونَهم في هذا، والجنة مُتفاضِلة كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «إن في الجنة مائة درجة أعدَّها الله للمُجاهِدين في سبيله؛ ما بين الدرجة والدرجة ما بين السماء والأرض»، وقال «إن أهل الجنة ليترائَون الغُرَف فوقَهم كما تترائَون النجم البعيد الغابر في الأُفُق من المشرق أو المغرب لِبُعْد ما بين الدرجتين»، فالبُعْد في المنزِلَة وكذلك تفاضُل أنواع المتاع؛ من القصور، والدور، والخيام، والحور، وكذلك من الأشرِبَة؛ فإن خمر هؤلاء غير خمر هؤلاء، قال -سبحانه وتعالى- ومِزاجه؛ مِزاج الرحيق المختوم من تسنيم، عينًا؛ صِرفًا، {........ يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}[المطففين:28].

ثم لمَّا ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- نعيم هؤلاء بدأ يُبيِّن لِما أصبح هؤلاء المجرمين في هذه النار؛ ولِما أصبح هؤلاء المؤمنين قد نالوا ما نالوه من هذا الإحسان، قال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29]، إن الذي أجرموا؛ أهل الإجرام، الإجرام؛ الجُرْم هو الذنب العظيم، والذين أجرموا؛ فاعلوا الإجرام، فاعلوا هذه الذنوب؛ ومنها الكفر، والعناد، {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا ........}[المطففين:29]، أي في الدنيا، {........ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29]، يضحَكون منهم؛ من إيمانهم، وصلاتهم، وتصديقهم بما صدَّقوا به، والطاعات التي كانوا يعملوها كانوا يضحَكوا منها؛ ويستهزئون منهم، ويرَون أن أهل الإيمان قد ضَلُّوا الطريق؛ وأنهم هم الذين على الحق والصواب، {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}[المطففين:29] {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}[المطففين:30]، إذا مر أهل الإيمان بهم؛ بهؤلاء المجرمين، يتغامزون؛ يتعامزون عليهم إما بالإشارة، وإما بالكِناية، وإما بإشارة اليد أو بإشارة العين أو غيرها، يتغامزون أن انظروا إلى هؤلاء المساكين؛ الجُهَّال، المُتخلِّفين، الذين لا عقل لهم، الذي تركوا الدنيا؛ وتركوا نعيمها، وتركوا الحياة الحقيقية وذهبوا إلى ما ذهبوا إليه،فكان يتغامز الكفار بهؤلاء المؤمنين.

{وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31]، إذا انقلبوا؛ رجعوا، يعني إذا رجع الكفار، فهم مع أصدقائهم ومع الرَّبع يستهزئون بالمؤمنين، {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ ........}[المطففين:31]، إلى زوجاتهم وأولادهم، {انقَلَبُوا فَكِهِينَ}، رجعوا إليهم فَكِهين، الفَكِه هو المرِح؛ الضاحِك، المُستبشِر، الذي لا يحمِل همًّا، وإنما هم جمعوا كل أنواع الإساءة؛ جمعوا بين احتقارهم للمؤمنين واستهزائهم به، وكذلك الأمن؛ أنهم كانوا آمنين في هذه الدنيا، ومُرتاحين إلى فعلهم؛ وضاحكين له، ومسرورين به، ويرَون أنهم على الصراط المستقيم وأنهم قد أمِنوا كل الأمن؛ فلا تفكير عندهم في جنة، ولا في نار، ولا في بعث، ولا في نشور، ولا في قيامة، هذا أمر لا همَّ يحمِلونَه عندهم ولذلك هم فرِحون بما هم فيه من هذه الدنيا، {وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31]، كما قال -تبارك وتعالى- أيضًا عنهم {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ}[الانشقاق:10] {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا}[الانشقاق:11] {وَيَصْلَى سَعِيرًا}[الانشقاق:12] {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا}[الانشقاق:13]، إنه؛ يعني هذا المجرم، كان في أهله؛ في الدنيا مسرورًا، {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}[الانشقاق:14]، إنه ظن؛ اعتقد، أن لن يحور؛ لن يرجِع إلى الله -تبارك وتعالى- ويُحاسِبَه الله.

{وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:31] {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32]، إذا رأواهم؛ يعني هؤلاء المجرمون إذا رأوا أهل الإيمان {........ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32]، هكذا بكل هذه المؤكِّدات؛ إن المؤكِّدة، وهؤلاء بالإشارة إليهم القريبة التي تدل على أنهم يعرِفونَهم، لضالون؛ باللام المؤكِّدة، {........ إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32]، بهذه الجملة التي وضِعَ فيها كل هذه المؤكِّدات، فهم عند أنفسهم مُعتقِدون أن أهل الإيمان ضالون؛ قد ضلُّوا الطريق، ولم يعرفوا طريقهم ولا دربهم، وأنهم هم الذين على الهُدى وعلى النور، {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ}[المطففين:32]، قال -جل وعلا- {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ}[المطففين:33]، يعني لم يُرسَل هؤلاء الكافر على أهل الإيمان حافظين لهم؛ يعني ليسوا هم مُكلَّفين بهم، ولا موكَّلون بهم حتى يُلزِموهم الطريق ويدعونهم... لا؛ ما كانوا مُكلَّفين، وإنما هذا إنما هو تعدِّيهم وإجرامهم؛ ورأيهم أنهم هم على الصواب، وأن أهل الإيمان الذي أطاعوا ربهم -سبحانه وتعالى- وآمنوا به هم على الضلال.

يتبدَّل الأمر خلاص؛ هنا لابد أن يتبدَّل الأمر، قال -جل وعلا- {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، اليوم؛ اللي هو يوم القيامة، {........ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، تبدَّلَت الصورة؛ كان في الدنيا أهل الكفر وأهل الإجرام يضحَكون من المؤمنين، لكن عندما جاء يوم القيامة ووضِعَت الأمور في مكانها فأهل الإيمان في الجنة وهم ينظرون إلى هؤلاء المجرمين؛ وهم يرسفون في أغلالهم، ويُقادون إلى النار؛ فيضحَكون منهم، {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34]، يضحَكون من الكفار عند رؤيتهم في حالهم في الذُّل والهوان الذي هم فيه؛ وفي العذاب الذي يُجَرجَرون إليه، فعند ذلك لقد تغيَّرَت الصورة تمامًا وأصبحَت هذه هي الصورة الحقيقية؛ وهذا هو الجزاء الذي أناله الله -تبارك وتعالى- كُلًا.

{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:35]، رجع ذِكرهم هنا على الأرائك؛ في غُرَف الجنة، الأرائك الموضونة والمنسوجة بالذهب والمفروشة بفُرُش، قال -تبارك وتعالى- في بعض هذه الفُرُش {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}، هذه البطانة؛ فكيف بالظِّهارة؟ {........ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}[الرحمن:54]، وقال في الأُخرى {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}[الرحمن:76]، فهم على هذه الأرائك وعليها هذه الطنافِس وهذه الفُرُش البديعة الجميلة ينظرون؛ ينظرون إلى المجرمين، ينظرون إلى هؤلاء المجرمين وكيف يُعذِّبهم الله -تبارك وتعالى- هذا العذاب جزاءًا على استهزائهم بالمؤمنين في دار الدنيا؟ وهذه الآيات تُشبِه قول الله -تبارك وتعالى- ونداء الله -تبارك وتعالى- للكفار {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}[المؤمنون:99] {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}، قال -جل وعلا- {........ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:100] {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون:101]، ثم إن الله -تبارك وتعالى- يقول لهم {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}[المؤمنون:112] {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:113] {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[المؤمنون:114] {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115] {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:116]، وقبلها يقول لهم الله -تبارك وتعالى- عندما يقول {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}[المؤمنون:107]، يقول لهم الله -عز وجل- {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون:108] {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}[المؤمنون:109] {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}[المؤمنون:110]، يُذكِّرهم الله -تبارك وتعالى- بما كانوا عليه في الدنيا فقال {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}[المؤمنون:109] {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا}، كنتم تضحَكون منهم، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}[المؤمنون:110] {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}[المؤمنون:111]، بما صبروا على استهزائكم وضحكم في الدنيا.

الله هنا -سبحانه وتعالى- يقول {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ}[المطففين:34] {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}[المطففين:35]، ثم قال -جل وعلا- {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين:36]، نعم ثوِّبَ الكفار ما كانوا يفعلون، ثوِّبوا يعني أخذوا ثواب عملهم، والثواب؛ الجزاء هنا، هل ثوِّبَ الكفار يعني هل جُزيَ الكفار وأخذوا نتيجة عملهم حقًا؛ أعطاهم الله -تبارك وتعالى- جزاء عملهم؟ نعم لقد ثوِّبَ الكفار ما كانوا يعملون بحكمة الله؛ وبحُكمه -سبحانه وتعالى-، وبعدله فيهم، فإن الله -تبارك وتعالى- هو الحَكَم العَدل، فكما أنهم ضحِكوا من أهل الإيمان؛ واسهزأوا بهم، وعاشوا في الدنيا فرحين؛ مسرورين، لا يحمِلون همًّا، وكذَّبوا بما جائهم من الحق؛ كذَّبوا الرسول -صل الله عليه وسلم-، وردُّوا مقالته، واستهزأوا بالدين، ولم يُعيروا ولم يحمِلوا همًا لهذه الآخرة، ولم يجعلوا لهذا الدين نصيب وكأنهم خُلِقوا في هذه الدنيا عبثًا وسُدىً؛ وكان هذا فِعلهم مع أهل الإيمان، فكانت النتيجة أن عاقبهم الله -تبارك وتعالى- بجِنس إجرامهم وجِنس عملهم، {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المطففين:36]، لابد أن يقول المؤمن نعم؛ لقد ثوِّبَ الكفار ما كانوا يفعلون.

استغفر الله العظيم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.